حوار / علي السومري/
تصوير / كرم الأعسم/
هو واحدٌ من الأصوات الشعرية المهمة في العراق، متابع جيد للساحة الثقافية وما ينتج فيها بكل صنوفها. بداياته كانت مع المسرح في مدينته الأثيرة (الثورة – الصدر)، انكب منذ بداية تشكل وعيه على القراءة، وعيٌ قاده مبكراً لمعارضة الديكتاتورية وجرائمها.
موقفٌ خسر بسببه الكثير لكنه فاز في النهاية ببياض وجه يتفاخر به أمام الجميع، كيف لا وهو الذي اختار أن ينحاز للمظلومين لا الظالمين، للحق لا الباطل، للحب لا الكره، للحياة وليس الموت.
إنه الشاعر والصحفي حمزة الحلفي، صاحب أشهر الأغاني التي أصبحت (تريندات) زمانها، مثل (مالومه) و (الله أنت شكد حلو يا بيتنا) للفنان حسن بريسم وغيرها، و(بسيطة) للفنان عبد فلك، و(ظلمتوه بالوصف) للفنانة سيناء، وعشرات القصائد المغناة لأغلب مطربي العراق.
مجلة (الشبكة العراقية) ارتأت إجراء حوار معه، ابتدأناه بسؤال:
* ربما لا يعرف بعضنا أن بداياتك كانت في المسرح، حدثنا عن هذه التجربة؟
– المسرح كان المحطة الأولى لكل مثقفي مدينتي من شعراء وروائيين وتشكيليين ومطربين، وأنا واحد منهم، كنت عضواً في فرقة جماعة المسرحيين الشباب، ومثلت بطولة مسرحية (فيراتا) للكاتب النمساوي ستيفان زفايج، ومسرحية (اميكلا) للعراقي نزار سليم، التشكيلي شقيق الفنان جواد سليم، ومسرحية (ملك يبحث عن وظيفة) لسعد الله ونوس، وغيرها من الأعمال.
* من يقلب أوراق حياتك (ورقة ورقة)، يجد موقفاً واضحاً من الديكتاتورية ونظام بعثه المقبور، كيف نجوت ببياض ثوبك من لوثة جوق المطبّلين من الشعراء في تلك الحقبة السوداء من تاريخ العراق؟
– لا يختلف حالي عن حال الذين لهم قضية وإيمان مطلق بالوطنية والهوية الرافضة لكل أنواع الطغاة مثل صدام وحكومته المجرمة، أما الذين طبّلوا ومدحوا ذلك النظام المباد، فإنهم مازالوا يمارسون نفس الدور العفن في ظل الحكومات المتعاقبة بعد انعطافة 2003! أما كيف نجوت من هذا الفخ المهين، فهذا يرجع لكوني لستُ محتاجاً لدراهم الذل، وكنت أعمل من أجل ألا أكون بحاجة الى الجلادين.
* دائماً ما تصف نفسك بالشاعر العامي، لا الشعبي، ما الفرق بين الشعر الشعبي والعامي من وجهة نظرك؟
– نعم، رفضت تسمية (الشعبي) عندما اختلط الحابل بالنابل، أو بمعني آخر، فإن هذه التسمية صارت تطلق على الكبير مظفر النواب، وسين من الطارئين على حد سواء! إضافة الى (سبّة) هذه التسمية التي جاءت من المدّاحين والمهاويل، فوجدت أن توصيف العامي يعزلني عما هو سائد. كما أني أرى أن هناك أمية متفشية على نطاق واسع في المنجز الشعبي، لا تلمس عنصر الجمال الذي كان يسّور القصيدة، حتى وصلت عند البعض من هؤلاء ألا يكتبوا الغزل بوصفه عيباً اجتماعياً!
* أنت من الشعراء الذين يقرأون، أعني من المتابعين والمطلعين على الحركة الأدبية بكل أجناسها، سرداً وشعراً، يضاف لهذا عملك الصحفي والإعلامي طوال عقود، حدثنا عن رأيك بما يكتب اليوم في هذين المجالين؟
– قلت لك في بداية حديثي أخي علي، نحن كجيل متشابهون في التوجه الأول، فكانت القراءة لكل ماهو مطبوع من شعر وقصة ونقد هي هاجسنا الأول، وقد نشأنا على هذا اليقين التقويمي لفتح أبواب كل الثقافات. أما عن رأيي عما ينتج اليوم، فهو خليط من المهم والمتدني، وهذا ما سوف تلمسه ما إن تطالع الإصدارات في المكتبات وشارع المتنبي، إذ ستجد عناوين مهمة لكتّاب مهمين، تجاورها على الرف كتب مدفوعة الثمن، لن تقدم لك الجديد، بعضها لا يستحق إضاعة وقتك في قراءتها، لكن تبقى القراءة وأنواع الكتب مزاجاً خاصاً، وهي مائدة كبيرة مفتوحة للجميع، لمن يكتب ومن يقرأ.
* لا يخفى على الجميع أن انتشاركم ونجوميتكم تحققت قبل عقود من ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، كيف ترى اليوم مواقع (السوشيال ميديا)، هل أثرت سلباً أم إيجاباً على من يكتب الشعر؟
– السوشيال ميديا سلاح ذو حدين، واحد منهما قاتل، لأنه يسهم في تفشي الجهل والقبلية دون مانع أو رقيب، وغالبية مشاهير (الميديا) هم حفنة من الجهلة السطحيين الذين لا يجيدون حتى قراءة جريدة! وهم فقاعات زائلة، سرعان ما تنفخهم الريح ليرحلوا دون ذكر. أما عن شهرتنا الباقية، فهي واحدة من نعَم الله، كيف لا وأنت ترى هذه المحبة وهي تحتفي بك في الشارع وتلتقط الصور معك بكل صدق وود واضحين.
* قدمت قصائد للكثير من الفنانين والملحنين، وانتشرت هذه الأغاني حتى هذه اللحظة، ماسبب عزوفك اليوم عن التعاون مع المطربين؟
– لي الكثير من الأغاني التي لا يسع اللقاء لذكرها، إذ تعاملت تقريباً مع جميع المطربين في العراق، وما زلت أكتب وأحتفظ بما أكتب لعدم قناعتي بما يطرح من نتاج هابط، وأغان متدنية لا ترقى حتى للإسفاف، وهذا سبب عزوفي.
* أيهما الأقرب لروح حمزة الحلفي، الممثل، الشاعر، أم الصحفي؟
– أولاً أنا ربع صحفي وربع ممثل ونصف شاعر، اجمعهم وسوف يكون الناتج حمزة الحلفي.
* ما الذي سلبه الشعر منك، وما الذي منحه لك؟
– سلب مني النوم، وألا أعيش كباقي البشر، ومنحني القلق المتواصل، والأسئلة الخالدة، أشعر كما يشعر عصفور وديع، بخوف دائم وإحساس لا يقاوم الحزن والشدة! لم استفد منه سوى محبة الناس، وهذا فضل كبير.
* ما جديدك؟
– هناك الكثير، منه (تايتل) لمسلسل مقبل، وأغنية (أحلى أم بالدنيا أمي)، وهي من ألحان وغناء الفنان علي جاسم.