علي غني /
قد يتعرض البعض لتهديد بوساطة الهاتف النقال أو الإنترنت من قبل أشخاص هدفهم الأول والأخير هو الابتزاز والإساءة المتعمدة، الكثير منا سيبقى حائراً، كيف يتصرف؟ والى أية جهة يلتجئ لمعالجة هذا التهديد، الذي قد يطال سمعته، مجلة “الشبكة” اختارت هذا التحقيق لحماية الأشخاص الذين يتعرضون لمثل هذه التهديدات، والتقت بالمتخصصين من المعنيين بالأمور الفنية والقانونية بمثل تلك الجرائم التي يطلق عليها(جرائم الإنترنت).
تحريك الشكوى
قلنا للمستشار الأستاذ (محمد نعمان الداودي) رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين: ماذا يفعل الشخص الذي يتعرض الى إساءة أوما نطلق عليها (جريمة إلكترونية)؟ من أين يبدأ؟ باعتباركم متخصصاً بالقانون، فأجاب: يحرك الشخص الذي وقعت عليه الإساءة دعوى قضائية من المنطقة التي وقعت فيها الجريمة (الإلكترونية)، يقيم هذه الدعوى أمام قاضي التحقيق في هذه المنطقة ضد صاحب المنشور أو الموقع الذي سبب هذه الجريمة، وأغلب هذه الجرائم تتم عن طريق المواقع الإلكترونية (الواتس أب، أو الفايبر أو المواقع الأخرى) وهي بالتأكيد تحمل أرقام هاتف الشخص الذي أحدث الإساءة، فيحيلها قاضي التحقيق الى شركات الاتصالات لمعرفة عائدية الأرقام للشخص المسبب للضرر، بعد ذلك تزود الشركة المحكمة التي يعمل فيها القاضي باسم الشخص وعنوانه، وبعد تسلم المعلومات من الشركة تقوم المحكمة عن طريق القاضي بتبليغ المدعى عليه بأمر قبض وحسب نوع الجريمة، وفي أكثر الأحايين توجه للشخص المتهم بالإساءة (الاستقدام) وبخلافه اذا لم يحضر يوجه له أمر قبض.
وتابع الداودي: بعدها تبدأ المحكمة بالتحقق من نوع الجرم وربما يستعين القاضي بخبير بحسب تقديره، هنا يختلف الحكم اذا ثبتت عليه الجريمة (الإلكترونية) حسب نوع الجريمة الذي تعرض لها الشخص وما ينص عليه القانون العراقي، كأن يكون نشر صورة مزورة وغير لائقة او سرقة مبالغ من البطاقة الذكية أو غيرها من الأمور التي تقع في الأجهزة الإلكترونية.
وعن الحكم الذي يمكن للقاضي أن يتخذه في مثل هذه الأمور، أجاب المستشار محمد نعمان الداودي: الحكم يتراوح مابين الحبس البسيط او الشديد أو الغرامة أو السجن المؤقت، ويمكن للمتهم أن يدافع عن نفسه في حال كان هاتفه الشخصي على سبيل المثال قد سرق منه، ولديه دليل وبلاغ من المحاكم المختصة أنه كان قد بلغ الجهات المختصة بضياع هاتفه.
لايوجد نص قانوني
سألنا الداودي: ألا يوجد نص قانوني في العراق يختص أو يعاقب على الجرائم الإلكترونية، فأجاب: “في الحقيقة هذا نقص تشريعي ونحن، كاتحاد حقوقيين، طالبنا مجلس النواب بتشريع نص خاص بالجرائم الإلكترونية في الدورات السابقة، لكن لم يتحقق مثل هذا الشيء، لذلك لزام علينا أن نطالب مجلس النواب في دورته الجديدة بإقرار مثل هذا القانون.”
وأضاف: “أن الاتحاد قد نظم العديد من الدورات في هذا المجال في أرقى المراكز البحثية العربية والعالمية ومنها مصر وتونس والمغرب والأردن وتركيا ولبنان وغيرها شارك فيها العديد من حقوقيي العراق، وفي بغداد أيضاً أقيمت مثل هذه الدورات ونحن مستمرون بها.”
