بغداد/ علي غني/
في كل عام دراسي تدخل المديريات العامة للتربية في بغداد والمحافظات في قصة وتداعيات الكتب المنهجية، كتب مطبوعة جرى تغييرها وكتب قديمة يجب تصحيحها من الأخطاء، ويمضي الطلبة الأسبوع تلو الآخر دون أن يستقروا على منهج، ولهذا طالب تربويون باستبدال الكتب التي أرهقت ميزانية التربية وما يجري فيها من فساد، والتوجه الى التعليم الإلكتروني للصفوف الثانوية أولاً، ولاسيما أن هذه التجربة حققت نجاحاً لافتاً في وقت ما، وهناك عدد من المدارس تعمل بها.
مشكلة مزمنة..
بقيت مشكلة طباعة الكتب المدرسية مزمنة منذ عهد النظام السابق إلى يومنا هذا، ولطالما اعتمدت الحلول الترقيعية، فكان النظام التربوي السابق يعتمد على استرجاع الكتب المدرسية بعد نهاية كل عام دراسي ويشترط على التلميذ والطالب أن تكون نظيفة وغير ممزقة، وإلا سيواجه غرامات مالية، بمن فيهم تلاميذ الصفوف الأولى، لكنه اضطر أيضاً إلى طباعة الكتب المدرسية في المملكة الأردنية الهاشمية فترة من الزمن، وسرعان ما تحول إلى المطابع الأهلية بعد أن اكتشف تلاعباً في عقود طباعة الكتب بملايين الدنانير الأردنية آنذاك.
أما في عهد ما بعد التغيير، بعد (2003)، فقد تباينت مواقف وزراء التربية بشأن طباعة الكتب المدرسية، فبعضهم استعان بالمطابع الأهلية، والآخر اعتمد على مطابع وزارة التربية والمؤسسات الساندة لها، لكن المشكلة لم تحل أيضاً، لأن الوزارة تواجه كل سنة شحّاً بالكتب لبعض المراحل، ولاسيما تلك التي تجري عليها تغييرات عديدة بسبب سياسة اليونسكو المتبعة مع الدول التي تفرض عليها إعادة النظر بالمناهج كل خمسة أعوام، فضلاً عن المناهج الجديدة التي تتأخر غالبية الوزارات ما بعد التغيير بطباعتها، وبعذر يكاد أن يكون دائمياً وهو (قلة التخصيصات المالية)، ناهيك عن شبهات الفساد المالية التي ترافق عمليات طباعة المناهج.
روابط إلكترونية..
الناطق باسم وزارة التربية كريم السيد: ذكر أن “الوزارة تفكر بالاستغناء عن الكتاب، لتتجه نحو استخدام الحاسوب و(التاب) الشخصي.” لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى، بل تناسى أن يخبر الناس هل أن الوزارة ستوفر الحاسوب أو التاب الشخصي للطلبة، أم أن ذلك يكون على حساب أهالي الطلبة والتلاميذ.
تسلم تباعاً..
طلبنا من الدكتور (سعد الربيعي)، المدير العام لتربية الكرخ الثالثة، قبل أن يبدأ العام الدراسي الجديد، أن يعطينا تصوراً واضحاً عن كيفية حل مشكلة الكتب المنهجية، والمراحل التي قطعتها المديرية في البنايات المدرسية، فأشار إلى مخزن التجهيزات في المديرية وقال: “تسلمنا أكثر من (40) عنواناً وباشرنا بتوزيعها على المدارس، فضلا عن تجهيز المدارس بالرحلات المدرسية والسبورات الذكية والعادية، وكذلك الاحتياجات المدرسية الأخرى، وبقية الكتب ستسلم تباعاً بعد إنجاز طباعتها من قبل وزارة التربية، ونحن نعمل ليلاً ونهاراً من أجل ايصالها الى المدارس.”
وتابع الربيعي: “لدينا بحدود (40) مدرسة تحت الترميم، وهي من ضمن خطة الأمن الغذائي (الأمانة العامة لمجلس الوزراء)، كما أن لدينا مجموعة أخرى تسمى (مشروع رقم واحد)، كما فتحت (4) مدارس. وأما عن خطة المحافظة، فقد أضيف (90) صفاً إضافياً موزعة على (15) جناحاً. ولا أخفي عنكم الحقيقة، فنحن نحتاج الى (250) مدرسة بناء جديد. أما بشان القرض الصيني فقد جرى بناء (11) مدرسة، وهناك (12) مدرسة إضافية، كما أن هناك خططاً أخرى ضمن خطة (هدم وبناء وإعادة بناء المدارس الآيلة للسقوط).
مناطق الأطراف
ومن تربية الكرخ الثالثة، توجهنا الى تربية الكرخ الثانية لنصلها بعد الدوام الرسمي، لنجد عمال الخدمة وهم يتسلمون (14000) رحلة مدرسية من الجهد الهندسي في رئاسة الوزراء وهيئة الحشد الشعبي ومن وزارة التربية بوجود الأستاذ (رعد شخير فالح)، مدير قسم الإدارة والتجهيزات في المديرية العامة للكرخ الثانية، وهو يشرف بنفسه على عملية التسلم، فسألناه لمن سيكون توزيع هذه الرحلات فقال إنه “مكلف من المدير العام الدكتور قيس الكلابي بتوزيعها بين قواطع المديرية كافة، ولاسيما مناطق أطراف بغداد (المعالف، والمحمدية ، وأبودشير، واليوسفية، واللطيفية، وحي العامل، والدورة)، أما فيما يخص الكتب، فقد تم تسلّم العناوين كافة للمرحلة الابتدائية من الصف الثاني ولغاية السادس الابتدائي، وستوزع بين المدارس بحسب خطة التوزيع المستلمة من وزارة التربية بنسبة (47.5%)، وحالما تأتينا طبعات أخرى سنوزعها حتى لو تطلب الأمر أن نداوم ليلاً.”
ارتأت مجلة (الشبكة العراقية) أن تقترح على وزارة التربية تشكيل لجان فنية متخصصة تبحث بنحو عقلاني وعلمي لإيجاد حل دائمي بعيداً عن المجاملات والحلول الترقيعية، وأن تتبع سياسة اليونسكو في قضية إعادة النظر بالمناهج كل خمسة أعوام، وكذلك جميع الظروف في المدارس العراقية، وإنهاء مشكلة طبع الكتب التي تستنزف ميزانية الوزارة وتتعرض صفقاتها ال شبهات فساد.