43 قتيلاً يومياً ضحايا الحوادث المرورية مشاريع الطرق والجسور في طريق وعر

طه الحسني/
يقاس مستوى تطور البلدان من خلال نوعية الخدمات التي تقدمها الى مواطنيها، وتعد شبكات النقل والمواصلات واحدة من أهم تلك الخدمات الأساسية التي تحرص جميع الدول على إنشائها وفق أحدث التصاميم العالمية، والعمل على تطويرها بشكل مستمر كونها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبنى التحتية الأساسية لكل دولة.
في العراق، وعلى الرغم من وجود أكثر من دائرة ووزارة مسؤولة عن إنشاء وتصميم وإعادة تأهيل الطرق، إلا أن الإهمال قد طال هذا القطاع المهم، حاله حال القطاعات الخدمية الأخرى التي أصابها الإهمال والتهميش.
حوادث مميتة
المواطن علي عبد الكاظم المياحي – سائق سيارة حمل منذ أكثر من 20 سنة – أكد في حديث لـ “مجلة الشبكة” أن” قدم وتهالك معظم الطرق والشوارع الرئيسة والفرعية وكثرة التخسفات والتشققات التي تحتويها، تسببت في حصول عدد كبير من الحوادث المرورية التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء المستخدمين لهذه المنظومة المتهالكة من الطرق، ولاسيما تلك الطرق الواصلة بين المحافظات، التي باتت تسمى بطرق الموت لكثرة الحوادث التي شهدتها والأرواح البريئة التي أزهقت من جراء عدم صيانتها وإصلاح الأضرار فيها”.
رسوم عالية
أما السائق أحمد اسماعيل الجبوري – 52عاماً- فأوضح أن “الرسوم والضرائب التي تفرضها الحكومة على سائقي المركبات تحت مسمى رسوم (الطرق والجسور) وحدها كافية لمد شبكات طرق جديدة وإعادة تأهيل الطرق القديمة في عموم البلاد، ولاسيما أن المبالغ المستحصلة من المواطن تحت هذا العنوان كبيرة جداً، إذ تتراوح بين 60 إلى 300 ألف دينار للمركبة الواحدة، تختلف باختلاف نوع المركبة (خصوصي أم أجرة) وحجم المركبة إن كانت صالون أم مخصصة للحمل”.
جباية الأموال
مدير عام مديرية المرور العامة، اللواء طارق اسماعيل، بيّن في حديث لـ “مجلة الشبكة” أن “القرار رقم 40 خوّل المديرية بجمع رسوم الطرق والجسور والرسوم السيادية الأخرى كرسوم أو غرامات أو غيرها من قبل المراجعين لدوائر ومواقع المرور كافة في بغداد والمحافظات لتسليمها الى الخزينة المركزية التابعة الى وزارة المالية، كونها الجهة المعنية بذلك التي يحق لها التصرف بالأموال المستحصلة وفق القوانين.” مشيراً الى أنه “من المفترض أن تقوم وزارة المالية بتسليم الحصص المخصصة لكل دائرة معنية بعملية إنشاء وتبليط وصيانة الطرق، التي من بينها مديرية المرور العامة وأمانة بغداد ودائرة الطرق والجسور ومديرية البلديات العامة كما نص عليها القانون”.
أضاف اللواء اسماعيل أن “مهمة مديرية الطرق والجسور تختصر بتأثيث وتزويد الطرق بالعلامات المرورية والعلامات الدالة التي توضع على جانبي الطريق لتعريف سائقي المركبات بالقوانين والأنظمة المرورية، كالسرعة القصوى وإمكانية الوقوف من عدمه، وإمكانية الاجتياز والاستدارة وما الى ذلك، فضلاً عن علامات الدلالة التي تبين للسائق أسماء المناطق التي تقع على جانبي وطول الطريق وأسماء الساحات والشوارع والطرق الرئيسة والفرعية”، مبيناً أن “مسؤولية إنشاء وتبليط وإعادة تأهيل الطرق مقسمة حسب الرقع الجغرافية بين أمانة بغداد ودائرة الطرق والجسور ومديرية البلديات العامة”.
