النجف ــ صادق حسين العزاوي/
في محاولة لاكتشاف الذات وإبراز قدراتهن، شاركت عشرات التشكيليات النجفيات المبدعات في معرض فني تشكيلي هو الأول من نوعه في محافظة النجف الأشرف.
أكثر من أربعين فنانة عرضن أعمالهن الفنية بحضور جماهيري كبير.. وقد كانت لمجلة ” “الشبكة العراقية” ” هذه الجولة في المعرض.”
المجلة التقت الفنان (نصير جواد)، رئيس جمعية التشكيليين العراقيين فرع النجف، الراعي لهذا المحفل، الذي أوضح أن “الفنان هو مرآة عاكسة لطبيعة المجتمع وذات الفنان، إذ إن كل عمل يحاكي هموم المرأة، ومن خلالها يمكن إيصال رسائل الى المجتمع والمتلقي بأن هذه المعاناة يجب أن تكون حاضرة في تفكيرنا وأن من الضروري أن نجد لها الحلول. وأضاف أنه “في كل عمل تجد أن هناك رسالة شخصية للفنانة تتمنى إيصالها الى المجتمع، على اعتبار أن الفنانة عادة ما تكون غير حاضرة في مثل هكذا محافل، ومهمشة عنها. وأن البعض يرى أنه لا وجود لفن تشكيلي لدى المرأة، لكن إقامة هذا المعرض بهذا العدد الكبير، يؤكد أنه محفل فني كبير يقام لأول مرة من المشاركات اللاتي أفصحن عن قدرات تشكيليات النجف.”
الصورة النمطية
الفنانة التشكيلية (زينب هاتف)، إحدى المشاركات في المعرض قالت: “كانت المشاركة في معرض الفنانات النجفيات فريدة، الغاية منها تغيير الصورة النمطية لواقع النجف الأشرف، ولاسيما عندما يقول بعضهم إن النجف مقيدة بعادات وتقاليد، لكننا نريد أن نظهر إبداع الفن هذا عن طريق هذه اللوحات، إذ تهدف كل لوحة الى إيصال رسالة معينة، إذا لم تكن ذات فكرة خاصة، فإنها سوف تحمل أحاسيس ومشاعر الفنانة، وبالتالي هي الصفة الأولى منها وهي الجمال. وكما تلاحظون فإن لوحتي المشارِكة هذه تجسد شعور انتظار الأمل. كما أني أحب التحرر في استخدام الألوان للتعبير عن الواقع والصورة النمطية.”
ثورة فنية
من جهتها، قالت الفنانة (زينب سلمان مهدي) وهي إحدى المشاركات بأعمال الخزف إن “هذا التجمع هو ليس مهرجاناً فحسب، بل هو ثورة للفن والإبداع. فهدفنا هو التعريف بإبداعات فنانات النجف الأشرف وإبراز تميزهن عن نظيراتهن من خلال هذا المعرض.”
وأضافت أن “السرور يغمرني، إذ أشعر بأننا استطعنا إعطاء صورة عن التطور والتجديد والانفتاح في مجال الفن التشكيلي على المدارس التشكيلية العالمية للفنانات، كما أعبر عن قناعتي الشخصية بأني مع الانفتاح والتعرف على أعمال ونتاجات الآخرين، وأكره التقوقع والانزواء. أملي أن يكون هذا المعرض بادرة نجاح مستمرة إن شاء الله.”
لقاؤنا الآخر كان مع الفنانة التشكيلية (فاطمة الغريري) التي تحدثت عن مشاركتها قائلة: “الخطوة الجميلة التي قامت بها جمعية التشكيليين فرع النجف الأشرف، أنها سلطت الضوء على المرأة أكثر، وبينت أن مدينة النجف الأشرف ليست مدينة مغلقة على نفسها. وبذلك أردنا ان نكسر حاجز التقوقع، وأن نضع عنواناً ومكانة للمرأة، برغم أن هذه الخطوة متواضعة، إلا أن المقبل سوف يكون أفضل، لأن المرأة هي نصف المجتمع، فلذلك عند تسليط الضوء عليها وإعطائها الدور الذي تستحقه، سوف تكون مبدعة أكثر، فهي ليست ربة بيت فحسب، ولا يمكن أن تحصر بأعمال محددة، وإنما هي تبدع وتكون مؤثرة في المجتمع، لكن ذلك يحتاج الى دعم. فالمرأة بحد ذاتها أحاسيس وعواطف، وكل اللوحات المشاركة عبارة عن أفكار تعبّر عما في داخلها، وكل لوحة تحكي قصة عميقة عن المرأة.”
فيما ذكرت الفنانة التشكيلية (نور صباح) أن “الفنانة النجفية عبّرت بوضوح عن رأيها وعن مشاعرها ومعاناتها من خلال اللوحة الفنية.”
وأضافت أن “هذه المعارض تعطينا فرصة لنبرز هذه الإبداعات من خلال الأعمال الفنية للمرأة النجفية. أنا شاركت بلوحة فنية اسمها (أميرة القصب)، وهي مستوحاة من صورة فوتوغرافية، تعبر عن الحياة في الأهوار وعن معاناة الناس هناك، التي لا تؤثر على حبهم وإصرارهم على الحياة.”
وقال (ميثم حسن الخلخالي): “نحن كمنظمة مجتمع مدني نرعى دائماً إقامة مثل هذه الاحتفالات، من قبل الشباب والشابات الفنانين وكل المبدعين، ودورنا يقتصر على تهيئة المكان وتقديم الدعم اللوجستي، وهذا المهرجان الفني هو برعاية جمعية الفنانين التشكيليين النجفيين. وكما هو غير خاف على الكثيرين بأن النجف الأشرف تتصف بتنوع السكان، وهي مدينة العلماء والأدباء والفنانين والسياسيين. فقد اتسمت هذه المدينة بالإنسانية على مر التاريخ، حتى أن أمير المؤمنين الإمام علي (ع) كان يسمى (أمير الإنسانية) أيضاً، وهذه المحافل تعطي انطباعاً آخر وهو أن هذه المدينة بعيدة عن الانغلاق وأنها تستوعب الكثير، وقد فتحت أبوابها منذ زمن بعيد لتستقبل بحرارة كل من يأتيها طالباً للعلم أو الأدب أو الفن.”
أخيراً نقول إن هذا المعرض يعد رسالة موشحة بالألوان ترسمها أنامل المرأة النجفية المبدعة، التي تحاول أن تعبّر عن واقعها بمشاعر مترجمة من خلال لوحاتها الفنية التي تحكي واقعها ومعاناتها.