علي غني /
أُسس في تموز عام ١٩٧٣ في منطقة الشيخ عمر باسم (مستشفى الطوارئ)، بسعة بلغت (٦٠) سريراً، ثم انتقل إلى منطقة العلوية باسم (طوارئ الرصافة)، بعدها عاد في منتصف الثمانينيات باسم (الواسطي التعليمي) ليصبح مركزاً علمياً للجراحة التقويمية في العراق.
قاد مستشفى الواسطي أطباء بدرجة (بروفسور) ابتداءً بعلاء بشير حتى عباس الصحن، المدير الحالي للمستشفى، الذي يرسم الجمال والأمل في العراق لفاقدي الجمال.. كيف؟ تلك قصة لمبدعين يرون الحياة بصور لا نراها نحن البشر العاديين.
أسماء بصور نجوم
منذ أن تولى إدارته الدكتور علاء بشير في السبعينيات، مروراً بأساطين الطب الذين يحملون لقب (بروفيسور): زكريا يحيى، ووليد عبد المجيد، وجعفر هادي زيني، وأحمد صالح الجواد، وعبد الخالق صاحب، ومحمد بريسم، وانتهاءً بالمدير الحالي عباس الصحن، الذي لم يجلس على كرسي الإدارة (كما همس في أذني أحد مرافقيه في المستشفى) تواضعاً للعلم والعلماء الذين قادوا هذا المستشفى وحباً بمستشفاه الذي أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه رئة الجمال في العراق، فما زال الواسطي يزخر بالطاقات العلمية، وهو يمنح شهادة البورد العراقي والعربي (أعلى درجة علمية) لطلبته في مجال الجراحات التقويمية والتجميلية وجراحة العظام والوجه والفكين.
إعادة الأجزاء المبتورة..
أصر الدكتور عباس محمد الصحن النصراوي، مدير المستشفى، على أن يصحبنا في جولة بالمستشفى ليطلعنا على الخدمات التي يقدمها المستشفى لنستكمل الحوار لاحقاً، فوجدت أن المستشفى، الذي يقدم خدمات صحية دقيقة وتخصصية، بحاجة إلى توسيع بنايته (وجهة نظري)، ثم عدنا بعد الجولة إلى مكتبه. بعد استراحة قصيرة قال لي: نحن المركز التخصصي الوحيد في العراق في مجال الجراحة التقويمية والتجميلية، الذي يقدم خدمات بمستوى (ثلاثي)، بمعنى ثلاثة مجالات هي: الجراحة التقويمية، والتجميلية وجراحة العظام، وجراحة الوجه والفكين، ولدينا وحدات ساندة مثل شعبة العلاج الطبيعي والمساند، ومركز كامل للمفراس والرنين والأشعة، وقسم للأسنان، ووحدة الليزر.
وما يحسب للواسطي أنه يعدّ من الأعمدة الأساسية لوزارة الصحة، لأنه أعاد الأمل إلى عشرات المرضى الذين بُترت أطرافهم، أيديهم أو سيقانهم، جراء الحوادث المؤسفة. وربما تصيبك الدهشة إذا قلت لك إن إحدى العمليات التي أجريت في المستشفى لمريض بترت ساقه استغرقت قرابة ست عشرة ساعة، وهذا يعني أننا نمتلك أطباء لهم مكانة علمية مرموقة في العالم بشهادة الفرق الطبية العربية والأجنبية التي كانت تزور المستشفى لتبادل الخبرات.
إدامة التواصل..
ويكفي (الكلام للدكتور الصحن) أن المستشفى خرّج أكثر من (٣٠٠) من الأطباء الذين يحملون شهادة الدكتوراه في اختصاصات الجراحة التقويمية والعظام والوجه والفكين، الذين ما زالوا يجرون العمليات النادرة والمعقدة بكفاية علمية ممتازة يشهد لها الأطباء من الدول المتقدمة، وقد نشروا في مجلات علمية عالمية، إذ يحتل الجراح العراقي (د. داود) مرتبة متقدمة في دولة الإمارات، كما لا يخلو أي بلد في العالم أو من دول الجوار من القمم العراقية في الطب. وأنا أحلم، مثل أي عراقي يحب بلده، أن يتطور المستشفى أكثر، وذلك بأن نديم التواصل الرسمي المستمر مع المراكز المتقدمة في الولايات المتحدة وإنكلترا وفرنسا عن طريق الزمالات الدراسية والبعثات المتكررة للاختصاصات المتوفرة عندنا.
