بغداد/علي غني /
حصول (محمد) على معدل 99 بالمئة وحصول (لؤي) على (100) أصبح أمراً مألوفاً، وليس غريباً أن (يمطر) العراق طلبة من الطب بمقدورهم إغراق الجامعات العراقية في كل عام، الاتهامات توجّه الى واضعي الأسئلة الوزارية، إذ يتهمهم البعض بعدم خروجهم من (صنمية) الكتاب المدرسي، والتزامهم بالمقررات الدراسية الى حد (خنق الإبداع)،
فلماذا غاب سؤال التميّز والإبداع في الأسئلة الوزارية؟ ومن هم واضعو الأسئلة الوزارية؟ هل يغيبون مدى الحياة عن وجوه الطلبة الى حد كتابة هذا التحقيق؟ ومتى نغادر رقم(100) و(99) في الامتحانات الوزارية.
جهد ومثابرة
يدافع الطالب ناظم عيدان الناجح بتفوق في مرحلة السادس الاعدادي عن نفسه، بأنَّه حصل على الدرجات العالية بجهده الشخصي وقراءته المادة ثلاث مرات، فهو يقول: وصلت بمرحلة القراءة الى معرفة ما بين السطور وأرقام أسئلة الفصل، فلم تشكّل الأسئلة الوزارية عائقا بالحصول على درجات كاملة(100%)، فحققت أمنيتي بدخول الكلية الطبية بمزيج من الجهد والمثابرة والاستعانة بالتدريس الخصوصي.
وبيّنت مديرة ثانوية (متميزات السلام)الكرخ الثانية الست آمنة قاسم أن الحصول على الدرجات العالية جاء لأن الأسئلة الوزارية تأتي جميعها من الكتاب المقرر وتخلو من أسئلة الذكاء، وحتى الأسئلة الرياضية في مواد الكيمياء والفيزياء تكاد تكون طبق الاصل من الكتاب المدرسي، مع تغيير طفيف بالارقام، لذلك أصبح الحصول على كلية الهندسة او الطب من الأمور اليسيرة.
سهولة الأسئلة!
وعزا الاختصاصي التربوي الاقدم / الفيزياء/ الاستاذ وسام عبد الخضر الربيعي حصول الطلبة على درجات عالية 100 او 99ــ لا سيما في سنوات الجائحة وداعش الارهابي ـــ الى النمط الوزاري المتكرّر وسهولة الأسئلة وخلوها من سؤال التميّز وبالتالي يستطيع الطالب ذو المستوى العالي والمتوسط أن يحصل على الدرجة النهائية بالامتحان الوزاري ما يؤدي الى ظلم الطالب الجيد، فضلا عن عدم تضمين الأسئلة الوزارية سؤال التميّز في السنوات الاخيرة لمراعاة الوضع العام الذي يمر به البلد من حرب داعش وجائحة كورونا التي أدت الى عدم انتظام الدوام المدرسي في العديد من المحافظات العراقية وبالتالي كانت الأسئلة مكيفة مع الوضع الذي يمر به البلد.
وتابع الربيعي: إن تغيير نمط الأسئلة ليس له علاقة بالزحف الكبير نحو المجموعة الطبية فمن المعروف أن التعيين مركزي في هذه المجموعة وبالتالي يضمن الطالب فرصة التعيين بعد التخرج، لذلك نجد الزحف الكبير نحو هذه المجموعة والدليل أن معاهد النفط لها نفس الزحف بسبب التعيين المركزي وضمان العمل بعد التخرج.
أود أن أوضّح لك حقائق (والكلام موجّه لي): إن تغيير النمط ليس بالامر البسيط الهين وأن الطالب ليس حقلا للتجارب لذا يجب عمل دراسات وأبحاث وأخذ عينة تجريبية تطبّق على محافظة صغيرة او قضاء قبل اتخاذ قرار بتغيير المنهج ونمط الأسئلة.
وأشار الى أن واضعي الأسئلة الوزارية لا يظهرون للاعلام بسبب سرية الموضوع وخطورة موضوع الامتحانات وما تحمل من سرية تامة.
وحتى تطمئن أكثر فمقابل الطلبة الحاصلين على نسب مرتفعة من المعدلات فهنالك في نفس الوقت العديد من الطلبة الراسبين الذي يشكون من صعوبة الأسئلة والمعدلات المتدنية الواطئة، فهنالك العديد من المدارس لا تتجاوز نسبة نجاحها 20% خلال العام الدراسي للامتحانات الوزارية.
في حين أرجع أستاذ الرياضيات المتقاعد نصير الشعرباف الى: أنه من المفترض أن يكون نمط الأسئلة بثلاثة مستويات؛ الثلث الأول بمستوى أغلب الطلبة، أي للطلبة الذين يكون مستواهم دون الوسط، والثلث الآخر للذين مستواهم وسط أو جيد، أما الثلث الاخير للطلبة الممتازين الذين يتنافسون على الدرجة الكاملة.
خارج المنهج !
وعدَّت الاستاذ المساعد الدكتورة صبا حامد حسين / تخصّص طرائق تدريس في جامعة بغداد/ حصول الطلبة على درجة ١٠٠ أو ٩٩ في الامتحانات الوزارية لا يدل بالضرورة على سهولة الأسئلة بل نمطيتها وكونها من المنهج المقرّر وهناك تقسيم للدرجة بحسب الفصول معلن من قبل وزارة التربية، لذلك يتم التأكيد على الفصول ذات الدرجات الأكثر في الامتحانات الوزارية.
وتابعت (الدكتورة صبا): ربما يكون غضب الطلبة ونفورهم من الصعوبة وكثرة الشكاوى بشأن أسئلة التميّز أو الأسئلة الإثرائية بحجّة أنّها من خارج المنهج الدراسي، لذلك ارتأت لجنة واضعي الأسئلة الوزارية أن تكون من المنهج المقرّر.
وربما يكون ذلك السبب الحقيقي لارتفاع المعدلات العالية في السنوات الاخيرة التي تؤهلهم للدخول الى كليات المجموعة الطبية.
وأنا على ثقة (والكلام للدكتورة صبا): بأنَّ الوزارة اذا أرادت أن تغيّر نمط الأسئلة لوقف الزحف للكليات الطبية فستكون هناك ثورة ضدها اذا حدث تغيير غير مدروس ومفاجئ في نمط الأسئلة.
عامة وشاملة
وقال المتحدث الرسمي للوزارة كريم السيد: إن “طبيعة أسئلة الامتحانات النهائية للصفوف المنتهية ستكون عامة وشاملة للمواد، لاسيما أن العام الحالي شهد حالة من الاستقرار وخلا من العوارض الصحية والأمنية، وسارت المناهج بشكل جيد”.