عمليات نوعية تطيح بمافيات الجريمة الأجهزة الأمنية تواجه آفة المخدرات

طه حسين/
أكثر المتشائمين في الشأن المحلي لم يكن ليتوقع أن تنتشر المخدرات بهذا الشكل، ويتحول العراق بين ليلة وضحاها من منفذ لعبور المخدرات من أفغانستان وباكستان وإيران إلى دول الخليج،
إلى اكبر مستنقع لتجارتها واستهلاكها،
الحصيلة دمار اجتماعي وأمني واقتصادي، إذ تشير أرقام وزارة الداخلية إلى اعتقال عشرات الآلاف من مروجي ومتعاطي المخدرات خلال عام 2023 فقط، وهذا التسارع في انتشار هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع العراقي لها أسباب ودوافع وأضرار وآثار يجب التوقف عندها لمعرفتها والكشف عنها، وتأشير الأسباب والآثار الناتجة عنها ووضع الحلول المناسبة للحد من انتشارها وبالتالي القضاء عليها نهائياً.
الفقر عامل رئيس
الباحث الاجتماعي (سلام عبد الحسن) أوضح في حديث خاص لـ “مجلة شبكة” أن “الفقر والبطالة يعدان عاملين رئيسين لانتشار المخدرات والمواد الممنوعة داخل مجتمعنا، إذ إن الإحصائيات الرسمية تشير الى وجود أكثر من 15% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، أي ما يقارب الخمسة ملايين مواطن، وهذا عدد كبير جداً لبلد بإمكانيات العراق.” مضيفاً أن “الجهل وغياب التوعية الدينية والاجتماعية وعدم تركيز القنوات الإعلامية المحلية على انتشار هذه الظاهرة، وبيان مخاطرها وأضراها على الفرد والمجتمع بشكل عام، كانت من ضمن العوامل التي أسهمت في انتشار هذه السموم بين أفراد المجتمع.”
قوانين رادعة
المحامي (سليمان الحسني) أشار في حديثه مع “مجلة الشبكة” الى أن “غياب القوانين الرادعة، والتهاون في اتخاذ أشد العقوبات على متعاطي ومروجي المخدرات، كانا من أهم الأسباب التي أسهمت بشكل كبير في انتشار تجارة المخدرات ورواجها في مراكز المدن والأحياء السكنية في بغداد ومعظم المحافظات.” منوهاً بأن “أكثر المتعاطين لهذه السموم هم من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 ـ 30 عاماً فقط، لذا فإن المشرع العراقي بحاجة الى إعادة النظر في القوانين المتعلقة بتجارة المخدرات والعمل على تشديد العقوبة بما يتلاءم مع خطورتها على الفرد والمجتمع..”
إتلاف آلاف الأطنان منها
المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور (سيف البدر) أكد في حديث لـ “مجلة الشبكة” أن “الوزارة أتلفت كميات كبيرة من المواد المخدرة وحبوب (الكبسلة) وغيرها من المواد الممنوعة خلال المدة القليلة الماضية.” مشيراً الى أن “تلك المواد كانت مخزنة في دائرة الطب العدلي، وتعد من أكبر الكميات التي ضبطت في البلاد، التي جرى إتلافها، وأن الوزارة مستمرة أيضاً في فتح مراكز صحية متخصصة بمعالجة المدمنين وإعادة تأهيلهم صحياً ونفسياً للتخلص من الآثار المدمرة التي سببها لهم تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، كما أن الوزارة، بالتعاون والتنسيق مع المنظمات والهيئات العالمية والمحلية، عقدت العديد من الندوات للتعريف بمخاطر المخدرات وأضرارها على الفرد والمجتمع.”
عمليات نوعية
مدير الإعلام في مديرية مكافحة المخدرات (حسين التميمي) أكد في تصريح خاص لـ “مجلة الشبكة” أن “المديرية بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى، تعمل على تفعيل الجهد الاستخباري للكشف عن الخيوط والشبكات الرئيسة المسؤولة عن إدخال هذه السموم الى البلاد وإيصالها الى المروجين الذين يقومون بعملية توزيعها وبيعها لمعتاطي المخدرات، إذ إن المديرية تمكنت من تنفيذ عمليات نوعية أسهمت في إلقاء القبض على أكثر من 15 ألف متهم بقضايا المخدرات في عموم البلاد، وضبطت كميات تقدر بنصف طن من المواد المخدرة بمختلف أنواعها وأشكالها، وهذه العملية أسهمت بإلقاء القبض على عصابات وشبكات كبيرة تقوم بعمليات إدخال وتصنيع وبيع المخدرات.”
إجراءات احترازية
رئيس هيئة المنافذ الحدودية اللواء الدكتور (عمر الوائلي) قال في تصريح لـ “مجلة الشبكة” إن “الهيئة اعتمدت آلية جديدة لضمان عدم دخول الممنوعات الى داخل البلاد، كما أن الاجراءات المتبعة تضمنت إخضاع المسافر لأربعة مراحل تفتيشية، تكون الأولى باستخدام أجهزة السونار، والثانية باستخدام الكلاب البوليسية المدربة (الكي ناين)، وتجري مرحلة التفتيش الثالثة عن طريق أجهزة الكشف العادية، فيما تكون المرحلة الرابعة باستخدام طريقة التفتيش اليدوية.” كاشفاً أن “مراحل التفتيش المتبعة حالياً أسهمت في الحد بشكل كبير من دخول الممنوعات والكشف عن المواد المراد تهريبها الى داخل البلاد، مهما كان صغر حجمها، ولو كانت بالغرامات.” داعيا الى ضرورة ضبط حدود البلاد المشتركة مع البدان الأخرى لمنع تسلل المهربين ودخول الممنوعات الى داخل البلاد.