بغداد – ميساء فاضل/
تصوير- حسين طالب/
أزمة الهوية الوطنية والتشظي الذي تعيشه الذات في ظل تجليات الإعلام الرقمي الذي اقتحم مجريات الحياة والبيوت، وكيفية تشخيص تحديات تلك المرحلة، فضلاً عن تكريس العلاجات، كانت محاور لندوة الحوار التي عقدتها مؤسسة (أنكي) للدراسات والبحوث، الندوة الحوارية التي حضرها العديد من المختصين والأكاديميين في السياسة والإعلام الرقمي.
أزمة الهوية الوطنية والتشظي الذي تعيشه الذات في ظل تجليات الإعلام الرقمي الذي اقتحم مجريات الحياة والبيوت، وكيفية تشخيص تحديات تلك المرحلة، فضلاً عن تكريس العلاجات، كانت محاور لندوة الحوار التي عقدتها مؤسسة (أنكي) للدراسات والبحوث، الندوة الحوارية التي حضرها العديد من المختصين والأكاديميين في السياسة والإعلام الرقمي.
الأفكار الدخيلة
الندوة الحوارية حضرتها مجلة “الشبكة العراقية”، حيث التقت الدكتور في العلوم السياسية (عمار البهادلي)، الذي تحدث قائلاً إن “الإعلام الرقمي له تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية، والتركيز كان على التأثيرات السلبية من أجل تشخيص التحديات والمعوقات للحصول على معالجات وتوصيات يستفيد منها الفرد والمجتمع، إذ إن العراق يمر بحالة انتقالية اختلط فيها العام والخاص والتقليدي، وهناك حاجة الى مراجعة واهتمام الحكومة والمؤسسات المدنية الاجتماعية والدينية في تهذيب وسائل الإعلام الرقمي وملاحقة من يريد الإساءة وتصديرها وتسويق ظواهر مستهجنة لهويات وأفكار دخيلة على المجتمع العراقي. جدير بالذكر أن هناك تأثيرات أصبحت واضحة على القيم الفردية والاجتماعية، وعلى السلوكيات وطريقة التعامل مع الحياة، بحيث بات هنالك تداخل ما بين الحداثة والتقليد وطريقة عرض الإنسان لنفسه وعائلته، كما أصبح هناك نوع من التباهي والتسابق في الظهور بمدلولات رمزية، بعيداً عن المدلولات الاجتماعية الوطنية الأصلية، عكست بالتالي سلوكيات جديدة لم تكن حاضرة في المجتمع العراقي. هنالك أيضاً ظواهر مستهجنة يجري تسويقها بواسطة الإعلام الرقمي الى المجتمع، حتى أصبحت هذه الظواهر في كثير من الأحيان مرفوضة اجتماعياً وفكرياً وثقافياً وأخلاقياً، واحدة من هذه الظواهر تتمثل بالسعي وراء الشهرة وهوس (الترند) وصار هنالك من يبتكر أفكاراً ومشاهد جديدة فيها نوع من الابتذال والمحتوى الهابط للوصول الى الشهرة.”
الإعلام التقليدي
من جانبه، أشار الدكتور (كامل القيّم)، المختص بالاتصال الرقمي في جامعة بابل، الى أن “التطور الهائل في بنية وسائل الاتصال والإعلام، واتساع الاستخدام غير المسبوق، أحدثا جملة من المتغيرات في بنى متعددة، أولها البعد الاجتماعي والاقتصادي والأمني، وربما يمتد ذلك الى قطاعات الحياة عامة. وجاءت تلك القفزة الهائلة كنتيجة للصراع مع أساليب الإعلام التقليدية، التي شكلت للأجيال الماضية مستوعباً ثقافياً وخبرياً وبصرياً في الشؤون العامة، وكانت تقليدية الإعلام، برغم البطء والاختزال وبدائية العمل الصحفي والتلفازي في التحرير والنقل والشيوع، قد تركت بصمة هائلة بالتأثير في الأجيال الماضية، باعتبار أن الإعلام التقليدي كانت أساسه الكلمة – سواء أكانت مطبوعة أم مذاعة.
علماً بأن الاستخدام المطول للمنصات يسبب العزلة الاجتماعية، ما يؤدي الى (الشخصية الصمتية)، إذ إن إدمان التعامل مع الأداة يولد عزلة عن الأفراد الآخرين، ومنهم العائلة والأصدقاء، وبالتالي يتسبب بخلق مشكلة في الحوار ومهارته وأدواته، ويؤثر أيضاً على الجانب الصحي، وما يتعلق بالنظر وحركة الجسد، والكسل وفقدان التركيز، وشرود الذهن والدخول الى عوالم الكبار من جراء – الاستطلاع بالصدفة – او تحدي الاستكشاف والمهارة، ما يجعل الطفل أو الشاب في متاهة المواقع أو البرامج التي تتقاطع مع العمر والقيم، لكنها تصبح بالتدريج طبيعية ومطلوبة، كذلك الإدمان على ثقافة الصورة، التي تدخل محل الكلمة كمورد أساس للمعرفة، فيحصل تقاطع مع الدروس اليومية، او الثقافية البعدية، خلال المرحلة الجامعية وما بعدها.”
القيم المجتمعية في خطر
فيما تقول الدكتورة (ندى العابدي)، المختصة بالشأن الاجتماعي في جامعة بغداد: “علينا أن ندرك أن الإعلام الرقمي، أو العالم بشكل عام، بدأ يتجه نحو تغيرات جذرية تعتمد على تفاعلنا وتعاملنا مع تلك التغيرات أو المستجدات في الإعلام الرقمي، التي أصبحت تؤثر بشكل كبير على كيفية تشكل المجتمعات وتطورها، وبالنتيجة ستنعكس على تفاعلنا وسلوكنا كبشر، لذلك يتوجب علينا التوجه في ظل هذه التحولات نحو تحقيق نوع من التوازن بين التكنولوجيا الرقمية وبين الحفاظ على القيم المجتمعية والهوية الثقافية والتركيز على تعزيز التفاهم واحترام التنوع. علماً بأن تباطؤ الإعلام العربي الرقمي سببه هو سوء الفهم. وقد يعتقد بعضهم أن الإعلام الرقمي يحد من انتشار ثقافتهم العربية ويشعرهم بالتصاغر أمام التقدم الحضاري والتسارع التكنولوجي، وبالتالي يصبح الفرد متلقياً لا معطياً، لذا ينبغي للأفراد أن يثقفوا ويدربوا على طريقة تبادل المعرفة والخبرات وتوسيع آفاق الفهم المتبادل وتعزيز التنوع الثقافي.”