يوسف الحسيني /
“مجسمات وابتكارات علميّة ترسم رؤية شبابية لملف التعاطي مع التكنلوجيا الحديثة”، هذا هو العنوان الذي يمكن ان يقال عن معرض النتاجات العلمية لطلبة قسم الهندسة الإلكترونية والاتصالات في جامعة المثنى: أجهزة ومنظومات كهربائية وإلكترونية قيل إنها أفكار مميزة تصلح كمشاريع تخرج، او بحوث للدراسات العليا، والأهم أن هناك أفكاراً لدى الطلبة لتوظيف التكنلوجيا لصالح مشاريعهم المستقبلية الخاصة التي تغنيهم عن البحث عن وظيفة حكومية.
في تجربة هي الأولى منذ افتتاحه، نظّم قسم الهندسة الإلكترونية والاتصالات في جامعة المثنى معرض الابتكارات والنتاجات العلمية لطلبة المرحلة الثانية، قُدِّمت فيه مجسمات وأفكار لتصنيع أجهزة ومنظومات كهربائية وإلكترونية. يقول الأستاذ الدكتور أحمد حسن علي عميد كلية الهندسة إن “ثمة افكاراً رائعة عُرِضِتْ من قبل الطلبة، إذ صنّعوا منظومات إلكترونية وأجهزة بشكل لافت، كان ذلك ثمرة للدروس العملية التي تلقوها طوال العامين الماضيين.” مضيفاً في حديث لـ (الشبكة) أن “قسم الهندسة الإلكترونية والاتصالات، وعلى الرغم من حداثة تأسيسه والتعثر وعدم الانتظام في الدروس العملية بفعل جائحة كورونا، إلا أن الطلبة والاساتذة استطاعوا التعويض واللحاق وبالتالي تقديم نتاجات متميزة.”
منظومات إنذار مبكر لتحسس رطوبة التربة وتسرب الغازات، وأخرى ذاتية الشحن وتتبع أشعة الشمس، وجهاز لتنظيم إنارة الشوارع.. هي من بين الأفكار المنفذة التي استحوذت على اهتمام المتابعين.
الطالبة ضي العيون أحمد، حدثتنا عن مشروعها الذي هو عبارة عن عصا تخطي العقبات للمكفوفين إذ قالت: “تتألف المنظومة من حساس للمسافة تكون برمجته من خلال معالج للكشف عن الأجسام باستخدام الموجات فوق الصوتية، التي تصدر إشارة تنبيه للمكفوف لتخطي العقبة التي تعترضه أثناء سيره، إذ تمكنه من تحديد المسافة عن الأجسام.”
وعن مشروع منظومة إنارة الشوارع الذكية، قالت الطالبة فاطمة هيثم سعدون إنه “عبارة عن منظومة إنارة ليلية للشوارع التي تعتمد مصابيحها على الطاقة الشمسية، وتتألف من متحسسٍ لاستشعار كمية الضوء القليلة او المعدومة وإرسال إشارة تحفيزية لإضاءة المصابيح.”
منظومة قياس رطوبة التربة
في جهة مقابلة من قاعة العرض، في قسم المختبرات العلمية الهندسية، شاهدنا منظومة لقياس رطوبة التربة للطالب قيصر مهدي، وفكرة المشروع تستند الى تحويل نسبة الرطوبة في التربة المروية الى إشارة كهربائية يمكن قياسها، وهي من الأفكار الساعية للتحكم بكميات وأوقات عمل منظومات الري.
عن مشروع عصا المكفوفين، قال رئيس قسم الهندسة الإلكترونية والاتصالات الأستاذ الدكتور عودة رحيمة إن “آفاق تطويره المستقبلية يمكن أن تكون من خلال وضع مفتاح للتشغيل والإطفاء لتقليل استهلاك البطارية، لكن الأهم هو إمكانية جعل العصا ترسل إشارات الى سماعة الأذن عن طريق البلوتوث.” أما عن مشروع تنظيم الإنارة الليلية يضيف الدكتور رحيمة: “يمكن ربط المنظومة بأعمدة الإضاءة التي تعمل بالخلايا الشمسيّة.” يكمل: “جميع المشاريع عمل عليها الأساتذة مع الطلبة، واللافت أن البعض منها يندرج ضمن مشروع الطاقة البديلة النظيفة، والقسم الآخر هو للمتطلبات الحياتية اليومية من خلال مشاهدات الطلبة لحاجات المجتمع، ومنظومة تحسس رطوبة التربة يمكن تطويرها لتحديد مدى حاجة النباتات الى المياه، وبالتالي التشغيل التلقائي لتقنية السقي.”
