ضمائر حية في عالم اختلت معاييره برلمانيون غربيون: إسرائيل مجرمة حرب

رصد: هند الصفار/
بصوت صارخ مدوٍّ وسط مئات الألوف من المحتجين، صرخ النائب عن حزب العمال البريطاني (آندي ماكدونالد): “كفى قصفاً.. كفى حصاراً.. كفى احتلالاً”. ما أثار المحتجين المؤيدين لما يقول. لم يكتف ماكدونالد بذلك، بل أعاد شريط القصة إلى الوراء مذكراً بنكبة فلسطين قبل 75 عاماً. معتبراً أن ما يحدث اليوم من جرائم هو استمرار لجريمة النكبة، مؤكداً لشعبه وحكومته التي شاركت في صنع النكبتين أن إسرائيل مجرمة حرب.
وأنها تقوم بأعمال يندى لها الجبين، بجرائم ضد الإنسانية تعارض القانون الدولي، وأن هذا الأمر لا يتعلق بحماس، بل إنها أفعال تطهير عرقي لأكثر من مليوني فلسطيني.
وسط مناخ معاد لكل ما هو عربي وإسلامي، وفي ظل هيمنة اللوبي الصهيوني على القرار الأوروبي الذي ظل مسانداً لهذا الكيان، متغاضياً عن جرائمه، صدحت أصوات شجاعة بكلمة الحق وكأنها شموع أضاءت ظلام أوروبا، برفضها الإقرار بحقيقية الجرائم الشنيعة التي يمارسها الكيان الصهيوني. ففي داخل البرلمان الهولندي وقف البرلماني (ستيفان فان بارلي) ليؤكد أن من حق فلسطين أن تكون دولة حرة، داعياً الى إنهاء الاحتلال العنصري، مطالباً بالحرية للفلسطينيين وإعطائهم حق العيش في بلدهم بلا عنف. ما أثار حفيظة رئيسة البرلمان وبعض الأعضاء الذين طالبوه بالتخلي عن بعض عباراته التي اعتبروها غير ملائمة داخل البرلمان، إلا أنه أصر على كل كلمة قالها، ورفض تغيير أي منها. بل قال أخيراً: “أنا أدافع عن حقوق الفلسطينيين، وأقول ذلك بالطريقة التي تناسبني.”
جرائم وحشية
أما في بلجيكا، فقد تحدى النائب في البرلمان البلجيكي ذو الأصول المغربية (نبيل بوكيلي) سفير الكيان الصهيوني عند حضوره إلى البرلمان ورفع علم فلسطين مخاطباً إياه قائلا: “إني أرفع العلم رفضاً لقراركم بمنع رفع العلم الفلسطيني واعتباره جريمة عندكم، وهذا تأكيد على السياسة العنصرية التي تمارسونها ضد الفلسطينيين.”
ومع أن فرنسا تساند الكيان المغتصب في عدوانه، إلا أن النائبة في البرلمان الفرنسي (ماتيلدا بانوت) أدانت كل الاعتداءات الصهيونية الأخيرة، وقدمت إحصائية لكل ما جرى، مؤكدة أن “هذه جرائم حرب.” وقالت بلهجة غاضبة وهي توجه كلامها إلى رئيسة الوزراء التي كانت تحضر الجلسة: “أوقفوا الحرب، لماذا تسكت فرنسا؟” وسط تأييد عدد من البرلمانيين الفرنسيين داخل القبة البرلمانية، الذين صفقوا لها دعماً لكلماتها وموقفها الرافض لكل الاعتداءات ضد الفلسطينيين العزل.
أدينوا الصهاينة
وانضم نائب آيرلندي إلى قائمة النواب الغربيين المحتجين على سياسة الاحتلال والاعتداءات السافرة ضد المدنيين الفلسطينيين، إذ قال النائب (مات كارثي): “الجميع أدان حماس على ما فعلته في السابع من أكتوبر، لكن لم يدن أحد أفعال اسرائيل منذ عقود عدة من قتل وتشريد واحتلال وبناء مستوطنات على حساب أصحاب الأرض.”
وفي البرلمان الأوروبي، أبدت نائبة آيرلندية استياءها مما يحصل حين قالت: “نحن نبني المنازل والمدارس وإسرائيل تدمرها وتقتل الأطفال والمدنيين، ومازلنا نحن في البرلمان الأوروبي نقول إن اسرائيل صديقتنا، اليوم علينا مناقشة ذلك.” وفي ذات البرلمان جرى طرد النائب الإسباني (مانو بينيدا) لارتدائه الكوفية الفلسطينية معلناً تضامنه مع فلسطين وأهل غزة، الذي علق قائلاً: “لماذا تمنعون الكوفية وتسمحون بالطاقية اليهودية؟” وأضاف: “إن اللوبي الصهيوني بمخالبه يحاول إسكات التضامن مع فلسطين، لكنهم لن ينجحوا.”
ويواجه البرلمان الأوروبي استنكارات شديدة من قبل الأعضاء اليساريين والوسط لموقفه الداعم لإسرائيل، إذ يقف هؤلاء النواب مع إدانة إسرائيل لما تقوم به من انتهاكات ضد الفلسطينيين واعتبار ذلك جرائم حرب، حسب تصريحات كبير الدبلوماسيين في البرلمان الأوروبي (جوزيب بوريل)، ويتفق معه (ايراتكس جارسيا) زعيم المجموعة الاشتراكية من يسار الوسط في الاتحاد الأوروبي.
أما في الكنيسيت الإسرائيلي فقد تحدث النائب العربي الدكتور (أحمد الطيبي) عن فوبيا إسرائيل من العلم الفلسطيني. وقال في مقطع متلفز باللغتين العبرية والعربية مندداً بالإجراءات الإسرائيلية ضد فلسطين وعلمها: “أصبحت عندكم فوبيا، ليس من فلسطين وحسب، بل حتى من ألوان علمها.”
اصمدوا يا أحبتي..!
من جانبها، ناشدت (عائدة توما سليمان)، العضوة العربية أيضاً في الكنيسيت، العالم وإسرائيل بالذات، إيقاف الحرب فوراً على غزة، ونددت بالاحتلال.، ونعت الراحلين إلى السماء من جراء الاعتداءات العسكرية لإسرائيل على المدنيين من خلال اجتماعات طارئة وبيانات نشرت على حسابها الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي وصرخت: “اصمدوا يا أحبتي..!” وأضافت “لن نخرس ولن نخاف”، وفي داخل الكنيست صرخت بالعبرية “أبعدوا المدنيين عن دائرة الدم”، وأعلنت تضامنها مع 19 عائلة عربية فقدت أحبتها في شمال فلسطين، وبدأت بتعداد العائلات المتضررة في إحصائية، ما أثار الصراخ ومحاولة قطع كلمتها داخل الكنيسيت من قبل نائبتين إسرائيليتين. كما دافعت عن أطفال غزة، ما اثار غضب الأعضاء الإسرائيليين داخل الجلسة.
ومع تزايد الاستنكار العالمي لما يقوم به الكيان المحتل في غزة، فإن تأثير مواقف البرلمانيين والدبلوماسيين يعتبر الأقوى لأنه يأتي من سلطات تشريعية لدول غير عربية، وهم الدليل لإظهار الحقيقة لشعوبهم.