البصرة / صبا سامي
يمتاز سمك الصبور بطعمه اللذيذ، إذ يعد من أفضل الوجبات عند البصراويين. لذلك يتفرغ غالبية الرجال لموسم صيده الذي يمتد من شهر آذار إلى شهر آب،فهو الأكلة المفضلة لفقراء البصرة بأسعاره المناسبة لهم، لكنه بات اليوم يباع بأسعار مرتفعة، ولا يستطيع شراءه إلا أصحاب المدخولات العالية.
فقد شهد موسم الصيف، وهو موسم (الصبور)، ارتفاعاً كبيراً جداً في أسعاره في السوق، ولاسيما أن موسمه قصير جداً، لذلك هناك إقبال كبير من المواطنين على شرائه على الرغم من سعره المرتفع، لأن (زوج الصبور) بأحجامه المختلفة يحتل الصدارة في أسوق بيع السمك، وفي الوقت ذاته تتراجع أسعار بعض أنواع السمك الأخرى.
يقول السماك (أبو جمال) إن “البصريين كانوا يجمدون سمك الصبور قبل فترة انقطاعه، وذلك بشراء كميات كبيرة منه ليستخدموها في طعامهم فترة ما بعد انقطاعه من السوق، إذ إنهم يخزنونه للمواسم الأخرى، وأحيانا يباع الصبور بعد شهر آب كسمك مجمد في أسواق بيع السمك، حيث يقوم باعة السمك بشرائه في موسمه، ويجري تجميده، ومن ثم يقومون ببيعه في فترة انقطاعه.” أبو جمال حدثنا عن مصادره قائلاً:
“يكون شراء الصبور، الذي يسمى (صبور تازة)، أي -كما نقول- في موسم نزوله من قضاء الفاو. أما الصبور المجمد فبعد انتهاء موسمه، كما يأتي قسم منه من إيران. الصبور يلاقي إقبالاً كبيراً جداً من المواطنين، ليس فقط في محافظة البصرة، بل إن هناك إقبالاً واسعاً على شرائه في معظم محافظاتنا، حين يجري -عند زيادة أعداده- إرسال كميات كبيرة منه إلى بقية المحافظات العراقية، برغم ارتفاع أسعاره، إذ يصل سعر زوج الصبور (الخشن والكبير) من 100 ألف إلى 120 ألف دينار عراقي، في حين يصل سعر زوج الصبور الوسط من 55 إلى 60 ألف دينار، والزوج الصغير من 25 إلى 30 ألفاً، وعلى الرغم من هذه الأسعار، نلاحظ مواظبة المواطن على شرائه.”
صبور الفاو
ويوضح أبو جمال أن “صبور قضاء الفاو، الذي يأتي كل يوم بواسطة (اللنجات) يختلف عن صبور الشط الذي يصل عن طريق الصيادين، وكل يوم هناك رغبة في شراء صبور الفاو من قبل المواطنين، أكثر من أنواع الصبور الأخرى التي تأتي عن طريق الصيادين، وهي صبورة الشط.”
وعزا أبو جمال ارتفاع سعر الصبور إلى موسمه القصير، إذا ما قورن بمواسم الأسماك الأخرى، كذلك لطعمه وفوائده الكثيرة، وكمياته التي تعتبر قليلة بالنسبة لكميات الأسماك الأخرى. لذلك نجد أنه في موسم الصبور يحصل تفاوت كبير جداً في أسعار السمك بصورة عامة، فمنها ما تبور بسبب إقبال الناس على شراء الصبور، ومنها ما ترتفع أسعارها لإقبال الناس عليها، أي كما نقول هناك (مراوس) بينها وبين الصبورة، ولاسيما أسماك (القطان والبني) التي قد يصل سعر الكيلو منها بين 15 إلى 20 ألف دينار، التي تأتي من إيران، وتحديداً من الأهواز، علماً أنه ليس لها وقت معين، وهذا بدوره يجد منافسة، لكن ليست بالكبيرة، مع وجود الصبور في السوق، لأنه مرغوب أيضاً من قبل المواطن البصري.”
فيما يذكر صياد الأسماك (حسين الرماحي) أن “سمك الصبور، يعرف بـ (سيد المائدة البصرية)، وفي هذا الموسم، وأتحدث عني وعن غالبية باعة السمك في هذا السوق، نتجه إلى شراء كميات كبيرة من أزواج الصبور، التي يصل سعر الزوج الخشن منها إلى 125 ألف دينار، وهذا يحدث في بداية نزوله، فنترك بيع بقية الأسماك لتتركز مهنتنا على بيع الصبور فقط، لأن الكمية سرعان ماتنفد بسبب إقبال المواطن البصري المتعطش لتناول الصبور، ولاسيما ( التازة) منه.”
سيد المائدة
من جهته، يؤكد (رياض علي) الذي كان يتجول في السوق بحثاً عن سعر جيد للصبور، أن “العائلة البصرية، أسوة ببقية العوائل، تفضل سمك الصبور على ما سواه من أسماك، مع عشقنا لأنواع السمك الأخرى، ولكن رغبتنا في تناول الصبورة تختلف، وننتظر موسم نزول سمك الصبور بفارغ الصبر، وبرغم ارتفاع سعره، إلا أننا لا نتراجع أو نتوانى في شرائه.” وأحب أن أقول للأصدقاء “ستكون عزيمتكم وجبة غداء من سمك الصبور مع رز الباقلاء والشبنت.” وهذه عادة العوائل البصرية، إذ إنهم يعدون رز الباقلاء الخضراء مع الشبنت في وجبة الصبور. وهذا أجمل وأرقى شيء ممكن أن يقدم في عزيمة الضيوف. ولا أتصور أن “أية عائلة عراقية ممكن أن تتهاون في شراء الصبور عند نزوله، إذ تجد المواطن يتجه الى بسطيات بيع الصبور في سوق السماكة متناسياً، وتاركاً خلفه أنواع الأسماك كافة التي كان يشتريها بلهفة قبل موسم الصبور، ولاسيما أن الصبورة تتميز بطعمها وفوائدها الجمّة ورائحة شوائها. وبعد انتهاء موسم الصبور نقوم بشراء الصبور المجمد لعدم كفاية ما لديه من الصبور، أو إنه يقوم بشراء الصبور (التازة) في موسمه ومن ثم تجميده وحفظه للمواسم الأخرى.”