كيف يسخّر السحرة الذكاء الاصطناعي؟

بغداد / الشبكة” العراقية/
بينما يتقدم الذكاء الاصطناعي بخطى سريعة، تتيح للأنظمة والروبوتات والبرامج القدرة على التفكير واتخاذ القرارات بشكل مستقل، وتحليل البيانات بشكل أكثر دقة وفعالية، فإن ثمة مجموعات مختلفة تحاول تطويع هذه البرامج لخدمة أعمالها المخالفة للقانون.
من بين هذه المجموعات طفت على السطح ظاهرة استغلال السحرة لتطبيقات وبرامج الذكاء الاصطناعي وتحويلها الى أداة لخدمة أغراضهم.
السحر ينقلب على الساحر!
أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان العرّاف وقارئ الفنجان والطالع والكف والمشعوذ الذي يفك السحر ويصنعه، هذا ما لم يكن في الحسبان، لكن الأمر تعدى الى أن حتى (الرقية الشرعية)، وغيرها من الروحانيات التي كان يلجأ إليها الإنسان حين شعوره بالضعف واليأس، صار بإمكانه أن يضع إصبعه على محرك البحث ليجد أكثر من تطبيق وموقع قادر على قراءة الطالع والبخت، واستقراء صورة الفنجان المرسلة، والكف. كما بات بإمكان هذا التطبيق أن يعطيك وصفة إما صوتية أو مكتوبة، أو حتى فيديوية، تشرح لك كيف لك أن ترسم الطلاسم وتصنع سحراً يمكنك إخفاؤه عند بوابة الحبيب، او في سيارة الزوج، وغيرها من الاستدلالات والمكانات والطرق التي تمكن اليائس من التمسك بالعرّاف الإلكتروني والساحر الذي لن تراه وجهاً لوجه، ولن تخاف أن يباح سرك، وأن تفك أزمتك أو السحر الذي وقع عليك، بعضها مجاناً وبعضها مقابل (كارتات) شحن هواتف!
قراءة الفنجان
وهكذا انقلب السحر على الساحر، فالذي صمم تطبيق قراءة الفنجان أراد أن يكسب المال من يأس البشر وعجزهم، لكنه لم يعرف أن هناك من سوف يسبقه ليفكر بتطبيق قراءة الكف وفك السحر وعمل السحر وإسكات الناس.
جلب الحبيب ورد المطلقة
وخطف الأبصار
تشترك غالبية إعلانات المشعوذين بعبارات مثل (جلب الحبيب، رد المطلّقة، زواج العانس، فك السحر، الطاعة العمياء، وغيرها من المصطلحات). تضاف إليها في نهاية الإعلان طريقة التواصل، كأن تكون إنستغرام، أو فيس بوك، أو واتس أب. والأدهى أن بعض السحرة يضعون سعراً للسحر، وسعراً آخر للتوصيل (الدلفري)، فالأعمال السحرية يمكن أن تصلك الى البيت دون عناء الطريق.
والغريب في الأمر أن بعضهم يقوم بوضع رقم هاتفه ليضمن التواصل وتحويل الأموال، بالرغم من أن القانون العراقي يعتبر السحر جريمة نصب واحتيال وفقاً للقانون الجزائي. وفي الغالب، يعاقب الأشخاص الذين يمارسون السحر أو يقدمون خدماته بعقوبات قانونية. ومن الممكن أن تتراوح هذه العقوبات من الغرامات المالية إلى السجن.
استغلال البشر
ما إن تتابع هذه الصفحات حتى تشعر بالقرف والامتعاض من طرق استغلال البشر ويأسهم، وكيفية استغلال الجهل وعدم المعرفة واليأس في بيع منتجاتهم الوهمية.
وبالرغم من أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي يسّرت حال اليائسين وحولتهم الى مدمني تعقب كل ماهو جديد، من قراءة البخت وفك السحر وغيرها، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي -عراقياً وعربياً- مازالت تعج بالمئات من مواقع السحرة والمشعوذين، الذين يضعون أرقام هواتفهم وأسماءهم دون خوف من أي رقيب، ويستغلون الباحثين عن حل بكل الأشكال. والأغرب هو أن المتفاعلين ليسوا فقط من الفئات التي ترسمها مخيلتنا، مثل المطلّقة والعانس والحبيبة المهجورة وفاقدة الابن وغير ذلك من الصور النمطية، بل إن بعض صفحات السحرة تنبئ بأنهم قادرون على مساعدة الباحث عن سلطة او مركز عن طريق عمل الأسحار التي تدفع الى قبول الناس وإغفالهم عن عيوب أية شخصية.
يمكن أن يعتقد بعض الناس أن ممارسة السحر تمنحهم القوة والتحكم في الأحداث والأشخاص من حولهم، وهذا قد يكون مغرياً لبعض الأشخاص الذين يشعرون بعدم القدرة على التحكم في حياتهم. لكننا سنبقى نتساءل في داخلنا: أي دهاء سيفوز في الآخر.. البشري أم الاصطناعي؟
للأسف لا توجد دراسات أو بحوث أو أرقام تبين عدد المستغَلّين بهذه الطرق، لكنك بمجرد أن تتابع سوف تكتشف أن الجهل هو مفتاح لباب المعصية من جهة دينية، ومن باب الضياع من جهة إنسانية، لذلك فإن المعرفة وحدها هي التي عليها أن تقودنا الى الخير والتقدم، لا الاحتيال والنصب.