يتابع النصراوي: إذا أردنا أن نتطور أكثر فعلينا أن نربط العمل الطبي والجراحي مع هذه المراكز العالمية المقدمة لغرض التصحيح وتقديم المشورة الطبية اللازمة لبعض الحالات المعقدة، التي تتطلب مشورة خاصة من اختصاصات نادرة، كما أننا نحتاج إلى مركز إعلامي يتواصل مع المجلات العالمية الرصينة لغرض نشر البحوث الرصينة الأصيلة وتسجيلها في الأرشيف الطبي العالمي، ولكي يكون التطور متكاملاً نحتاج إلى العديد من الأجهزة الطبية المزودة بالتكنولوجيا الحديثة، التي تساعد في أداء الجراح أثناء التداخل الجراحي (المايكروسكوب الحديث)، كما نحتاج إلى الروبوتات الطبية التي تساعد في إجراء تداخلات جراحية عبر الإنترنت (تلي مدسن)، وذلك قد يسمح لجراحين عالميين بالاشتراك بالمشورة والتداخل الجراحي عن بعد.
إعجاب عالمي..
لم يبخل علينا الدكتور مروان غانم الطائي، استشاري جراحة الوجه والفكين، بمعلوماته ومنها أن عدد المراجعين للمستشفى شهرياً بمعدل (٥٠٠٠-٦٠٠٠) مراجع، وأن عدد العمليات التي يجريها المستشفى شهرياً يبلغ بين (٧٠٠-٩٠٠) عملية، وأن المستشفى أجرى عمليات نوعية متميزة تضاهي العمليات التي تجرى في الدول العربية أو الغربية كإعادة الأعضاء المبتورة، وعمليات مفصل الركبة المعقدة، ونقل العضلة، والتشوهات الولادية.
يواصل الدكتور الطائي حديثه قائلاً: يمكنني أن أقول لك بكل فخر إن الجراحين الأجانب الذين أجروا عمليات في المستشفى أشادوا بالجراحين العراقيين، ووجهوا لهم دعوات لزيارة بلدانهم لما شاهدوه من خبرة علمية كبيرة لديهم.
تفاؤل وسعادة..
فيما أبدت مسؤولة قسم وحدة الليزر زينب رزاق عبد الله تفاؤلها بما يُقدم من خدمات للحالات التي تحتاج للعلاج بالليزر، إذ تقول: إن أكثر من (٢٠٠) حالة شهرياً يستقبلها المستشفى وبنسبة شفاء بلغت (٧٠-٩٠) بالمئة، بفضل الجهاز الذي نملكه، الذي يتميز بمواصفات ممتازة، وأضافت: إننا نشعر بالسعادة حينما نرى المرضى يشيدون بخدماتنا لهم وهم يتماثلون للشفاء، وتلك أمنياتنا لجميع المرضى.
صناعة الجمال..
ينفرد مستشفى الواسطي بالتعامل الجمالي الراقي، فالمريض الذي تعرض للحروق، لابد من إزالة التشوهات التي خلفتها الحروق في جسده، كما أنه يحتاج إلى أن يستعيد قواه بعد الحادث بالعلاج الطبيعي. كذلك المريض الذي تعرض لحادث نتجت عنه تشوهات في وجهه، سواء جراء حادث سيارة أو أي حادث يومي، لابد أن يفكر بجمالية وجهه بعد الحادث، وانعكاساته النفسية عندما يتعامل مع المجتمع، كذلك الذي بترت يده أو ساقه.
لقد زودت وزارة الصحة مستشفى الواسطي بأحدث الأجهزة المتطورة عالمياً، كما أن فيه كثيراً من الأطباء الذين يمتلكون الخبرات الإبداعية، وثمة ضرورة لإعادة النظر في كثير من التفاصيل، منها الاهتمام المتميز بشؤونهم الحياتية ودعمهم مادياً ومعنوياً من أجل إدامة الصلة بينهم وبين مرضاهم، والحفاظ على هذه الملاكات التي تصنع الحياة.