غياب التخصيص المالي
مدير عام دائرة الطرق والجسور، المهندس حسين جاسم كاظم، أكد في حديثه للمجلة على أن “غياب التخصيص المالي المتعلق بمشاريع الطرق والجسور لمدة تزيد على سبع سنوات ما بين العام 2013 ولغاية العام 2020 أسهم بشكل كبير في تراجع مستوى الخدمات المقدمة من قبل الدائرة فيما يخص تنفيذ عمليات مد شبكات طرق جديدة أو إعادة تأهيل وصيانة شبكات الطرق القديمة، إضافة الى توقف غالبية المشاريع المتعلقة بتطوير الطرق الرئيسة السريعة الواصلة بين المحافظات، التي تقع ضمن مسؤولية المديرية والدوائر التابعة لها في بغداد والمحافظات”.
ولفت كاظم الى أن “مسؤولية مد وإنشاء وإعادة تأهيل وصيانة وتطوير الطرق السريعة الواقعة بين بغداد والمحافظات تقع على عاتق المديرية، في حين أن الطرق الواقعة في مركز محافظة بغداد من مسؤولية أمانة بغداد، أما الشوارع والطرق الرئيسة الواقعة ضمن الأقضية والنواحي لمناطق أطراف بغداد، والطرق الواقعة في مراكز المدن والأقضية والنواحي في جميع المحافظات، فهي تقع ضمن أعمال مديرية البلديات العامة والدوائر التابعة لها في بغداد والمحافظات”.
وأوضح أن “هناك غرفة مشتركة بين الدوائر المعنية أسست لتنسيق الجهود فيما بينها.” مشيراً الى أن “الأموال المستحصلة من أصحاب المركبات تتوزع بين هذه المديريات بنسب متفاوتة لدعم الأعمال المتعلقة بتنفيذ وصيانة الطرق والجسور”.
100 مشروع جديد قيد الإنجاز
مديرعام دائرة الطرق والجسور بين أن “المديرية، وبعد توفير التخصيصات اللازمة لإعادة تأهيل وإنشاء الطرق في العام 2020 شرعت بتنفيذ أكثر من 100 مشروع مابين مد وإنشاء للطرق السريعة الواقعة بين المحافظات، وإنشاء ممر ثان للشوارع ذات الممر الواحد للتقليل من الحوادث وتأمين وصول مستخدمي الطرق بأمان الى وجهتهم المقصودة، ولاسيما الطريقين الواقعين بين بغداد وكركوك وبغداد وديالى، إضافة الى العمل على صيانة وإعادة تأهيل شبكات الطرق القديمة، كذلك العمل على تنفيذ عدد من الجسور الرابطة لتسهيل حركة السير وفك الاختناقات المرورية الحاصلة على بعض الطرق”.
وأضاف أن “دائرة المرور السريع التابعة للمديرية تعمل أيضاً على تنفيذ الأعمال المتعلقة بصيانة الطرق الواقعة ضمن مداخل العاصمة بغداد والطريق الممتد بين المجمع السكني في مدينة بسماية وحددود العاصمة بغداد، ومن المؤمل الانتهاء من تنفيذ غالبية تلك المشاريع خلال المدة القليلة المقبلة”.
43 ضحية يومياً
إلى ذلك.. ذكر تقرير صادر عن وزارة الصحة مؤخراً أن عديد الضحايا والمصابين نتيجة الحوادث الواقعة على الطرق تجاوز الـ 62 ألفاً و700 ضحية بواقع ثلاث وأربعين ضحية يومياً ما بين قتيل وجريح خلال الأربع سنوات الماضية، ما يؤشر ارتفاعاً كبيراً وخطيراً في عدد ضحايا حوادث السير والمرور، التي تحصل غالبيتها بسبب شبكات الطرق المتهالكة، التي لاتصلح في الغالب لقيادة آمنة وسلسة لكثرة الحفر والتشققات والمطبات، بحيث أنها باتت تشكل خطراً حقيقياً على مستخدمي تلك الطرق، الأمر الذي يستدعي وقفة جادة لإعادة النظر في الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة المعنية بذلك الى المواطنين حفاظاً على أرواحهم وممتلكاتهم، والعمل على إعطاء صورة إيجابية وأمل بغد أفضل.