خالد إبراهيم – أربيل
تصوير: كامران كمال/
يبدأ العم درويش، وهو شيخ تجاوز عمره السبعين عاماً، يومه بجمع الرمان في مزرعته الواقعة في منطقة هورمان، وبمساعدة عائلته يقوم بتحويله بطريقة يدوية إلى دبس الرمان، الذي يتميز بطعم فريد عن المنتجات المماثلة، إذ إن العم درويش وعائلته يتابعون كل مراحل إنتاجه يدوياً.
تمتاز صناعة دبس الرمان في مختلف مدن ومحافظات إقليم كردستان بجودتها ومذاق دبسها المميز اللذيذ، بعيداً عن المستورد، فالصناعة المحلية تمتاز بكونها يدوية بحتة، إذ لا تضاف أية مواد إليها، فهي طبيعية بامتياز.
يقول العم درويش لـ “مجلة الشبكة العراقية” إنه “منذ العام 1991 عندما رجعنا إلى قرانا في منطقة بيارة في هورمان، كانت لدينا بساتين في تلك المنطقة، لكن في تلك الفترة كانت قرانا مهجورة، لذا بدأنا بتعميرها وزرع البساتين وإدامة الحدائق والغابات، وكذلك زراعة الرمان، إذ عملنا بصناعة دبس الرمان منذ العام 1995، والرمان في منطقتنا يختلف عن كل المناطق الأخرى، إذ إن منطقتنا فيها وفرة من المياه تدعمنا في السقي والري، كما أن المنطقة تمتاز باعتدال أجوائها، والرمان في منطقة بيارة يختلف عن رمان منطقة شهرزور، ودبس الرمان في منطقة هورمان له خصوصية وعوامل تميزه عن بقية المدن والمناطق.”
صناعة دبس الرمان
يشرح العم درويش عملية صناعة وطريقة تحويل الرمان إلى دبس الرمان قائلاً:-
“بعد نضج ثمرة الرمان نبدأ بقطف المحصول، ثم نقوم بفرز ما يسوق للبيع عن ما يفرز لصناعة دبس الرمان، اذ تبدأ العملية باختيار الثمرة المناسبة والبدء بالضرب عليها بواسطة قطعة خشبية كي تتساقط حبات الرمان بكل سهولة، هذا العمل هو ما يميزنا، فنحن نقوم بكل المراحل بالطرق البدائية وبشكل يدوي وليس بالمكائن والمعدات، وبعدها نقوم بعملية العصر في أماكن خاصة قمنا بإعدادها لهذا الشأن، ثم نعجن الرمان بشكل كامل وتصفيته عن طريق (المشبك) أو كما نسميه بالعامية (المنخل)، بعد هذه العملية نضعه في قدور كبيرة ونبدأ بعملية غليه، ثم تحويله إلى دبس الرمان. في بعض الأحيان من عشرة (برطمانات) للرمان نحصل على (برطمان) واحد فقط من الدبس الخاص بالرمان. بعد هذه العملية نقوم بوضعه في أوانٍ خاصة، وحينها يكون قد هُيئ للبيع، إذ تصل أسعاره إلى ثمانية آلاف دينار للقنينة الواحدة في بعض المناطق، لكننا نبيعه بعشرة آلاف دينار لأننا لا نقوم بخلطه بأية مواد، ولا نضيف أي شيء عليه، كما يتميز دبسنا بقوامه الثقيل، لأننا نعرف كيف نقوم بتحويل الرمان الى الدبس بطريقة محترفة ، إذ لابد من أن يكون الشخص الذي يصنع الدبس على دراية جيدة بطريقة تحويل الرمان الى دبس، ففي بعض الأحيان، اذا جرى غلي الرمان لمدة أكثر من الوقت المحدد، ستكون في طعمه مرارة غير محببة.”
مواد طبيعية
دبس الرمان في هورمان طبيعي جداً وله فوائد جمة، في هذا الصدد يضيف العم درويش قائلاً:-
“نحن لا نضيف أية مواد على الدبس سواء أكانت سكراً أو ملحاً، ففي بعض أنواع الدبس المستورد يضاف الملح أو السكر او مواد صناعية أخرى، وهناك من يضيف الليمون أو الدبس أو مواد أخرى. ولهذا الدبس الذي نصنعه فوائد لاتعد ولا تحصى، فهناك من يصفه كدواء لبعض الأمراض ولاسيما تلك المتعلقة بوظائف الكبد، وسابقاً استخدمه أجدادنا لعلاج بعض من تلك الأمراض، وأيضاً يستخدم بشكل خاص في الطعام والسلطات وبعض الأكلات المشوية، إذ إنه يمتاز بمذاق لذيذ جداً كما أن فوائده كثيرة جداً، وهنالك من يستعمله لوحده فقط.
نحن منذ القدم نعمل في صناعة دبس الرمان في هذه المنطقة الحدودية في بيارة، ولله الحمد نعمل بكل أمانة والناس تقبل على شراء منتجاتنا لمصداقيتنا في العمل، ولهذا كان لانتاجنا مطلباً خاصاً من الاقارب والاصدقاء بالاضافة الى (معاميلنا) الخاصين وبالنتيجة نحن نهدف إلى صناعة منتج صافٍ ونقي وبطرق تقليدية معروفة منذ عشرات السنين، كما كان يعمل آباؤنا وأجدادنا، ولهذا السبب يقبل الناس على منتجنا الذي يمتاز بمذاق فريد من نوعه.”