بغداد : مصطفى الهاشمي – تصوير : علي الغرباوي/
تمثل المقاطعة الجمعية إحدى أبرز أدوات الضغط الاقتصادية التي ينتهجها الجمهور، في بلدان العالم كافة، للاعتراض على الخدمات التي تقدمها شركات القطاع الخاص، أو اجبارها على تخفيض أسعار وأجور خدمات معينة، إلا أن أسلوب المقاطعة الاقتصادية غائب في العراق على جميع السلع والخدمات التي من بينها الغذاء اليومي المتمثل بالخبز أو الصمون.في العراق تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي في استقطاب عدد كبير من المواطنين للانضمام إلى حملات مختلفة لمقاطعة جهات متعددة، كالأفران، كنوع من الأساليب المشروعة التي تمارسها مجموعات واسعة ضد فئات معينة بهدف الضغط والمناشدة لاستنفار الروح الإنسانية والحد من الجشع، في ظل ظروف صعبة يعيشها الفقراء ومحدودو الدخل.
حملة ضغط هادفة
في هذا السياق يقول المختص في الشأن الاقتصادي (علي معروف) إن “الحملة التي أطلقها ناشطون على الفيسبوك تهدف إلى الضغط على أصحاب المخابز والأفران التي تبيع 5 و 6 أرغفة خبز بسعر 1000 دينار وترك التعامل معهم، بغية إجبارهم على إرجاع تعاملهم القديم الذي كانوا يبيعون فيه 8 أرغفة خبز بسعر 1000 دينار.”
أضاف معروف، في حديثه لـ “مجلة الشبكة”، أن “المخابز والأفران يفترض أن تكون خاضعة لرقابة وزارة التجارة (الشركة العامة لتجارة الحبوب)، التي تحدد وزناً معيناً لعجينة الخبز أو الصمون بسعر معين، على أن تلتزم جميع الأفران والمخابز بذلك، وفقاً لشروط منحها الإجازة لأصحاب الأفران والمخابز.”
تعزيز ثقافة المقاطعة
ودعا معروف، في الوقت نفسه، إلى “تعزيز ثقافة المقاطعة الاقتصادية التي دعت وتدعو لها صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلين انتشار خدمة الإنترنت على نطاق واسع في عموم العراق، ووصول هذه الخدمة إلى الهواتف المحمولة، التي من خلالها تبنى ناشطون على قدر من الوعي والمسؤولية المجتمعية والثقافة الاقتصادية إطلاق مثل هذه الحملات.”
وبين ضرورة أن “تدعم الحكومة هذه الحملات كونها تخفف الأعباء كثيراً عن محدودي الدخل والفقراء من المواطنين وتقليل تداعيات ارتفاع الأسعار على المدخولات الخاصة بهم.” مشيراً إلى أن ” المخابز والأفران تحقق أرباحاً معقولة، إذ إنها تحصل على الدعم في توفير المحروقات من قبل وزارة النفط التي تبيعهم النفط بأسعار مدعومة جداً، وأن الأرباح تتحقق من خلال حاجة الجمهور إلى شراء الخبز أو الصمون لأكثر من مرة في اليوم الواحد.”
وأكد معروف ضرورة “استمرار الضغط على (المغالين) في الأسعار، إذ إن دولاً عديدة سبقتنا في مجال المقاطعة واعتمدتها كسلاح اقتصادي يشهره مواطنوها بوجه المتلاعبين والاستغلاليين للحد من جشعهم وإجبارهم على مراعاة الظروف الاقتصادية للأفراد والعائلات، لأن الجميع يشترون من المخبز أو الفرن بدون السؤال عن السعر، في المعتاد.”
المواطن والأمور الخافية
من جهته، يرى (عباس السعدي – صاحب مخبز) أن “هناك العديد من الأمور الخافية التي لا يعرفها المواطن، التي تسببت بوضع جديد لم يعهده الجمهور من قبل، أدت إلى ارتفاع أسعار الخبز أو الصمون وتقليل أعدادها.”
وأوضح السعدي لـ “الشبكة” أن “من هذه الامور أن سعر كيس الطحين وصل إلى 25 ألف دينار، فضلاً عن غلاء سعر الوقود، ما أدى إلى أن يصبح وزن الرغيف 100 غرام، بعد أن كان 120 غراماً، كما أن كمية الوقود المخصصة لأصحاب الافران، وهي 2000 لتر لم تعد تكفي، ما يدفع الكثيرين إلى رفع الأسعار أو التلاعب بوزن رغيف الخبز والصمون.”
التلاعب بقوت الشعب
إلى ذلك، يقول المواطن (حمودي أحمد) إن “سعر 10 (صمونات) كان 1000 دينار حتى وقت قريب، في حين أصبحت الأفران الآن تبيع 8 صمونات بألف دينار، عاداً هذا بـ (التلاعب بقوت الشعب)، داعياً في الوقت نفسه الدوائر المختصة في وزارة التجارة إلى فرض الرقابة والمتابعة على أصحاب الأفران والمخابز ومحاسبتهم، وسحب الإجازة من المخالفين لضوابطها منهم، وإغلاق محالهم بالشمع الأحمر وتغريمهم مادياً كعقوبة مستحقة. كما يشكو عدد كبير من المواطنين من رداءة الطحين الذي يوزع ضمن مفردات البطاقة التموينية، ما يدفعهم لبيعه إلى (الدوارة) بأثمان بخسة وشراء طحين أفضل منه، أو التوجه نحو المخابز وأفران الصمون لاستبداله، كما تفعل بعض الأفران المنتشرة في عموم البلد.”
استيفاء الشروط المطلوبة
من جانبه، قال مصدر في الشركة العامة لتصنيع الحبوب لـ “الشبكة” إن “الشركة تمنح إجازات للأفران والمخابز بعد استيفاء الشروط المطلوبة منها وإكمال الإجراءات من الجهات الأخرى ذات العلاقة كوزارة الصحة ودوائر البلدية.”
وأضاف المصدر أن “الشركة مستمرة في الرقابة، لكنها الآن متركزة على المطاحن ومحاسبة أصحابها المخالفين، وأن من واجبات فرق الرقابة مراقبة الأفران والمخابز في جولات تفقدية أسوة بالمطاحن.”
وأكد أن “الشركة حريصة على تقديم أفضل الخدمات إلى المواطنين، وحريصة على توفير نوعية الطحين الجيدة لكل من المواطن والأفران والمخابز.”