في مسابقة الحساب الذهني الدولية..الطفلان سما وأحمد.. عبقريّة وضربة فوز قاضية

آمنة الموزاني/
حينما يغامر شخص بالغ مُغترّ بذكائه، ويدخل مسابقة رياضية معقدة في الحساب الذهني السريع، تجمع بين تفاصيلها استخلاص ناتج عمليات الجمع والطرح المتداخلة في آن واحد وبلمح البصر، فهذا أمر لا غرابة فيه، والنجاح قد يكون نتيجة متوقعة إذا لم تكن مضمونة، لكن كيف الحال حينما ينافس وبضراوة الكِبار في هذا المجال الحسابي الصعب أطفال موهوبون لم تتجاوز أعمارهم العاشرة بعد وبفارق إرادة قد تضاهي الجبال.

الأخوان سما وأحمد، الطفلان العبقريان الفائزان بمراكز التفوق الأولى بجدارة وامتياز في مسابقة الحساب الذهني المُقامة في تركيا وكذلك مصر، كانت لنا دردشة لطيفة مع والدتهما التي تصحبهما بحرص وتفانٍ منذ بداية النجاح وفرحة الفوز التي نتمناها لكلِ أطفالنا..
*قبل أن ندردش بفرحة الفوز ومسبباته، دعينا نأخذ فكرة عن طبيعة الجائزة وشروطها وصولاً للاجتياز؟
-المسابقة هي للحساب الذهني السريع أي الرياضيات، مسائل حسابية تضم أكثر من 10 أرقام مزدوجة متسلسلة في عملية حسابية واحدة تشمل الجمع والطرح في آن واحد، يحل الطالب أكبر عدد ممكن من هذه المسائل بنتائج صحيحة حتى يستطيع أن ينافس ويتقدم ويحرز مركزاً، هذا فيما يخص سما، أما أحمد فهو بمستوى أقل من 7 أرقام أحادية كذلك جمع وطرح، المنافسة هنا بحسب فئته العمرية لأن المسابقة عبارة عن فئات عمرية كل ينافس في فئته، قبل المسابقة أكيد هنالك تصفيات يتنافس عليها الطلاب فيما بينهم لغاية ما يرشح عدد معين يمثل العراق في المنافسة الدولية الكبيرة، وطبعاً شاركت في هذه البطولة 18 دولة عربية وعالمية، واستطاع الفريق العراقي المتكون من 31 متسابقاً أن يحصل على المركز الأول للبطولة برعاية وإشراف (مركز الرغد لتنمية القدرات الذهنية)، ورافق الوفد العراقي ممثل عن وزارة التربية.
دعم العائلة
*برأيك هل يحتاج الطفل الذكي لأبوين مثاليين ودروس خصوصية وصرفيات، أم إنه يحتاج الى من يؤمن بقدراته دون ذلك كله؟
-السببان مطلوبان، لأن الطفل الموهوب بلا شك يحتاج الى أم وأب داعمين ومهتمين ومؤمنين بموهبته اولاً، ومن ثم يحتاج الى دروس خصوصية تدعم وتنمي الموهبة، ربما تحدث إخفاقات أحيانا في بداية مشوار الطفل، لكن الدور المهم أن الأم والأب يظلان داعمين ولا يكسران حلم وعزيمة الطفل لمجرد أنه أخفق، مثلاً نحن كمدينة بلد لم تكن لدينا مراكز تدعم هذه المواهب، لكن هل يعقل أن نجلس ونترك موهبة أطفالنا تندثر؟ لا طبعاً، بل في العطلة الصيفية كان والدهما متكفلاً بأخذهما الى مركز مختص في هذا المجال، ومن ثم اكتشفنا (مركز الرغد لتنمية القدرات الذهنية) في سامراء ونقلناهما الى هناك حيث تكفل والدهما بنقلهما 5 أيام في الأسبوع، هذا الأمر حتماً أعطاهما دعماً ومسؤولية أكبر في أن يحصلا على مراكز متقدمة في المسابقات ويكونا متفوقين في دراستهما.
*طيب، كيف اكتشفتما ذكاء سما وأخيها، وعرفتما أن تفكيرهما أكبر من عمريهما، ما أول موقف لفت نظركما؟
-سما طفلة ذكية جداً منذ صغرها، لديها قابلية تعلم سريعة جداً، أذكر عندما كانت طالبة روضة في بدايات السنة استطاعت أن تجمع أحرف اسمها وتدمجها وتكتبها، أما احمد فمنذ صغره كان مولعاً بالحساب الذهني السريع ودائماً كان يقلد حركات سما ويتخيل ويحلم أنه يحل ويعطي نتائج صحيحة.
*في الطفولة، هل لاحظتِ أسئلة ذكية وغريبة تدل على قدرتهما في سرعة الاستنتاج والتفسير؟
– نعم، كانت أسئلتهما غريبة وكثيرة، مثلاً سما من صغرها تحب أن تعرف كل شيء، الطرق والمسافات وأسماء المدن، وهي صغيرة جداً حفظت طريق بغداد / بلد، أذكر أنها بمجرد أن تسلك الطريق أثناء الذهاب الى المركز تتذكر في العودة كل التفاصيل، أحمد أيضاً كان مولعاً جداً بالبناء وتفاصيله وكل ما يتعلق بهذا المجال، وعنده قابلية تفكيك الأشياء وإرجاعها بطريقه عجيبة، منذ كان عمره أقل من ثلاث سنوات تقريباً هو مولع أن يفتح ألعابه المركبة ويكتشف مكوناتها ويرجع ليركبها بذكاء دقيق جداً.
مراكز تعليمية
*في أوقات الفراغ والعطلة الصيفية، كيف تعاملت مع سما وأخيها، ماهي اهتماماتهما، وكيف يستثمران الوقت؟
*أوقات الفراغ والعطلة مفيدة جداً، كنا نحرص جداً على تسجيلهما في مراكز تعليم ومواهب، ولا نتركهما في العطل والفراغ أن ينشغلا بالموبايلات والإلكترونيات ومشكلاتها، بل كنا نملأ وقتهما بمواهب وتعليم وخبرات.
*ماذا تتمنين لطفليكِ في المستقبل، وماهي الكلمة التي توجهينها الى إدارة المركز أو المدرسة؟
-أمنياتي لهما أن يكونا بخير أولاً، وأن يظلا دائماً متفوقين في كل حياتهما، كما هما الآن، وأن يكونا من بناة العراق ودائماً ما أقولها لهم “أنتم أملنا في بناء هذا الوطن والنهوض به من جديد، فكونوا خير أبناء الحضارات والثقافة ومنبع العلم، اسماً على مسمى، واثبتوا للعالم أن العراق يمرض لكنه لا يموت، وبوجودكم إن شاء الله.” وإدارة المدرسة والمركز قطعاً بلمساتهما الأبويّة وكادرهما الداعم لأبنائنا بكل معنى الكلمة لهما كل التقدير والشكر بلا شك.