إيفان حكمت /
اليسر والسندلس والعقيق والفيروز والكهرب والكهرمان والنارجين والمرجان والعاج، تلك هي أشهر انواع السبح التي تتمايل بين أصابع هواة المسبحات المنقسمين بين من تتحكم بهم عادة التسبيح بديناميكية، وبين من هم يستخدمونها بعد الصلاة للتسبيح بحمد الله وبين من يعتبرونها وجاهة، وهؤلاء يحرصون على اقتناء الأغلى ثمناً منها، وبين من يرثها عادة عن أبيه وجدّه لتاريخها وقيمتها في الإسلام وما قبله.
وبين من يعتبرونها وجاهة، وهؤلاء يحرصون على اقتناء الأغلى ثمناً منها، وبين من يرثها عادة عن أبيه وجدّه لتاريخها وقيمتها في الإسلام وما قبله.
من استيراد المعادن التي تصنع منها المسبحة الى استيرادها جاهزة، توشك صناعة السبَح على الانقراض في العراق. هكذا بدأ ثامر الخفاجي، صاحب محل لبيع وشراء السبح في سوق الميدان، حديثه لـ”الشبكة”. وأضاف أن مادة الكهرمان تستورد من ايران والباكستان، أما مادة اليسر وهي اخشاب بحرية فتستورد من اليمن والسعودية ومصر في حين تسـتورد مادة العاج من أفريقيا، أما مادة الكهرب فتستورد إما من المانيا وهي الأكثر جودة وإما من بولندا.
زينة و..خزينة
هذا المثل الذي يتداوله العراقيون حول قيمة المصوغات الذهبية، يتداوله هواة جمع السبَح أيضا. إذ يقول سعد المدفعي، إنه ورث عن أبيه عدداً من السبح التي لا تقدر بثمن، ويضيف لـ”الشبكة” أنه ورث الثروة والهواية أيضاً، ويؤكد ان “أسعار السبح تبدأ بألف دينار لذلك النوع المصنوع من مادة البلاستك المصنوع في الصين، وتنتهي بخمسة عشر مليون دينار. فيما تصل قيمة سبحة الكهرب الألماني ذات الوزن الثقيل الى أكثر من عشرة آلاف دولار. أما النماذج الأكثر تداولاً وفقاً لأسعارها فهي سبحة اليسر التي تتراوح أسعارها بين المئتين والخمسمئة ألف دينار، تليها السبح المصنوعة من الخشبيات ومن العاجيات.”
وعن تقديره للثروة “السبحية” التي يقتنيها، يقول المدفعي انها “تتجاوز الربع مليون دولار، وتأتي هذه القيمة من خلال الأنواع النادرة وقدم بعضها بالإضافة الى سبح كانت قد اقتنتها شخصيات سياسية واجتماعية كبيرة”، ويختم المدفعي القول بأنه يفكر “بانشاء متحف خاص للسبح وأنواعها شريطة أن يتم التعاون معه من قبل الجهات المعنية بالتراث والفلكلور العراقي.”
قروض وفوائد صحية
علي مؤيد العكيلي، صاحب محل لبيع الانتيكات في خان المدلل الممتد عبر بوابة شارع الرشيد من جهة الباب المعظم، يقول إن “هناك فائدة في التسبيح لم يلق عليها الضوء كثيرا، وهي الفائدة الصحية.” ويؤكد العكيلي، في حديث لـ”الشبكة”، أن”سبح اليسر تؤدي الى التخفيف من آثار الكآبة كما انها تؤدي الى تهدئة القلب وعلاج الحالات النفسية، فيما يعرف الكهرب بفوائده في علاج المفاصل وتنظيم الدورة الدموية.” ويضيف العكيلي، بألم، أن” بعض الشباب لا يعرفون القيمة الحقيقية للسبحة، وخصوصاً اولئك الذين يرثونها عن الآباء أو الأجداد، حيث تعرض أحياناً في السوق سبحة يعادل ثمنها آلاف الدولارات بسعر بخس لا يتجاوز المئة أو المئتي الف دينار”، ويطالب العكيلي، وهو متخصص بالعلوم المصرفية، المصارف العراقية بالتعامل مع السبح الثمينة كما تتعامل المصارف الأوروبية مع الساعات الثمينة من حيث قبولها كرهن للقروض التي تقارب أثمانها.
تراب وأحجار كريمة
الخبير في الفلكلور والتراث عدنان حمد الله يقول لـ”الشبكة” إن “السبحة بالاضافة الى اختلاف أنواع المواد التي تصنع منها، تختلف أيضاً من حيث عدد الخرز التي تحتويها، فهناك السبحة ذات الثلاث وثلاثين خرزة والتي تعتبر الأكثر شيوعاً، إذ تستخدم لأغراض الزينة والتسلية وهي مطلوبة من قبل السيّاح العرب والأجانب، وهناك السبح ذات المئة خرزة وخرزة والتي تستخدم في التسبيح باسم الله جلّ وعلى بعد الصلوات، وهناك سبح تعتبر هجينة عند المختصين والمتابعين وهي ذات أطوال بين المئتي خرزة وهناك سبح ذات احدى وستين خرزة.”
أما عن تطور صناعات السبح والمواد المستخدمة فيها، يقول حمد الله إن بداية تصنيع السبحة كان من مادة التراب المعجون المجفف، لاسيما التراب المأخوذ من تراب المناطق القريبة من الأضرحة المقدسة، ومن ثم تطور الى استخدام مواد أخرى، ثم تطور الأمر الى صناعتها عبر شيّ الطين وتحويله الى سيراميك بعد أن تطلى بمواد كلسية أو زجاجية، من ثم دخلت مواد المرمر والرخام والجرانيت في صناعة السبح.
إلا ان الثورة الحقيقية التي دخلت على صناعة السبح هي دخول الزجاج كمادة تصنيع أضفت عليها مسحات جمالية وألواناً متعددة وبثمن رخيص للاقتناء. بالاضافة الى صناعة السبح من الأحجار الكريمة وهي غالية الثمن والأحجار شبه الكريمة كالياقوت والأمشست.”
ويبقى حضور السبحة، أو المسبحة كما يسميها البعض، شائعاً في أوساط المتدينين والعشائر والشباب الذين يرون فيها وجاهة ووسيلة لهو تمنع أو تقلل عادة تدخين السكائر.