تغريد العبدلي /
بعد أن استقر بهم الحال في تركيا ومضت الشهور الأولى على تواجدهم فيها، اقتضت حاجة أبناء الأسر العراقية النازحة واللاجئة التحاق أبنائها واستمرارهم في المسيرة الدراسية العلمية، وحرص البعض منهم على ابقاء أبنائهم في المدارس العراقية الأهلية بالرغم من الأقساط التي أثقلت كاهلهم من أجل مواكبتهم لمفردات المنهاج العراقي واللغة العربية.
بلغ عدد المدارس العراقية في تركيا نحو ٣٠ مدرسة توزعت في مختلف المحافظات التركية، منها انقرة واسطنبول وسامسون ومرسين وغازي عنتاب وغيرها، اما عدد الطلاب العراقيين الملتحقين في هذه المدارس وفق احصائية العام ٢٠١٨ – ٢٠١٩ فقد بلغ نحو ( ١٧٣٠٠ ) طالب في جميع المراحل الدراسية.
في هذا العدد تفتح مجلة (الشبكة العراقية) ملفاً خاصاً عن المدارس العراقية في تركيا .. ما لها وما عليها. وكان لا بد لنا في البداية من زيارة اللجنة الإشرافية في انقرة للتعرف على آلية عملها مع المدارس العراقية.
“ترتبط اللجنة الإشرافية في انقرة بقنوات ثقافية وتربوية عدة، وهي مكتب وكيل الوزير للشؤون الفنية ومكتب وكيل الوزير للشؤون الإدارية والمديرية العامة للإشراف التربوي في بغداد والمديرية العامة للتبادل الثقافي والمديرية العامة للتقويم والامتحانات والمديرية العامة للتعليم العام والأهلي والمسائي والأجنبي والمديرية العامة الرصافة الاولى، هذا يترتب عليه حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا والواجب الذي نقوم به لخدمة طلبتنا الأعزاء”. بهذه الكلمات بدأ الاستاذ المشرف التربوي (عبد الحكيم عامر) حديثه معنا.
* الشبكة : نظراً لوجود عدد من المدارس الموزعة في غالبية محافظات تركيا، هل تواجهون مصاعب في هذا الصدد؟
– عبد الحكيم: ان وجود المسافات الكبيرة بين المحافظات وتواجد عدد قليل من المشرفين يسبب لنا الارباك في العمل وضغطاً كبيراً في العمل وعدم الاستطاعة في تحقيق ما نطمح اليه، لذا نتمنى اعادة النظر في عدد المشرفين لكي تستطيع اللجنة الاشرافية اداء عملها بالشكل الذي نفخر به. اضافة الى اضطرار المشرف الى التوجه الى مكان واجبه في محافظات بعيدة يحتاج فيها الى نفقات سفر وتنقّل تثقل كاهل المشرف لأنه يدفع هذه المصروفات من ماله الخاص اي أنه ليست هناك مخصصات تُدفع له، وكذلك دفع ايجار بناية الإشراف التربوي في انقرة وكافة مستلزماتها من قبل المشرفين أنفسهم، يا حبَّذا لو تلتفت الجهة المعنيّة الى هذا الأمر.
* الشبكة : ما هي الإيجابيات التي تم رصدها من قبل اللجنة الإشرافية؟
– عبد الحكيم: استطاعت غالبية المدارس العراقية الحصول على مراكز متقدمة في الامتحانات العامة (ابتدائية – متوسطة – إعدادية) وبمعدلات تنافس المدارس الموجودة داخل العراق والبعض يُشهد له بالانضباط والالتزام والإنجازات العلمية واللاصفية والأنشطة الثقافية والرياضية، والبعض منها أوجد مكانة متميزة في المجتمع التركي واندمج معه وشارك في الأنشطة الثقافية والرياضية التابعة لمحافظته والحصول على المراكز الأولى والمتقدمة والتي ترفع اسم العراق عالياً في سماء تركيا وهذا إنجاز نفخر به كعراقيين جميعاً.
* الشبكة : ما هي ملاحظات الإشراف التربوي على هذه المدارس؟
– عبد الحكيم: وجود عدد من الإدارات غير المهنية وغير الكفوءة التي لا تتصف بصفات الإداري المتعارف عليها تربوياً وادارياً، هذا يتسبب بخلق فوضى وارباك للجنة الإشرافية في تصحيح الكثير من الأخطاء التي قد تثقل كاهلها، لذا نطمح ان يكون اختيار المدير تحت إشراف اللجنة الإشرافية في انقرة وتكون الموافقة عليه من قبلها ايضاً.
وهناك مسألة اخرى اثارت انتباهي هي أن المدارس، ولاسيما الثانوية، تفتقر الى المرشد التربوي ويفضل أن تكون (مرشدة تربوية) وستكون بمثابة العمود الفقري للمدرسة ويكون ارتباطها مع الإشراف التربوي ولا احد يتدخل في عملها حتى الإدارة نفسها، بهذا ستكون عاملاً مساعداً للطلبة لحل المشاكل التي يتعرضون اليها والسيطرة على مشاكل الاختلاط بين الجنسين وكذلك القيام بالزيارات الميدانية الى بيوت الطلبة إن اقتضت الحالة لذلك.
