صفا هشام /
لم يعدّ الطلاق المشكلة الوحيدة التي يعاني منها المجتمع العراقي، والتي يعقبها التفكك الأسري وضياع حقوق المرأة والطفل، انما الغريب في الأمر الأسباب التي اصبحت تؤدي إليه، فبعضها بسبب نوعية الطعام الذي يقدم للزوج، او دخول الزوجة ومشاركة الزوج في إحدى الألعاب الالكترونية، والعديد من الأسباب التافهة والبسيطة التي قد تحطم أسرة كاملة، وتنهي زواجاً دام لسنوات.
لذا انتشر العديد من حالات الطلاق في مجتمعنا العراقي ولأسباب بسيطة جداً، بحيث صار الوضع خطراً على الأسر، وخصوصاً الأطفال، إذ شهد العراق خلال الأشهر السبعة الفائتة من العام الحالي وقوع 10 حالات طلاق في الساعة الواحدة استناداً الى احصائية رسمية، وكان النصيب الأكبر منها في العاصمة بغداد.
مواقع التواصل
صارت التكنولوجيا آفة جديدة على حياة المتزوجين، فقد جذبت هذه المواقع العديد من الأفراد إليها، مقابل ما تقدمه من مغريات أدت الى إهمال الأسرة بشكل كبير.
الباحثة الاجتماعية أحلام اليوسف (33 عاماً) تحدثت عن هذا الجانب قائلة: “ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي في إيصال وتوضيح ما يحدث في المحاكم اليوم من حالات طلاق الى الناس عامة, فتتم معرفة أحدث الأخبار والمستجدات التي تجري في الشارع العراقي. ورغم إيجابيات هذه المواقع، لابد من الالتفات الى البعض من سلبياتها، ومعرفة الأسباب وراء زيادة حالات الطلاق، إذ أصبح انشغال الزوج والزوجة بالهاتف النقال المتصل بالإنترنيت على مدار 24 ساعة، وبالتالي غاب التفاهم والحديث بين الزوجين، ما سبّب إهمالاً في علاقتهما الزوجية، فقد تخضع الزوجة في ظل إهمال زوجها لها وغيابه عنها، الى أن تصبح فريسة لرجال الإنترنيت الباحثين عن التسلية، وفي المقابل يكون الزوج أيضاً في وهم بسبب تعرّفه على إحدى الفتيات في هذه المواقع الاجتماعية، وبالنتيجة ينفر الزوجان من بعضهما، ويقعان في بئر الخيانة، لذا لا يكون أمامهما غير طريق الطلاق”.
إدمان
حسب إحصائيات مجلس القضاء الأعلى لحالات الطلاق لعام 2018 فإنها قد بلغت (73569) حالة طلاق في عموم العراق، أما بالنسبة للعام الحالي فقد بلغت حالات الطلاق بحكم قضائي (1367) حالة طلاق لشهر أيار فقط، أما بالنسبة لحالات تصديق الطلاق الخارجي فقد بلغت (3810) حالة.
يشير فهد ماجد العبيدي (محامٍ في محكمة الأحوال الشخصية) قائلاً: لكل من الزوجين حق طلب التفريق عند توفر الأسباب المقنعة، أحدها إذا أضر أحد الزوجين بالزوج الآخر او بأولاده ضرراً يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية، ويعد من قبيل الأضرار الإدمان على تناول المسكّرات والمخدرات والألعاب الإلكترونية والمبيت خارج المنزل، على أن تثبت حالة الإدمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة.
“Pubg”
صار الكثير من مسببات التفريق بين الزوجين حديث الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً اذا كان الطلاق لأسباب غريبة، ومن أحد هذه الأسباب لعبة “بوبجي”، إذ أن الاهتمام بها، بإدمان، جعل هذه الظاهرة تستفحل بشكل غير مسبوق.
وأكد العبيدي “أن العديد من حالات الطلاق أصبحت أسبابها لا تُصدق، حيث تضاعفت تلك الظاهرة ولأسباب بسيطة، فقد واجهتني إحدى قضايا الطلاق عندما أصر أحد الأزواج على طلاق زوجته بسبب عودته من العمل ورؤيتها تلعب “البوبجي”، وعدم تحضيرها الغداء.
وأردف قائلاً: “إن هناك الكثير من الحلول للحد من هذه الحالات، مثل التنازل من قبل أحد الطرفين لحل النزاعات، او دخول طرف ثالث حتى يتم الصلح بينهما والحفاظ على الأسرة، فالكثير من حالات الطلاق التي تواجهنا تشمل عدم التفاهم بين الطرفين، وأحياناً بسبب قلة الوعي الذي يصاحب صغر أعمار المتزوجين، وتكون أغلب أسبابها تافهة وبسيطة”.
“الدليفري و الباجة”!
قضية غريبة ومثيرة قد يراها البعض طريفة، لكن خطورتها أوصلت زوجين الى المحاكم، فقد طلبت آمنة (22 عاماً) من زوجها الطلاق لأنه يرفض اعتمادها على “الدليفري” ويطلب منها تحضير الطعام بنفسها، اذ أنها لم تتعود على إعداد الطعام قبل الزواج ولم تقم به حتى بعد زواجها، وأمام هذا الخلاف قررت الزوجة اللجوء الى المحاكم لطلب الطلاق.
اما الحالة الأخرى التي تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فهي عدم معرفة الزوجة كيفية تحضير الأكلة الشعبية “الباجة”، فبعد علاقة حب دامت لسنوات وتكللت بالزواج، طلب الزوج من زوجته تحضير هذه الأكلة، إلا أن عدم معرفة الزوجة بطريقة تحضيرها ومحاولاتها لمرات عديدة في إعدادها باءت بالفشل، ما جعله يهددها بالطلاق، وبعد نقاش وتهديد احتكم الزوج الى المحكمة لطلب التفريق، فطبق “الباجة” كان سبباً في نهاية أسرة!
صدمة
على الرغم من توفر كل وسائل العيش الكريم لدى بعض من المتزوجين، التي توفر السعادة بينهما، إلا أن العديد منهم بات الملل والروتين المستمر بينهما سيدَي هذه العلاقة، لذا ترى بعضهم يتعمدون خلق المشاكل بينهما حتى يعطي لتلك العلاقة نكهة التغيير.
أميرة جليل (45 عاماً) تحدثنا بعين ملؤها الدموع وتقول: إن الالتزام بنمط معين في العلاقة الزوجية هو ماجعل هذه العلاقة تنذر بالفشل، فقد حاولت في العديد من المرات أن أدخل بعض التغييرات على حياتي الزوجية لكني لم أفلح بذلك، وعدم معرفتي بما يسعد زوجي كان أحد أسباب هجره لي، فقد قال عندما سأله القاضي عن سبب الطلاق، حسب ادعائه: “هيجي عيشة متنراد، الملل حطمني، وخلاني انفر منها”، وهذا طبعاً بعد أن فات أوان التغيير، ما يدعوني الى أن أناشد جميع الزوجات أن يضفين نوعاً من التغييرات باستمرار على حياتهن الزوجية حتى لا تنتهي كما انتهت بالنسبة لي.