هل ينجح التعليم الموازي في مدارس وزارة التربية؟

علي غني /

طبقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تجربة التعليم الموازي، الذي يتيح للطالب الذي يحصل على معدل أقل بقليل من الحدود الدنيا للكلية التي يرغب بالانتساب أن يتقدم للقبول فيها، مقابل رسوم مالية، وقد نجحت التجربة الى حد ما في وزارة التعليم العالي، ولا سيما في أوساط الطلبة الراغبين بالقبول في الكليات الطبية والهندسية.
مناشدات كثيرة وصلت إلينا لتطبيق تلك التجربة على مدارس وزارة التربية، عرضنا هذه الفكرة على المتخصصين في مجال التربية والمدرسين والمعلمين والمشرفين، فماذا كانت الحصيلة؟
لو كان التعليم رصيناً؟!
المعلمة الجامعية يسرى شنشول من مدرسة “ابن ماجد” في الكرخ الثانية، قالت: لو كان التعليم رصيناً، لما احتجنا الى هذا المقترح، لكن مع الأسف نحن في العراق لم نستفد من التجارب الناجحة في التعليم سواء أكان في فنلندا أم اليابان، على الرغم من امتلاكنا عقولاً تربوية فذة من التربويين القدماء الذين يمتلكون كل مقومات النجاح لإعادة السمعة الطيبة الى المدرسة العراقية.
في حين رأت المدرسة المتقاعدة إنعام الهاشمي أن تطبيق مقترح التعليم الموازي على مدارس وزارة التربية سيسمح للطلبة الضعفاء بالدخول الى التعليم المتميز، لذلك بدلاً من أن نترك أولياء الطلبة تصيبهم الحيرة في اختيار المدرسة، علينا إصلاح منظومة التعليم بصورة عامة، لتصبح مدارسنا جميعاً متميزة.
العدد سيزداد؟
يقول مدير الإشراف الاختصاصي في تربية الكرخ الثانية الأستاذ عبود حسب الكعبي: إن نقل فكرة التعليم الموازي من التعليم الجامعي الى التعليم في وزارة التربية بصنوفه كافة سيؤدي الى زيادة أعداد الطلبة في الصفوف وإرباك العملية التربوية، لأننا أصلاً نعاني من قلّة المدارس في وزارة التربية.
أضاف الكعبي: نحن نغذي التعليم العالي بالطلبة، فعلينا أن نركز على الكفاية العلمية لهم، والمحافظة على الطلبة المتميزين منهم، لأنهم ثروة وطنية، لذا علينا أن نحافظ على قبول الطلبة بمعدلات عالية في مدارس المتميزين.
في حين قال زميله الأستاذ فاضل خلف عزيز مدير الإشراف التربوي في التربية ذاتها: إنه تم فتح مدارس التفوق وهي موازية لمدارس المتميزين وتقبل التلاميذ من معدل تسعين فصعوداً، وهي بذلك تتفق مع المقترح الذي تناقشه.
مدير ثانوية “قمر بني هاشم” الأستاذ حيدر كاظم شفيق قال: لا أتفق مع مثل هذه الفكرة، لأنها تتعارض مع مجانية التعليم في وزارة التربية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأنها تتعارض مع مبدأ التفوق وتشجع الطلبة على الاتكالية، لكننا نحتاج الى مركز للدراسات لاستيعاب الأفكار التربوية ودراستها قبل تطبيقها.
أما مدير مدرسة “بلاد العرب” الابتدائية الأستاذ حامد عزيز الخفاجي، فأكد لنا أن هذا المقترح قد ينجح، شرط أن تكون الإدارات وطنية وشريفة، ويمكنها استغلال الأموال في تطوير المدرسة والهيئة التعليمية، فضلاً عن إعطاء المدير صلاحيات واسعة في التصرف بالأموال وإبعاد الروتين الإداري لتحقيق الفائدة القصوى في معالجة أي نقص يحصل في المدرسة.
يخالفه الرأي الأستاذ دريد حسين مدير “إعدادية السيدية العلمية” وهو يقول: إنه من غير الممكن تطبيق هذا المقترح، لأننا سنفرغ المدارس الاعتيادية من الطلبة الجيدين، وبذلك سنخلق فوارق بين مدارس المتميزين والتفوق والاعتيادية.
وأضاف: ليس بالضرورة أن يكون الطالب الذي يداوم في مدارس المتميزين متميزاً، والدليل على ذلك نتائج الامتحانات الوزارية للدراسة الإعدادية 2018-2019، إذ كانت نسب النجاح في بعض مدارس المتميزين ليست بالمستوى المطلوب، وأن درجات طلابنا في المدارس الاعتيادية كانت أفضل، وفاقت المعدلات (96 و 97).
نحتاج الى تعديلات في القوانين..
الفكرة ممكنة التطبيق، هذا ما علق به المدير العام لتربية بغداد الكرخ الثانية الدكتور قيس اسماعيل الكلابي، لكنه استدرك قائلاً: إن المبدأ يتنافى مع مجانية التعليم، لذلك نحن نحتاج الى مراجعة قانون مجانية التعليم وإجراء بعض التعديلات عليه.
أضاف الكلابي: الحقيقة أن كل قوانين وزارة التربية هي قوانين رصينة، لكن مع تقدم الزمن وتغير الحياة بنحو متسارع، أصبح بعضها يحتاج الى تغيير، فالدول المتطورة تقدمت في المجال التربوي بخطوات عملاقة، لأنها حدَّثت قوانينها، بنحو عصري، وبما يواكب حاجة المجتمع، على سبيل المثال، دول مثل اليابان والمملكة المتحدة وغيرهما، قفزت الى أعلى المراتب في التطور التربوي.
وأضاف: علينا مراجعة القوانين التربوية في العراق وأن نفسح المجال لمن يرغب في التعليم على نفقته الخاصة مثلما فسحنا المجال للمدارس الأهلية، فلا يوجد من يمنع دعم القطاع التربوي لتوفير إيرادات لمدارسنا مثلما ما هو موجود في التعليم العالي (التعليم الموازي)، نحن نحتاج الى دراسات ميدانية وإنسانية واقتصادية تراجع حلقات التربية ومؤسساتها.