الإبداع والتميّز
تجوّلت (الشبكة) في اروقة بعض المدارس العراقية، اولى المحطة كانت عند (مدرسة الرافدين) في أنقرة، حيث التقينا مديرة المدرسة الست ابتهاج ناطق جمعة، قالت (للشبكة) : تأسست مدرستنا سنة ٢٠١٤ – ٢٠١٥ وهي من المدارس الأولى التي حصلت على الإجازة التركية.. واحتضنت المدرسة عدداً كبيراً من الطلبة النازحين إذ كان عددهم ١٠٠٠ طالب انتساب وكذلك دعم الطلبة الأيتام والمحتاجين وحرصنا على توفير الجو الملائم للدراسة في الغربة لتكون وطنهم الثاني وتوفير أحدث الوسائل التعليمية وانجاز نصف الواجبات البيتية في المدرسة وتواصل كامل بين المدرس والطالب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.. وقد تحقق ما نطمح اليه من خلال حصول مدرستنا على مراكز متقدمة في الامتحانات العامة، فقد نالت مدرستنا هذا العام المركز الاول في الدراسة الابتدائية بحصول الطالبة مريام اثير على معدل ١٠٠٪ وكذلك حصول الطالب مهند رياض المركز الاول في الدراسة الإعدادية سنة ٢٠١٦ – ٢٠١٧ بمعدل ٩٨ ٪ وكذلك احراز مدرستنا المراتب الاولى في مسابقات الرسم واللغة الانكليزية والرياضيات .
تضيف الست ابتهاج: شعار مدرستنا هو (مستمرون بالإبداع والتميّز) من خلال خطة الانتقال الى بناء اكبر مدرسة دولية في انقرة وتوفير مناخ تعليمي متطور مستخدمين أدوات تعليم ذكية.
نظام الانتساب
يتحدث رئيس مجلس إدارة (مدارس المعرفة العراقية) في مرسين الأستاذ مازن زكي الى الشبكة، فيقول: حرصت مدرستنا على الالتزام بالضوابط والتعليمات الإدارية الصادرة من الوزارة والمديريات واللجنة الاشرافية، ووفرنا الدعم اللوجستي اللازم لرفع المستوى العلمي والتربوي والنفسي للطالب ووفرنا خيرة الكادر التدريسي المشهود لها بالكفاءة والنزاهة وهذا ما ظهر جليّاً في النتائج التي تحققت في الأعوام الدراسية المنصرمة وحصول مدرستنا على المعدلات والمراكز المتقدمة وآخرها حصول الطالبة (رفل أنس) على المركز الأول في ٢٠١٧ – ٢٠١٨ بمعدل ( ٤٣.٩٨).
يضيف الأستاذ مازن: من اجل مصلحة الطلبة العراقيين الذين يقيمون في محافظات تركية لا توجد فيها مدارس عراقية وحرصنا على عدم ضياع مستقبلهم، نلتمس من وزارة التربية اعادة النظر والعمل بنظام الانتساب وفق شروط وضوابط تضعها الوزارة وتلتزم بها المدارس وهذا ما يؤدي الى ضمان التحاق كل الطلبة مع أقرانهم في صفوف الدراسة.
كانت محطتنا الاخرى في محافظة چورم، حيث التقينا مدير (مدرسة أكاديمية بغداد) الأستاذ طه موسى الذي قال: لقد اعتمدنا الاسلوب التحفيزي والتشجيعي للحصول على الدرجات والمعدلات العالية وكذلك الكوادر التدريسية الكفوءة وهذا ترتب عليه حصول مدرستنا على المراتب المتميزة في الامتحانات العامة بكافة مراحلها.
يضيف الأستاذ طه قائلاً: لديّ أقتراح أتمنى أن تأخذ به وزارة التربية، هو إن أغلب الطلبة هم من النازحين واللاجئين وقد مضى على تركهم المدرسة اكثر من سنتين، وعليه ضمن القانون لا يحق له الدوام في المدارس الصباحية وقد حُرم الكثير من الطلبة من أكمال دراستهم، لذا يتوجب انصاف هؤلاء وتسهيل قبولهم في المدارس الصباحية أو فتح دوام مسائي في المدرسة ذاتها لاحتوائهم وعدم ضياع مستقبلهم.
“تعتبر مدرستنا من المدارس العربية الأولى التي تحصل على الإجازة الدولية في تركيا وتسلسلها ١٩ وكذلك من أوائل المدارس التي تمت المصادقة من وزارة التربية التركية على مناهجها وتم إهداؤها الى جميع المدارس العراقية في تركيا وكذلك وجود نظام e okul وهذا يسهّل على الطالب العراقي الانتقال الى المدارس التركية او إكمال الدراسة الجامعية في تركيا وسهولة معادلة الشهادة هنا”.
نشاطات وفعاليات
يضيف مدير (مدرسة مستقبل نينوى) في مرسين، الأستاذ مناف محمد فوزي قائلاً: قدمت مدرستنا الكثير للنازحين وكانت لها بصمة بامتحان نحو ٢٤٠٠ طالب من العراق واستقبال الطلبة المتفوقين بأسعار مخفضة والأيتام والمتعففين مجاناً، ونعطي اضافة الى المنهاج العراقي اللغة التركية والفرنسية والحساب الذهني والفعاليات الأدبية والعلمية والفنية اللاصفية.
ويتحدث استاذ مناف عن الفعاليات التي شاركت فيها المدرسة: شاركت (مدرسة مستقبل نينوى) في مؤتمر المدارس الدولية في انقرة التابع لوزارة التعليم والتربية التربية والمشاركة في مهرجان البرتقال الدولي ولقد مثّلت مدرستنا العراق ووضع اسم العراق لأول مرة في هذا المحفل الدولي والمشاركة في المارثون الدولي في مرسين وحصولنا على الميدالية الذهبية للمشاركة.