دبَّ النقاش في تونس، حول فرضية عودة المتطرفين إلى وطنهم، وقد جاء هذا الجدل في الوقت الذي يعاني فيه داعش في “أراضيه” في سوريا والعراق من فشل ذريع. لكن هذا التراجع، لا يعني نهاية التنظيم إذ إنه أثبت وجوده من خلال هجماته في كل من أوروبا وأفغانستان، التي يمكن أن تتحول إلى قاعدته الجديدة.
ويقدر عدد التونسيين المنضمين إلى هذا التنظيم بين خمسة وستة آلاف مقاتل. فضلا عن ذلك، فإن السلطات التونسية لم تشكك أبداً في هذه الأرقام. كما أدى هجوم برلين، الذي نفذه الشاب التونسي إلى صدور موجة من المقالات والتقارير التي تحدثت عن هذا الموضوع.
في المقابل، اتهم العديد من المدونين والسياسيين التونسيين الصحافة الأجنبية بتشويه سمعة بلادهم.
ما مصير دواعش تونس؟
من جهة أخرى، هناك مخاوف في تونس حول عودة مواطنيها من بؤر التوتر إلى أراضي الوطن. كما أنه كثيرا ما طُرحت في تونس تساؤلات حول “كيفية التعامل مع المتطرفين حال عودتهم”. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المخاوف تزداد عمقاً، خاصة عند التفكير في أن هؤلاء العناصر قد تمرسوا على القتال وتدربوا على استعمال المتفجرات في حربهم مع التنظيم وهو ما يعني أنهم تحولوا من هواة إلى محترفين.
إسقاط الجنسية
ولهذا السبب، تداول الرأي العام التونسي مقترح حرمان المتطرفين من الجنسية، من أجل ردعهم عن العودة إلى أراضي بلادهم. وقد كانت هذه الفكرة من وحي ما اقترحه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، على الكونغرس، حيث طالب بإسقاط الجنسية عن الفرنسيين من أصول أجنبية المتورطين في قضايا الإرهاب. وقد جاء هذا المقترح الفرنسي بعد سلسلة من الهجمات التي أدمت باريس في نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2015.
هويات مجهولة ـ معلومة
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي على غرار فيسبوك وتويتر منبراً للجدل والنقاش حول المسألة، إذ اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض. ومن الجليِّ أن العديد من الأطراف ترفض مقترح سحب الجنسية، إلا أن مجموعة ثانية دعت إلى إبادة جميع المتطرفين من دون تحقيق أو محاكمة. في المقابل، يدعو البعض الآخر إلى منع دخول العائدين من بؤر التوتر، في حين نوّهت مجموعة أخرى الى ضرورة اهتمام السلطات التونسية بأمر هذه الجماعات التي كانت تنشط في صفوف تنظيم داعش.
تونس في خطر
وتصدّرت تونس عدد المنضمين لداعش، بعدد خمسة أو ستة آلاف شخص، أما المملكة العربية السعودية فقد خرج من حدودها حوالي 2500 مقاتل، بينما انضم من المغرب حوالي 2000 مقاتل لصفوف التنظيم.
الجدير بالذكر أن هناك عدداً كبيراً من المقاتلين، رفضوا الكشف عن هويتهم منذ تورطهم في الأعمال الوحشية التي يكلف بها التنظيم عناصره. كما أن أخطر المتطرفين، قاموا بحرق جوازات سفرهم وغيرها من الأوراق الرسمية.
مواقف رسمية
وعلى خلفية هذا النقاش، ذكَّر الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي بمحتوى المادة 25 من الدستور التونسي، المعتمدة منذ يناير/كانون الثاني سنة 2014، التي تنص على أنه “يحجر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن، أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن”.
وقد أثارت هذه التصريحات ضجة بين صفوف حزبه القديم، نداء تونس، الذي لم يتردد عدد من أعضائه في رفع لافتات في البرلمان التونسي للتعبير عن عدم موافقتهم على نتائج تطبيق هذا الفصل من الدستور.
أما حزب النهضة، حليف الباجي قائد السبسي، فقد جاء في صف رئيس الدولة. من جهة أخرى، وخلال كتابة هذا الفصل من الدستور، لم يكن هذا القانون في عزلة عن مستجدات الوضع في تونس.
وهكذا تركت المواقف المترنحة بين التأييد والمعارضة في وسائل الإعلام التونسية آثارها في السكان المنقسمين بطبيعتهم. لكن السؤال المطروح هو: هل التذكير بالفصل 25 من الدستور التونسي من قبل السبسي كافٍ لتهدئة النقاش؟
وفي هذا السياق، يجب التنويه بأن قرار سحب جنسيات المتطرفين، لم يُجدِ في كثير من الأحيان نفعاً، فقد سبق أن قدم هولاند قبل 6 أشهر هذا المقترح لكنه انتهى بالفشل، وسرعان ما تراجع الرئيس الفرنسي عن هذا القرار.
الموضوع مترجم عن صحيفة Le Point الفرنسية.