مبادرة الحكومة لسلامة الطلاب هل تنقذ طلبة المدارس من الموت العبثي؟

بغداد / علي غني

 

أجزم أن الحكومة عازمة على معالجة حوادث الدهس التي يتعرض لها التلاميذ والطلاب من قبل (السائقين المتهورين)، فهي ترى أن شريحة الطلبة بحاجة إلى حماية حقيقية ومدروسة، لاسيما عند المدارس التي تقع بالقرب من الشوارع العامة، لذلك شكلت فريق عمل لإنجاز هذه المهمة التي أقل ما يقال عنها إنها تعاطف سليم مع الطفولة.

حادثة مفجعة
بعد حادثة مدرسة (الإبراهيمي) المفجعة في البصرة، التي راح ضحيتها أكثر من 20 تلميذاً، وحوادث دهس في بغداد والمحافظات، كان لابد من وزارة التربية ألا تكتفي بالحداد أو الإدانة، إنما تتخذ إجراءات لحماية الطلبة للحد من هذه الحوادث المؤلمة. لكن – والحق يقال – شعرت الوزارة أن إجراءاتها الفردية لم تحل المشكلة، فكانت مبادرة الحكومة لسلامة الطلاب بمثابة الإنقاذ لتقليل حوادث الدهس، فما المبادرة؟
فريق عمل
وجه رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني بمعالجة المخاطر المرورية التي يتعرض لها الطلاب يومياً، وهذا التوجيه وصل إلى فريق التواصل الحكومي، الذي شكل على الفور فريقاً متخصصا لضمان سلامة الطلاب أثناء تنقلهم إلى المدارس، هذا الفريق يتألف من جهات حكومية عديدة، بما فيها مكتب رئيس الوزراء، ومديرية المرور العامة، ووزارة الإعمار والإسكان والبلديات (ممثلة بدائرة الطرق والجسور والبلديات وأمانة بغداد ووزارة التربية). يركز الفريق على تحسين سلامة الطرق المحيطة بالمدرسة من خلال إجراءات عدة: إنشاء جسور للمشاة، ووضع مطبات سرعة، وتركيب علامات مرورية واضحة على الطرق القريبة من المدارس التي تبلغ بحسب إحصائية وزارة التربية (2226) مدرسة تقع على طرق سريعة.
إحصاءات صادمة
ربما قادتني الإحصائيات التي حصلت عليها من وزارة التخطيط إلى معرفة السر الذي قاد الحكومة لإيلاء هذا الموضوع أهمية قصوى. مدير إعلام هيأة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية، حسام الأمير، زودنا بأرقام الوفيات من التلاميذ والطلبة، ففي سنة 2022 كان عدد الوفيات الكلي (1838)، بينما بلغ عدد الوفيات من التلاميذ والطلبة الكلي في سنة 2023 (1884)، والغريب كلهم توفوا بحوادث دهس وأكثرهم من تلاميذ المرحلة الابتدائية، وهنا تكمن المصيبة؟!
وزارة التربية
لم يبخل وزير التربية الدكتور ابراهيم نامس الجبوري جهداً في السعي لمعالجة هذا الموضوع بالتعاون مع فريق العمل الحكومي، إذ كان يلتقي بانتظام مع المديرين العامين للمرور، مناقشاً معهم الخطط الستراتيجية لحماية الطلبة من مخاطر الطرقات، وتعزيز الدعم الذي يقدمه رجال المرور في تنظيم انسيابية دخول وخروج التلاميذ للمدارس، خاصة عند الطرق السريعة والخارجية، وهذا ما دعا المديريات العامة للتربية في بغداد والمحافظات إلى حث المفارز المرورية على تكثيف انتشارها قرب المدارس لتأمين عبور الطلاب بنحو آمن، وأن تكون مسؤولة عن انصراف التلاميذ والطلبة وعبور الشوارع القريبة.
إشارات المرور
وحث المشرف الاختصاص فيصل مدلول من تربية الكرخ الثانية إدارات المدارس، وضمن الإرشادات التي يجب أن تهتم بها حفاظاً على أرواح طلبتنا، خصوصاً في المراحل الابتدائية، “فعليهم تعليم الطلبة وتذكيرهم بأهمية الانتباه اثناء السير في الطريق، ومنها إشارات المرور، وقواعد المرور، وتنظيم حركة السير وتعلم معنى الإشارات التي تستخدم في الطريق العام (الأحمر والأخضر والأصفر)، كذلك أماكن وخطوط العبور للمشاة. بالإضافة إلى التنبيه حول عدم الركض في الشوارع، والانتباه عند النزول، وكيفية النزول من المركبات، وهذه التفاصيل التي تعد بسيطة لكنها جداً مهمة، ومن خلالها يمكن المحافظة على سلامة الأولاد والبنات، حتى خارج المدرسة أو اثناء العطلة.”
السرعة المقررة
وعزا العقيد حيدر شاكر، مدير علاقات وإعلام مديرية المرور العامة، كثرة الحوادث إلى تجاوز السرعة المقررة، فهي “تعد من أخطر المخالفات التي يرتكبها سائقو المركبات وتؤدي إلى حوادث خطيرة، وكذلك مخالفة استخدام الهاتف النقال أثناء قيادة المركبة التي تؤدي إلى تشتت الانتباه وبالتالي وقوع الحوادث، وكذلك عدم مراعاة أسبقيات السير والاجتياز الخاطئ.”
وبيّن شاكر أن “انخفاض نسبة الحوادث المرورية لهذا العام مقارنة بالأعوام السابقة نتيجة الإجراءات التي اتخذتها مديرية المرور العامة بإدخال التكنولوجيا الحديثة في عمل المديرية، كنظام المراقبة الإلكتروني للطرق (الرادارات الذكية)، وإجراءات توعوية لمستخدمي الطريق من خلال خطة التوعية المرورية، والإجراءات القانونية من خلال قيام مفارزنا برصد المخالفات لردع المخالفين.”
شروط الأمان
ولأن وزارة الإسكان من ضمن فريق العمل المكلف بمبادرة سلامة الطلبة، فما كان علينا إلا زيارة الوزارة لمعرفة خططها، وتصدى لهذا الأمر المهندس نبيل الصفار، المتحدث الرسمي للوزارة، فقال: “للحفاظ على الطرق وإدامتها تعمل وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة على إنشاء وتأهيل وصيانة العديد من هذه الطرق، وخاصة فيما يتعلق بالطرق الرابطة بين المحافظات وضمن مسؤولياتهم، إذ تعمل الدائرة على ذلك مراعية شروط الأمان والسلامة المرورية مع دوائر المرور في المحافظات بوضع العلامات المرورية الدالة، وتأثيث الطرق، ووضع الأسيجة الواقية لها، إضافة إلى عمليات التخطيط والإنارة.”
وتابع الصفار: “تم استحداث مديرية هندسة الطرق والعلامات المرورية التابعة إلى وزارة الداخلية، التي أخذت على عاتقها نصب اللوحات الإرشادية والعلامات الدالة على الطرق لتخفيف الحوادث المرورية، وفيما يتعلق بجسور المشاة داخل المحافظات فهذه من مسؤولية المحافظة نفسها، وبالنسبة لشوارع بغداد فتقع هذه المسؤولية على أمانة بغداد.”
ونحن في إعداد التحقيق الصحفي، صرح محافظ بغداد عبد المطلب العلوي عن خطة لإنشاء (64) جسراً كونكريتياً. لافتاً إلى أنه “سيتم نصب جسور مشاة اعتيادية في الأماكن التي تتواجد بها المدارس.”