3 / 10 اليوم الوطني نضال طويل لنيل الحرية والكرامة

بغداد/ ملاذ الأمين/
يحتفل العراق في الثالث من شهر تشرين الأول من كل عام بالعيد الوطني، يستذكر الشعب فيه الإنجازات التي حققها خلال الواحد والتسعين عاماً الماضية في شتى المجالات، إذ تمثل ذكرى الاستقلال محطات مضيئة في تاريخ العراق الحديث، وانتصاراً للشعب في معركة نضال طويلة لنيل الحرية والكرامة.
شهدت السنوات السابقة اختلافات حكومية وجماهيرية وبرلمانية في تحديد أو اختيار اليوم الوطني للعراق، إذ لم تحتفل الحكومات السابقة بهذا اليوم الوطني من قبل، بل اعتمدت، منذ سقوط الطاغية صدام حسين عام 2003، يوم 14 تموز 1958 تاريخ قيام الجمهورية كيوم وطني للبلاد، أما النظام المباد فكان، على مدار 33 عاماً، يعتمد يوم 17 تموز 1968 يوماً وطنياً له، وهو ذكرى تسنم حزب البعث المنحل السلطة في العراق.
اختيار الموعد
مناسبة العيد الوطني العراقي اقترحت في الثالث من تشرين الأول منذ العام 2008 لاتخاذها يوماً وطنياً، وذاك احتفاءً بيوم إعلان استقلال العراق عن الانتداب البريطاني وانضمامه إلى عصبة الأمم المتحدة، ونيله الاستقلال في العام 1932.
فقد طرح مجلس الحكم، الذي شكلته القوات الأميركية لإدارة شؤون البلد، يوم 9 نيسان 2003 يوماً وطنياً للعراق، وهو تاريخ سقوط النظام السابق على يد تلك القوات، لكن هذا التاريخ واجه انتقادات كبيرة ولم يؤخذ به.
ومالت بعض الآراء إلى جعل يوم الاستقلال في 3 تشرين الأول واتخاذه عيداً وطنياً، فتقرر في شهر شباط من عام 2008 اتخاذ هذا اليوم عيداً وطنياً، لكن هذا القرار لم يفعل إلا في شهر أيلول عام 2020 حين أصدرت الحكومة قانوناً متعلقاً بالعيد الوطني. مع أن بعض المؤرخين العراقيين رأى أن يوم 3 تشرين الأول لا ينبغي أن يكون العيد الوطني، إذ لم يكن الاستقلال عن الانتداب البريطاني سنة 1932 كاملاً، فيما رأى آخرون أنه يوم يستحق اتخاذه يوماً وطنياً، إذ إنه يوم ذو حدث تاريخي لا يجوز التغافل عنه.
وانطلاقاً من تأسيس دولة العراق الحديث، عقدت المعاهدات المتوالية بين العراق وبريطانيا في الأعوام 1922 و1926 و1927 (جراء الاكتشافات النفطية)، وفي العام 1929 وقعت (المعاهدة المتعلقة باستقلال العراق)، وفي 1930 المعاهدة (التي قربت العراق أكثر نحو الاستقلال)، وجرى اعتماد الثالث من تشرين الأول 1932 (اليوم الوطني العراقي) الذي انتهى فيه الانتداب البريطاني.
وفي اليوم ذاته قُبل العراق بصفته العضو الـ 57 في عصبة الأمم، حينها سافر رئيس وزراء العراق نوري السعيد (1888 – 1958) إلى جنيف في سويسرا حيث مقر العصبة، وجرى الاحتفال برفع العلم العراقي إلى جانب أعلام الدول الأعضاء، وعين نوري السعيد نفسه ممثلاً للعراق، وكان أول مندوب عربي في عصبة الأمم.
بعد صدور قرار مجلس عصبة الأمم بقبول عضوية العراق، قال الملك فيصل الأول إن “العراق أصبح حراً طليقاً، لا سيد عليه غير إرادته.” وتسلم فيصل الأول التهنئة من الملك جورج الخامس (1910 – 1936) ملك بريطانيا، وكذلك برقيات التهنئة من ملوك ورؤساء دول عدة، ومن قادة سياسيين وشخصيات عالمية وغيرهم. وفي السادس من تشرين الثاني ألقى الملك فيصل الأول خطاباً في بهو أمانة العاصمة في بغداد، أكد فيه أن “الاستقلال كان نتيجة لجهود مشتركة اعتمدت الصبر والحكمة.” كما تطرق في خطابه إلى ضرورة إعمار العراق وتحديثه وتقدمه.
جهود حكومية
من جهتها، بینت وزارة الثقافة والسياحة والآثار أنها، بعد حوارات مكثفة مع زعماء سیاسيین وأعضاء في البرلمان العراقي، ولجان من مجلس الوزراء ولقاءات مطولة مع باحثین ومؤرخین ومفكرین عبر مؤتمرات إلكترونیة متعددة لاعتماد یوم وطني لجمهوریة العراق، جرت عملیة التصویت في جلسة مجلس الوزراء في الحكومة السابقة في الأول من أيلول من عام 2019 على اختیار الثالث من تشرین الأول یوماً وطنیاً.
واستهلت الوزارة حملتها في إقرار یوم وطني للبلاد بتنظیم ندوة حواریة استثنائیة في الذكرى المئویة لثورة العشرین، شاركت فیها نخبة من مثقفي وأكادیمیي البلاد، لاستذكار هذا الحدث المفصلي في تاریخ العراق الحدیث، ودوره في تأسیس الدولة العراقیة، وكان على برنامج الندوة مناقشة اختیار یوم وطني یحتفل العراقیون بهویتهم كل عام فیه.
وفي جلسة اعتیادیة لمجلس الوزراء، صوت المجلس على اعتماد یوم الثالث من تشرین الأول وأحال المشروع إلى مجلس النواب للتصویت علیه واعتماده، وهو الیوم الذي انضم العراق فیه إلى عصبة الأمم، یوماً وطنیا، وعطلة رسمیة یحتفل بها العراقیون من مختلف الأدیان والطوائف والقومیات بهویتهم العراقیة.
واعتبرت وزارة الثقافة والسياحة والآثار أن أهمیة هذا الیوم تكمن في كونه اعترافاً رسمیاً ودولیاً بقیام الدولة العراقیة، لیكون من أوائل بلدان العرب استقلالاً، لتبدأ بعدها مسیرة العراق المستقل الذي كان وسیبقى قوة مركزیة فاعلة إقلیمیاً وعربیاً.
وقد صوت مجلس النواب في 22 أيلول 2020 على (قانون العيد الوطني لجمهورية العراق)، الذي ينص على ان “يكون يوم الثالث من تشرين الأول من كل عام عيداً وطنياً لجمهورية العراق.”