بغداد ـ طه حسين/
معالم تاريخية نقلت لنا أصالة الماضي وتغنت بحكاياته الجميلة، وكانت دليلاً واضحاً على عظمة هذه الأمة وإنجازاتها التي علمت الناس الكتابة، وشرعت لهم القوانين، ووضعت لهم أسس العلم، ورسمت لهم مستقبلاً مشرقاً من خلال تلك المعارف والعلوم، التي أسهمت في صنعها ونشرها وإيصالها إلى كل بقاع العالم.لذا فقد كان لزاماً علينا المحافظة على تلك الشواهد من التشوّه والتلف والاندثار وإيصالها كما هي إلى الأجيال القادمة لينهلوا منها، ولتكون لهم دافعاً وحافزاً معنوياً لإعادة أمجاد هذه الأمة العريقة العظيمة التي كانت في يوم من الأيام حاضرة الدنيا ومركزاً للعلوم والمعرفة.
شواهد تاريخية
المشرف على منتدى خان المحمودية التراثي السيد (كفاح الحمداني) ناشد من خلال “مجلة الشبكة” الجهات المعنية في وزارة الثقافة، المتمثلة بهيئة الآثار والتراث، بضرورة الاهتمام بهذه المعالم التاريخية وتخصيص المبالغ المالية اللازمة لإعادة تأهيلها وترميمها وحمايتها من الزوال والاندثار، باعتبارها الجهة الرسمية المسؤولة مباشرة عن حماية المباني الآثارية والتراثية، مشيراً إلى أن واحداً من هذه الشواهد التاريخية التي تزين معالم مدينة المحمودية هو خان المحمودية، الذي شُيد في سنة 1650 ميلادية في العهد العثماني، ليكون ملتقى ومبيتاً لقاصدي مدينة بغداد القادمين من المحافظات الجنوبية، باعتباره النقطة الأقرب إلى مداخل مدينة بغداد من جهتها الجنوبية.
إهمال متعمد
وبيّن الحمداني أن هذا الخان عانى خلال السنوات الأخيرة من الإهمال الشديد، بل أحيلت الأرض المشيد عليها إلى الاستثمار، وباشر المستثمر في حينها بأعمال إزالة الخان لولا تدخل أهالي المنطقة ومثقفيها ليحولوا دون ذلك، وإلغاء فكرة إقامة مشروع استثماري بدلاً عنه، وليجري تحويل الخان إلى ملتقى ثقافي لأهالي المدينة لإقامة الحفلات والندوات الثقافية على أرضه، إلا أن إزالة الأركان الداعمة لسياج الخان من قبل المستثمر في حينها أضرت بقوة جدار الخان الذي بدأ بالتساقط نتيجة الأحوال الجوية وتعرضه للأمطار والرياح القوية التي تسببت بهدم أجزاء منه، ما حدا بنا إلى إطلاق صرخة استغاثة من خلال “مجلة الشبكة” التي تبنت الموضوع مشكورة وعرضته أمام الجهات المعنية من أجل وضع خطة آنية لمعالجة تلك الأضرار وصيانة الخان قبل فوات الأوان.
المعالجة حسب الأولويات
وكيل وزارة الثقافة الدكتور (عماد جاسم) أكد في حديث لـ “مجلة الشبكة” حرص الوزارة على الاعتناء بالأماكن الآثارية والتراثية، لافتاً إلى أن الوزارة مستمرة في وضع ورسم الخطط اللازمة لذلك، باعتبارها الجهة الرسمية المسؤولة بشكل مباشر، من خلال هيئة الآثار والتراث التابعة لها في المحافظة على هذا الإرث التاريخي الذي تركه لنا الأجداد، والعمل بكل جدية على إدامته بصورة مستمرة وإظهاره بالشكل الذي يليق به، على أن تكون معالجة تلك المشاريع وتنفيذها حسب الأولويات والضروريات. مشيراً إلى أن الوزارة عملت على تحويل غالبية الأماكن التاريخية والتراثية إلى أماكن سياحية، لتتمكن جميع شعوب العالم من الاطلاع على تلك الآثار والشواهد التاريخية، ليتعرفوا على عظمة الإرث التاريخي الذي يحمله هذا البلد العظيم، ولتسهم هذه المردودات المالية في تنفيذ المشاريع المتعلقة بإعادة ترميم وصيانة تلك الآثار وإدامتها وحمايتها من الاندثار.
قلة التخصيصات المالية
مدير العلاقات والإعلام في هيئة الآثار والتراث عزا، في تصريح لـ “مجلة الشبكة”، عدم قدرة الهيئة على تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل وترميم المباني والأماكن التاريخية والآثارية، إلى قلة التخصيصات المالية، الأمر الذي تسبب في فقدان البلد لعدد من تلك الأماكن التي تعرضت إلى الانهيار نتيجة عوامل عديدة، فمنها ما تعرض إلى الظروف المناخية والزلازل والحرائق، وغيرها من العوامل الداخلية والخارجية التي أدت إلى تعرض تلك الأماكن إلى أضرار جسيمة بلغت حد انهيار مبانٍ تراثية عديدة بالكامل، كان آخرها مبنى السينما الواقع في شارع الرشيد، الذي شهد إقامة حفل الفنانة أم كلثوم في أواسط القرن الماضي، مناشداً الحكومة العراقية العمل على زيادة التخصيصات المالية المتعلقة بهذا الجانب، داعياً في الوقت نفسه الجهات غير الحكومية والمنظمات والجمعيات العالمية إلى العمل على تقديم المساعدة اللازمة للمساهمة في تنفيذ مشاريع ترميم وإعادة إعمار تلك المباني، باعتبارها ثروة وطنية يجب إدامتها والحفاظ عليها.