ناظم السعود/
لم أتمالك مشاعري ولا عبراتي من أن تسفح بصمت– بسبب العجز وسطوة الذكريات- وأنا أقرأ كلمات الأستاذ زيد الحلي مؤخرا والتي نشرها تحت عنوان محرق ( حميد المطبعي في خطر)، قبل ذلك اعلمتنا القاصة والصحفية عالية طالب (وهي التي كانت تتابع أحوال المطبعي منذ سنوات) أنه يمر الآن بأزمة مالية وصحية تتطلب مساعدته بأي شكل من الأشكال لذا هي تناشد جميع المسؤولين والمعنيين للوقوف مع هذا الأديب الذي افنى عمره في خدمة الثقافة العراقية
أما القاص والروائي علي خيون فقد ذكر في شهادته “هذا رجل كريم، يبحث عن الآخرين ليقدم لهم خدمة، بل أنه زار كل العلماء والمفكرين في العراق.. كلنا مدينون للمطبعي، بماقدم من خدمة لهذا التاريخ..”اما الدكتور ابراهيم العلاف فيعلن جهرا (أنه يبهجك حين يحاورك، ويمدحك، ويرفعك في أعين الناس، ويلاحقك وأنت منسي، ويزين لك الثقافة، ويستدرجك إلى الكتابة ويلح..ويلح.. ويلح.. أنه أمير التحقيق الثقافي في الصحافة العراقية…”اما زميلنا النشط عبد الجبار العتابي فقد كتب عن المطبعي تحقيقا طويلا – ولك أن تقول أنه قد اعد رثاء مبكرا عنه – قال من ضمنه “يعرف الأدباء والمثقفون المطبعي جيدا جدا ويرونه يقف في الصف الأول من المبدعين العراقيين الذين تركوا اثرا في المسيرة الأدبية للبلد..”.
عشرات من مثل هذه الشهادات ونظيرتها الكتابات والمناشدات تكاد جميعها تطرق الوتر ذاته: الثقافة العراقية ستفقد أحد فرسانها الكبار لأنه “غالي” ولا يمكن تعويضه، ويبدو مرض حميد المطبعي – وتداعياته – هو فرصة مثلى لقول كلمة ظلت محتبسة منذ عقود وسنين وآن لها أن تطلق: لماذا الحرص كلما حلت مصيبة بأحد أدبائنا ومبدعينا او لاحت نذرها على جعل المناشدة – وهي لفظ مخفف لمفردة المزاج القائمة – عوضا عن التفكير بوسيلة أخرى تيسّر للجميع الكرامة والضمان وعبور العجز والمرض والعوز؟! بمعنى أوضح لم لا يحل القانون “المشرّع” محل الصراخ والتوسّل والركض خلف المزاج والأوهام وانتظار ما لا يّأتي؟!.
المفارقة التأريخية التي يجدر بنا ذكرها هي أن تأريخ العراق كله – لا حاضره حسب – يكاد يخلو من قانون واحد يصد عن شريحة الأدباء والمثقفين ما يتراكم من محن وأوجاع ( حتى أن أجدادنا السومريين اطلقوا على الأديب/المثقف توصيف المشكينو أي المسكين وقد كتب أديبنا الكبير أحمد خلف مجموعة قصصية بهذا العنوان اصدرها خارج العراق قبل حوالي عشرين سنة!). ليست غرابة أن ينتبه زملاؤنا العاملون والفاعلون في الوسط الرياضي الى وجود وتغلغل هذه المفارقة فيتداعون – لا يطالبون حسب – الى العمل الحثيث لكي يتم تشريع قانون المنح للرواد وأبطال الرياضة وقد حصل هذا وشرع مجلس النواب العراقي قبل سنتين هذا القانون وقد عمل الجميع به وأصبح (الرائد الرياضي والبطل ذو الانجاز) له تشريع قانوني ملزم يفيه حقوقه وتصله التزامات الدولة ودوائرها ومسمياتها دون منّة او استعطاف أحد.. وبحكم القانون!.