موقف مُشرف للأسرة التربوية.. مدرسون ومعلمون يضيّفون طلبة لبنان

بغداد/ علي غني
لم تبخل إدارات المدارس والهيئات التعليمية والتدريسية في تقديم كامل الدعم للطلبة والتلاميذ اللبنانيين النازحين، الذين التحقوا بالمدارس العراقية، بل وصل الأمر إلى أكثر من ذلك، حينما عرض العديد من المدرسين تضييف عائلات الطلبة والتلاميذ. مثل هؤلاء الكرام هناك العشرات ممن يرون أن الواجب الأخلاقي يوجب علينا أن نضيف (ناسنا) من لبنان العزيز. فالعراق معروف بضيافته،

ونحن نعرف الألم الذي يسببه النزوح، لذلك تجد أن كل تلميذ أو طالب لبناني هو الآن يسكن في قلب عائلة عراقية، كما أن وزارة التربية، من جهتها، وجهت جميع المدارس بتسهيل قبول التلاميذ والطلبة اللبنانيين في جميع المدارس بالعراق.
مدرسة قريبة
وضعت المشرفة التربوية داليا عبد الجبار كل إمكانياتها التربوية في خدمة التلاميذ اللبنانيين النازحين، على الرغم من انشغالها في ترتيب البيت التربوي العراقي، ولاسيما أننا في بداية العام الدراسي الجديد (2024 – 2025)، فهي تتابع أي مدرسة يقبل بها هؤلاء التلاميذ لتسألهم عن احتياجاتهم الدراسية، بدءاً من رحلات الجلوس في الصف، ودمجهم مع أقرانهم التلاميذ العراقيين، وانتهاءً بتوفير الكتب والقرطاسية واختيار المدرسة القريبة من سكنهم، كذلك تجتهد في توفير الأجواء التربوية لمواصلة دراستهم وتعويضهم عن كل ماسببه النزوح من آلام نفسية، وهذا أقل ما نقدمه للبنان الشقيق.
تعويض الدروس
فيما تقول مدرسة اللغة العربية في (متوسطة الغسق للبنات) شيرين مناتي: “سنعوض جميع التلاميذ اللبنانيين عن الدروس التي فاتتهم بما هو متاح من الوقت الخاص بنا، وذلك لمساواتهم مع التلاميذ العراقيين وتسهيل فهم المواد الدراسية، إلى جانب دمجهم وتوفير الاحتياجات الضرورية لمواصلة تعليمهم في العراق. وهذا جزء بسيط من واجبنا الوطني والأخلاقي تجاه أبناء لبنان الشقيق، فالظروف -شئنا أم أبينا- ستتحسن، لذلك فإن علينا القيام بواجبنا، وهذه طبيعة العراقي التي لم ولن تغيرها المحن، ولا سيما أن العلم هو طريق إلى الجنة.”
بينما ترى مديرة (متوسطة الغسق للبنات) سؤدد فيصل عباس أن “توجيه وزير التربية الدكتور إبراهيم نامس وضعناه نصب أعيينا في تسهيل أمور قبول الأشقاء، ونحن برغم الحزن على لبنان العزيز، إلا أننا فخورون بتضحياتهم، لذلك فإن جميع الطالبات اللبنانيات هن في القلب، وسنقدم لهن كل الدعم، لأنهن طالباتنا.”
الأعداد تتزايد
الوزارة -من جهتنا- بدأت باستقبال الطلبة والتلاميذ اللبنانيين في مديرياتها العامة، إذ كشف المتحدث باسم الوزارة كريم السيد أن “أعداد الطلبة من الأشقاء اللبنانيين بدأت تتزايد، بعد أن كانت في الأيام الأولى قليلة، وعندما تستقر العائلات وتثبت أماكن إقامتها، فإن الوزارة سوف تستقبل جميع الطلبة النازحين، في حال كانوا يمتلكون وثائق دراسية تثبت مراحلهم الدراسية، وحتى الذين لا يمتلكونها، على اعتبار أنهم جاءوا في وضع استثنائي.”
الوزير يوجه
المديرية العامة للتقويم والامتحانات، سرعان ما نفذت توجيهات وزير التربية الدكتور إبراهيم نامس، فقد وقع مديرها العام الأستاذ شاكر نعمة عبد عون الكتاب الخاص بتسهيل التعليمات، إذ سيجرى قبول الطالب أو التلميذ في أقرب مدرسة إلى سكناه، ووضعهم مع أقرانهم من التلاميذ والطلبة العراقيين بحسب معلومات ولي الأمر عن الصف الذي وصل إليه التلميذ أو الطالب في المدارس اللبنانية، مع أخذ تعهد خطي من ولي الأمر ترفق معه المستمسكات الثبوتية (جواز السفر أو هوية الأحوال المدنية، أو أية مستمسكات أخرى، إلى جانب فتح صفحة قيد عام لهم، مع الإشارة إلى رقم وتاريخ كتابنا بدون مطالبتهم بالوثائق المدرسية للمرحلة السابقة، وفي حال نجاحهم من المرحلة المنتهية (الصف السادس الابتدائي، الثالث المتوسط، والسادس الإعدادي) سيتم تزويدهم بالوثائق المدرسية.
لجان استقبال
كما تشير المعلومات إلى أن المديريات العامة للتربية في بغداد والمحافظات شكلت لجان استقبال لهؤلاء الطلبة، وهيأت لهم الكتب المدرسية المقررة، وأن الأعداد في تزايد مستمر، ولاسيما في محافظتي كربلاء والنجف، حيث قد أبدت العتبتان الحسينية والعباسية تعاونهما التام مع وزارة التربية في توفير المستلزمات الخاصة للطلبة والتلاميذ، كما أنهما تزودان باستمرار هذه المديريات بأعداد الطلبة والتلاميذ النازحين كلما وصلت أعداد جديدة منهم، والأمور تشير إلى وصول أعداد جديدة.
مقترحات
في الختام، نتمنى على وزارة التربية توفير الإحصائيات بأعداد الطلبة والتلاميذ من أشقائنا النازحين، والمناطق التي استوعبت العدد الأكبر منهم، ولاسيما محافظات كربلاء والنجف والحلة، بما يسهل على الوزارة تقدير الحاجات الحقيقية للكتب والقرطاسية وتوفير أماكن السكن، وأن تعمل على التوزيع العادل بين المدارس التي سيلتحق بها النازحون، دون التأثير على طلبة المدارس الحكومية. كما أن الوزارة لم توضح هل أنها ستسمح للطلبة النازحين بالقبول في المدارس الأهلية، ومن يتحمل كلف الدراسة، وهل ستسمح للطلبة النازحين الذي يتأخرون عن الالتحاق بالمدارس بشمولهم بدوام الانتساب؟ هذه التساؤلات وغيرها يمكن أن تستفيد منها وزارة التربية.