طه حسين/
ثمة تحايل واضح من بعض الفاسدين في دوائر وزارة الداخلية، ولاسيما أولئك الذين يديرون عملية الحجز الإلكتروني لمواعيد المراجعة. يومياً يجري (مصطفى) عشرات المحاولات للحصول على حجز في دائرة الأعظمية لإصدار الجواز الإلكتروني، لكن النتائج تأتي بأن لا وجود للحجز على مدى أشهر عدة، ما اضطره للذهاب إلى كرفان صغير حجز له موعداً في غضون أيام بعد دفع مبلغ 25 ألف دينار.
إنه فساد مريع وإطاحة بعمل مؤسساتي وجهود كبيرة تبذلها وزارة الداخلية لجلب تقنيات وبرامج متطورة إلى البلاد. إنه تحايل على الدولة والمجتمع والتكنلوجيا، فهل من فساد بعد هذا الفساد؟
وحرصاً منها على تسهيل الإجراءات وتبسيطها، ولتتمكن دوائر الدولة من تقديم خدماتها للمواطنين بأسرع وأفضل صورة، ولتبعد المواطن من خلال هذه الوسائل المتطورة عن الإجراءات التقليدية المعقدة التي تستنزف وقته وجهده، فقد استبشر المواطن خيراً بمشاريع وزارة الداخلية التي تبنت من خلالها إدخال التكنلوجيا الحديثة في إنجاز معاملات المواطنين المتعلقة بدوائر الوزارة، كإصدار واعتماد الجواز الإلكتروني والبطاقة الوطنية وافتتاح المشروع الوطني في مديرية المرور العامة، وغيرها من المشاريع التي كان من المفترض أن تكون البديل الناجح لما قبلها.
إجراءات معقدة
المواطن (عماد حسن وداي) شكا في حديثه لـ “مجلة الشبكة” من صعوبة الإجراءات المتعلقة بإنجاز المعاملات في معظم المديريات التابعة إلى وزارة الداخلية، ولاسيما المتعلق منها بإصدار جواز السفر أو البطاقة الوطنية، التي اصبحت مهمة الحصول عليها في غاية التعقيد والصعوبة، فضلاً عما تستغرقه من مدة قد تمتد إلى أشهر للحصول عليها بحجة عدم توفر كميات كبيرة من تلك الوثائق، أو بحجة امتناع الشركة الأجنبية المتعاقد معها عن تزويد الوزارة بتلك الوثائق لأسباب تتعلق بعدم التزام وزارة الداخلية بتسديد ما بذمتها من مبالغ مالية إلى تلك الشركات.
زيادة في النفقات
المواطنة (رنا عباس خضير) أكدت في حديث لـ “مجلة الشبكة” على أن هنالك زيادة كبيرة وواضحة في النفقات المتعلقة بالحصول على الوثائق الشخصية من الدوائر المختصة التابعة لوزارة الداخلية، ففي حالة التقديم على أية وثيقة من الوثائق كالبطاقة الوطنية أو الجواز الإلكتروني يجب عليك مراجعة إحدى المكتبات للحجز، وهذا الإجراء يتطلب دفع مبالغ مالية مقابل الحجز، وبمبلغ خمسة وعشرين ألف دينار لكل استمارة، أي أن العائلة التي تتكون من ثمانية أشخاص يجب أن تدفع 400 ألف دينار مقابل تلك الاستمارات، وكذلك الأمر في حال التقديم على الجواز الإلكتروني، فإنك بحاجة لدفع مبالغ مالية مقابل الحجز، إضافة الى مبالغ أخرى تصل إلى اكثر من تسعين ألف دينار، في حين كان المبلغ المفروض من قبل الوزارة للحصول على الجواز لا يتعدى الـ 40 ألف دينار فقط.
تقديم أفضل الخدمات
مدير شؤون الجوازات في وزارة الداخلية (العميد ماجد العبيدي) أوضح في حديث لـ “مجلة الشبكة” أن “الوزارة تسعى إلى إدخال أحدث التقنيات التي وصل إليها العالم في إصدار الوثائق الشخصية، كجوازات السفر والبطاقة الوطنية الموحدة وغيرها من الوثائق والمستمسكات الثبوتية للمواطن.” مشيراً إلى أن “من أهم ما يميز تلك المستمسكات هو صعوبة تزويرها أو تقليدها من قبل المزورين، لاعتمادها على بصمات العين والأصابع للشخص الراغب في الحصول على تلك المستمسكات، وصناعة قاعدة بيانات كاملة عن جميع المواطنين لدى الوزارة يمكن أن تستخدم في إنجاز المعاملات بشكل أسرع ويمكن الرجوع إليها في الحالات الأمنية لأي مواطن، ما يسهل عملية التعرف على الشخص بسهولة من خلال بصمات الأصابع او العين، لأنها تختلف من شخص إلى آخر.”
إجراءات طبيعية
ولفت إلى أن “التأخر في إنجاز المعاملات الخاصة بإصدار الجواز الإلكتروني مسألة طبيعية، لأن العمل في إصدار هذا الجواز ما يزال في مراحله الأولى، ولم يجر تعميمه على جميع دوائر الجوازات في بغداد والمحافظات، بل جرى العمل به تدريجياً لحين إكمال المشروع، وهذا أيضاً يشمل قضية الحجز وتأخر مواعيد الحجز للأسباب التي ذكرناها.” مشيراً إلى أن “قضية التعاقد مع الشركات الأجنبية ليس من شان المديرية، إنما الأمر منوط بصندوق شهداء الشرطة، كونه الجهة المسؤولة عن تلك التعاقدات التي قد تشهد بعض التأخير لأسباب تكون مالية في الغالب، في حال تأخر الجانب العراقي عن دفع ما بذمته إلى الشركة الأجنبية التي تمتنع بدورها عن تزويد العراق بـالبطاقات والمواد المسؤولة عن صناعة جواز السفر أو البطاقة الوطنية وإجازات السوق والوثيقة الخاصة بتسجيل المركبات.
خطوات جادة
العبيدي أضاف أن “الوزارة تعمل على اتخاذ خطوات جادة وحقيقية في مسألة حل جميع المشكلات المتعلقة بتأخر إنجاز المعاملات المتعلقة بإصدار المستمسكات الثبوتية الرسمية لأي مواطن، والابتعاد بشكل حقيقي عن الروتين القاتل الذي تشهده معظم الدوائر من خلال إكمال المراحل المتبقية لتوأمة دوائر الوزارة من خلال بناء قاعدة بيانات لكل المواطنين في عموم البلاد، وبالتالي تكون عملية إصدار الوثائق سريعة وسلسة ولا تتطلب بذل مجهود أو وقت طويل، ولا تحتاج إلى طلب صحة الصدور، لأن المعلومات الخاصة بكل مواطن مثبتة وموجودة لدى الدوائر المختصة كدوائر الجوازات والأحوال المدنية ودوائر المرور.”