المعرض كان فرصة سعت إليها كلية الهندسة من اجل التعرف على أثر الدروس العملية خلال العامين الماضيين من عمر القسم المستحدث. إذ أشار عميد الكلية الدكتور أحمد حسن علي، الى “أن الطلبة ركزوا في مشاريعهم على الطاقة البديلة وحل المشاكل التقنية في يوميات الإنسان، أي أنها مشاريع ممكنة التنفيذ وقابلة في ذات الوقت لأن تكون جزءاً من مشاريع تخرج الطلبة.”
قطاع علمي
وأمام كم المبتكرين، خصّ رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عامر علي العطوي (الشبكة) بالإعلان عن “نية الجامعة في تحويل القسم الى كلية لهندسة الإلكترونيات والاتصالات وفقاً لحاجة القطاع العلمي المتنامي وسط تزايد الاعتماد على أنظمة الأتمتة الإلكترونية وتقنيات الاتصالات الحديثة.” العطوي أضاف “تعمل الجامعة على وضع الخطط التي تهدف الى تعزيز الجانب العملي في الكليات، فالعالم اليوم، من خلال التعليم الأكاديمي، يتوجه صوب تطوير مهارات الطلبة، وهي مهارات نقل الجانبين المعرفي والنظري الى الجانب التطبيقي الذي يسهم في بناء التقنيات النافعة للقطاعات الحياتية، وقسم الهندسة الإلكترونية والاتصالات من الاقسام المستحدثة المهمة جداً، لأنه لغة العصر والاقتصاد، ونحن بصدد إعداد دراسة تفصيلية لتحويل هذا القسم الى كلية للهندسة الإلكترونية والاتصالات، لهذا أنا سعيد بما وجدته من خيال منتج للطلبة وأساتذتهم، والجميل هو أن العقول الشابة بدأت في تلمس حاجة السوق والبحث في آليات تنفيذ أفكارهم في المستقبل كمنتج له حضوره في القطاعات الصناعية.”
مشاريع خاصة
وكانت كلية الهندسة في جامعة المثنى قد نجحت في منتصف شهر آذار الماضي بإقامة الدورة الثانية من مؤتمرها الدولي للعلوم الهندسية والتكنلوجية، بمشاركة باحثين وعلماء محليين من دول عدة، من بينها المملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة الأميركية وماليزيا وسنغافورة وإيران والمملكة العربية السعودية والأردن وتركيا والهند والباكستان وليبيا، إذ قال عميد الكلية الدكتور أحمد حسن إن “مئة وستين بحثاً في التخصصات الهندسية شاركت في المؤتمر الذي حضرته ثلاثمئة شخصية علمية، وتحرص الكلية على تقديم الاستشارات الهندسية الى القطاعات الحكومية والقطاع الخاص، بالإضافة الى خريجيها، إذ سبق لطلبتها، وبعد تخرجهم، أن نفذوا مشاريعهم الخاصة دون انتظار لفرصة التعيين في المؤسسات الحكومية، مثل المهندسة الكيمياوية رقية محمد التي أنجزت معملاً للصابون، ولحقت بها المهندسة زينب واثق، وهما من خريجات قسم الهندسة الكيمياوية الحاصل على المرتبة الأولى بين الجامعات العراقية.” وهو ما أكده لنا الأستاذ الدكتور إحسان حبيب داخل، رئيس القسم، الذي حضر معرض النتاجات العلمية لطلبة قسم الهندسة الإلكترونية، مبدياً إعجابه الشديد بما قُدِّم من أفكار وابتكارات.
وقبل أن نغادر مبنى المختبرات العلمية، اصطحبنا الأستاذ الدكتور عودة رحيمة للتجوال في المختبر الرقمي لقسم الهندسة الإلكترونية والاتصالات، الذي قام بتصميم منظوماته وأجهزته الملحقة عدد من تدريسيي الكلية، بما وفر مبالغ كبيرة في مبادرة هي الثانية بعد تصنيع مختبر الدوائر الكهربائية، وما جمعناه من حصيلة هي أن نتاجات وابتكارات المهندسين الشباب ترسم ملامح متفائلة ونافذة إطلالة على المستقبل.