علي غني /
بدأت تجربة تطبيق الأحيائي والتطبيقي منذ العام الدراسي 2015-2016 (أي منذ ثلاث سنوات) في المدارس الإعدادية للفرع العلمي من الصف الخامس الإعدادي، وقد أثار تطبيق القرار منذ بدايته جدلاً واسعاً بدءاً من المدرسين وانتهاءً بأولياء الأمور، وما زال الجدل محتدماً دون حلول.
ما التجربة؟
من باب تنويع التعليم – كما ترى وزارة التربية – تقرر استحداث هذا النظام، ويبدأ في المرحلة الإعدادية من الصف الخامس الإعدادي(الفرع العلمي)، فبإمكان الطلبة أن يختاروا الفرع الذي يرغبون بمواصلة الدراسة فيه بحرية، ومن دون ضغوط. لكن المشكلة الكبرى التي تواجههم كطلبة، أنهم لا يملكون دراية بالمفردات، وإنما يختارون الفرع الذين يرغبون فيه اعتماداً على آراء الغير، وتلك كارثة، لأنهم سرعان ما يصابون بالندم، وتبدأ قصة تغيير الفرع بالحسرة، وتقريع النفس طوال العمر.
إلغاء القرار أفضل
المشرف الاختصاصي شرحبيل عبد الوهاب يفضّل العودة الى النظام الذي كانت تعتمده وزارة التربية سابقاً، ألا وهو نظام العلمي والأدبي، لأن الحقيقة المرة التي يجب التصريح بها، أن الطلبة لا يفهمون ما التطبيقي وما الأحيائي، لذلك أعتقد أن إلغاءه أفضل لأن الوزارة ركزت المادة العلمية في الأحيائي أكثر من التطبيقي.
“أعتقد جازماً أن التجربة أثبتت فشلها في المدارس”، هذا ما قاله مدرس الفيزياء كاظم رحيم في “إعدادية ذو الفقار العلمية”، عازياً الأسباب الى ضعف إعداد الملاك التعليمي وازدواجية الدوام، وافتقار التجربة برمتها الى تقويم مناسب من وزارة التربية.
لكن زميله، مدرس اللغة الانكليزية محمد بدر، خالفه الرأي مؤكداً أنه لو تم تطبيق نظام الأحيائي والتطبيقي على أسس علمية ومتابعة ميدانية لأثمر عن إيجابيات، لكن سوء استخدامه من بعض المتصدين له جعله عبئاً على الطالب والمدرس، وباختصار فإن التخصص من الضروري تطبيقه في المرحلة الإعدادية.
ضياع المعدلات
مدير “إعدادية ذو الفقار” العلمية، الأستاذ مالك عبد الستار، أثار العديد من النقاط المهمة، فهو يتعامل مباشرة مع استمارات الطلبة في القبول، منها أن الطالب يكون دائماً في حيرة عند الاختيار بين الفرعين الأحيائي والتطبيقي في مرحلة الخامس العلمي، وهو لا يدري كيف يختار، كذلك التركيز على مادتي الرياضيات والفيزياء في الصف السادس العلمي (فرع التطبيقي) بنحو أقل، ما أدى الى ازدياد نسبة الرسوب، بينما نرى تركيزاً بنحو أكثر في مادتي الفيزياء والرياضيات في الفرع الأحيائي، فضلاً عن ضياع معدلات كثيرة تنحصر بين (85-90) وقبولها في كليات لا يقتنع بها الطلبة المتخرجون بالنسبة للفرع الأحيائي، وهذا يعني عدم التساوي بمعدلات الفرعين الأحيائي والتطبيقي، وأخيراً ربما يزعل منا كثيرون، أن هذا الإجراء غرضه الإفادة المادية وذلك لزيادة طباعة الكتب.
فكرة ناجحة ولكن ليس وقتها!
مدرس الرياضيات خليل إبراهيم في “متوسطة الطف”، وصفها بأنها فكرة ناجحة لكنها ليست في وقتها لأننا نعاني مشكلة كبيرة في التعليم منها النقص في المدارس واكتظاظ الصفوف بالطلبة وتدني مستوى التعليم في العراق.
فيما عزا زميله مدرس الكيمياء عبد الرزاق جاسم فشل التجربة إلى كونها متعبة للمدرس والطالب، فالمدرس تتشتت أفكاره بين التطبيقي والأحيائي، في حين يحرم الطالب من الاختيار الحر.
الأحيائي والتطبيقي باقيان
المعاون العلمي لمدير عام المناهج في وزارة التربية الأستاذ سعدي علي العكيدي يقول: إن نظامي الأحيائي والتطبيقي باقيان، لأننا في وزارة التربية نعيد النظر بالمناهج كل أربع سنوات أو خمس، فإذا وجدنا أن هناك حاجة للتغيير يمكننا أن نجري ذلك التغيير بأوامر من جهات عليا، أما إذا لم نجد فلا نغير، لكننا يمكن أن نجري تنقيحات على المنهج بعد أن تردنا ملاحظات من الملاكات التدريسية والمختصين.
وأضاف: إن المنهج يؤلف لهدفين هما المدرس والطالب وليس لأولياء أمور الطلبة، فهؤلاء هم عامل مساعد، لكننا نفتقر الى التدريب الكامل للمدرس، كما تعاني بعض مدارسنا مشكلات منها الدوام المزدوج، هذان السببان يؤثران بشكل غير مباشر في صعوبة المناهج، ونحن عندما نغير المناهج نستعين بخبرة المنظمات المتخصصة ومنها منظمة اليونسكو، وغيرها.
مجلس النواب والتربية
بعض أعضاء مجلس النواب طالبوا وزارة التربية بإلغاء نظام التعليم (الأحيائي والتطبيقي) في المدارس الثانوية لعدم ملاءمته الظروف العملية التعليمية في العراق وذلك بتوجيه رسالة للوزارة عن طريق رئيس مجلس النواب، وجاءت أسباب الإلغاء بالوثيقة المرسلة الى الوزارة، كونه سبّب إرباكاً واضحاً في العملية التعليمية وأحدث إشكاليات في القبول المركزي أثناء المدة التي طبقته الوزارة، لذلك من الضروري إعادة العمل بالنظام الدراسي السابق (علمي، أدبي).