محاكم النشر
يقول الإعلامي (إياد الهاشمي) الذي عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية في العراق: “إن هناك محاكم في العراق تعرف بمحاكم النشر وهي محاكم متخصصة في قضايا النشر، وبإمكان الأشخاص الذين يتعرضون الى جرائم إلكترونية الذهاب الى محاكم النشر وجلب الوسيلة التي حصلت بها الجريمة من مقطع فيديو أو صورة غير لائقة أو غيرها من الجرائم التي تحدث بوسائط الكترونية.”
المعالجة
وحتى يكتمل الموضوع كان علينا أن نجري حواراً مع المختصين في الوسائل الإلكترونية لمعرفة المعالجات قبل وقوع الجريمة الإلكترونية لتحذير مستخدميها، فتصدى لهذا الموضوع الدكتور (عادل محمد سلمان)، رئيس قسم هندسة تقنيات الحاسوب في كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، الذي قال: “على الأشخاص الذين يمتلكون هواتف ذكية أو اجهزة إلكترونية ان يبتعدوا عن فتح الرسائل أو الضغط على الروابط المشكوك فيها.”
وأضاف:”لإدارة (الفيس، اوالفايبر او الوتس أب) دور في حماية معلومات الشخص.”
“هم لديهم دور في حماية المستخدمين من خلال منع اختراقها باستخدام برامج الاختراق وغيرها ولكن هذا الدور يكون محدوداً لكون اصطياد الأشخاص يتم عن طريق استخدام طريقة الهندسة الاجتماعية (الأشخاص المقربون من الضحية) تعتمد على المواقع والبرامج التي يستخدمها الشخص الضحية او احد مقربيه، لذا يجب على الشخص أن يكون منتبهاً ولايسمح باختراق جهازه من قبل الآخرين، وليكن معلوماً لك أنه باختراق الحساب يمكن للمعلومات الموجودة في حسابات الأشخاص ان تباع وتشترى من قبل الشركات الكبرى، فمثال على ذلك، اذا قررت شركة أن تصنع جهازاً خاصاً بالاتصالات عليها أن تعمل دراسة جدوى، وهذه الدراسة تكلف ملايين الدولارات حتى تصل الى نوعية الجهاز المثالي الذي يخدم المستهلك، فبدلاً من أن تقوم بدراسة هذه الجدوى، يمكنها أن تقوم بشراء حسابات المستخدمين من الشركات التي تقدم خدماتها المجانية (مثل فيسبوك، واتس أب، فايبر) وتقوم بدراسة وتحليل لما يتم تداوله من رسائل ومعلومات بين هؤلاء الأشخاص للوصول للمعلومات التي يرغبون فيها لمعرفة نوعية الجهاز، وهذا السؤال يطرح نفسه: هل ستكون حساباتنا التي تستخدم في المواقع المجانية محمية من قبل الشركات التي وضعت اتفاقية نوافق عليها مجبرين حتى نستخدم البرنامج؟ وعلى وفق هذه الاتفاقية أو البرنامج من حقهم ان يدخلوا على حساباتنا ورؤية ما نفعل.”
الجرائم لارهابية
وبيّن الحقوقي (علاء تحسين المندلاوي): “انه بعد الانتشار الواضح لمواقع إلكترونية ومؤسسات إعلامية تحرض على الإرهاب والتطرف جاء تشريع (قانون حظر المواقع الإلكترونية المحرضة على الإرهاب) ليجهض تلك الأفكار قانونياً ويمنع تمددها عبر نافذة الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وبتطبيق هذا القانون ستتمكن الأجهزة الأمنية المختصة بالتنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات من الوصول الى الجهات ومسؤولي المواقع والمؤسسات وإخضاعهم الى المساءلة والعقوبة التي تنوعت بين السجن والحبس والغرامة المالية، وفي حال تكرار المخالفة ستقوم الجهات المختصة بغلق المؤسسة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني الذي يثبت تعامله مع العصابات الإرهابية المحرضة على العنف والتطرف.”
خاتمة
من خلال الحوارات مع الذين تعرضوا لجرائم الإنترنت والمختصين تبين أن هناك العديد من الاحتياطات التي يجب أن يتخذها أي مستخدم للأجهزة الإلكترونية، ومنها وسائل الأمان، وعدم الإجابة على الرسائل الغريبة، والاحتكام الى القانون العراقي، كما أن هناك مطالبات بسن قانون خاص بالجرائم الإلكترونية من قبل مجلس النواب الجديد يكون مرجعاً في الشكاوى الخاصة بالأجهزة الإلكترونية في العراق.