رحيل حامل الهوى والرواق الطويل وداعاً أحمد خلف

الشبكة العراقية
تصوير/ حسين طالب

عن عمر ناهز الثانية والثمانين عاماً، رحل القاص والروائي الكبير أحمد خلف في بغداد بعد صراع طويل مع المرض، تاركاً نتاجاً أدبياً كبيراً ومهماً، لتتحول صفحات المواقع الاجتماعية، بعد انتشار خبر وفاته، إلى لافتة نعي كبيرة كتبها أصدقاؤه من الوسط الثقافي إضافة لمحبيه، كما زُينت أغلب صفحاتهم بصورِه الشخصية.
وعدّ اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق رحيل (خلف) في بيانه “بالخسارة الكبيرة للأوساط الأدبية العراقية والعربية، فهو البصمة الإبداعية المتفرّدة، والصوت الثقافي البارز.” موضحاً فيه أن الراحل احتل مكانة بارزة ومرموقة كبيرة بين الأدباء العراقيين والعرب المعاصرين باعتباره من أبرز الساردين العراقيين في القرن العشرين.
أما مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية ومدير عام دار الشؤون الثقافية، الدكتور عارف الساعدي، فكتب على صفحته: “أنعى لكم القاص الكبير أحمد خلف.. الرحمة والنور لروحه الطيبة، والذكر الخالد له ولما بذله في خدمة الأدب العربي.”
علامة فارقة
في حين كتب القاص والروائي عبد الستار البيضاني مادة استعرض فيها علاقته مع الراحل وبداية صداقتهما التي امتدت لأكثر من أربعة عقود، مختتماً استذكاره بـ ” صديقي وأستاذي (أبو ريم).. وإذ تغيب عنا جسداً، فأنك ستبقى مشعاً في ضميري وقلبي (ذكرىً) و(إبداعاً).. لروحك الرحمة والغفران وأنت بين يدي رب رحيم يعرف كم أنت طيب ونظيف… وداعاً.”
الشاعر والباحث الدكتور خزعل الماجدي كتب عبر صفحته: “يبدو أنه عام غير سار، فحين تحمل الأخبار رحيل القاص والروائي الكبير أحمد خلف، فهذا مؤشر مربك لهذا العام.” موضحاً أن (خلف) لم يكن رقماً عابراً في جيله وفي مجمل السرد العراقي، بل كان علامة فارقة، مضيفاً: “أبعدتني عنك المسافات صديقي، لكنك في القلب وفي الذاكرة، تغمدك الله برحمته، وألهم الصبر والسلوان أهلك ومحبيك، إنا لله وإنا إليه راجعون.”
مؤرشف الأحزان
أما الروائية ميسلون هادي فدونت على صفحتها: “غادر ضفاف النهر الروائي الكبير أحمد خلف، صاحب خريف البلدة، والقادم البعيد، ومنزل العرائس، وحامل الهوى، واقتفاء الأثر، وعصا الجنون، وصراخ في علبة، وتيمور الحزين، ومحنة فينوس.. إلى جنات الخلد والحلم العظيم.”
وكتب الدكتور سامان جليل إبراهيم: “انتهت لعبة السرد بوفاتك، وداعاً أيها الكبير، الأستاذ الروائي والقاص أحمد خلف.”
الباحث والإعلامي عماد جاسم ودّع الراحل بمادة نشرها على صفحته، واصفاً إياه بمعلم السرد “الذي تعلقنا بفنون قصصه منذ أولى بوادر الوعي، تدرجنا بمحبة بالغة بمتابعة اشتغالاته وهو يستثمر انطلاقته مع الستينيين الذين تمرد عليهم.. فهو العارف المغامر، الذي كثيراً ما يحاكي سيرته الشخصية بعيداً عن نمطية الساردين التقليديين، اعترفت له أن بعض أعماله متعبة، بل ومرهقة للقارئ، فلم ينكر ذلك!! مؤكداً: (لابد من جهد ذهني ومعرفي للقارئ لاصطياد دهشة التلقي).. إنه صديقنا المحبوب الذي كان يؤرخ لحزنه الذاتي مثلما تؤرشف أعماله حزن العراقيين ونكباتهم، صديقنا الوديع، أحمد خلف، وداعاً.”
السارد الماهر
أما الكاتب والصحفي عبد الجبار العتابي فكتب: “رحل أحمد خلف، القاص والروائي والصديق، بصمت كبير وهدوء رهيب، فلم تتناقل وقائعه الأخبار، ولا قيل شيء عنه، عن مرضه أو اعتلال صحته أو غير ذلك، رحل بهدوء، ومن العجب أن يموت الأدباء الكبار بصمت؟!.. رحل الصديق الأديب، المتواضع المبدع، الذي لم يجر وراء الشهرة والإعلام، رحمك الله صديقي وستبقى علامة بارزة في الأدب العراقي لا تنسى.”
ووصف الروائي نعيم عبد مهلهل رحيل (خلف) بالمؤلم، مبيّناً أنه “رجل الحكايات الممتعة، وسادن البحث عن دهاليز غموض الروح وفك مشفراتها. وهو قاص مقتدر وروائي حرّيف، ومثقف وقارئ، وشخصية أحبت الكفاف والظل.” مضيفاً أنه “كان طيباً وأغلبنا يعتبره عراباً وصديقاً والأب الودود لمشاريعنا، فبالرغم من شهرته في عوالم السرد، إلا أنه بقي خجولاً ومتواضعاً وطيباً.. وداعاً ايها السارد الماهر، معلمي وصديقي.”
سيرة إبداعية
جدير بالذكر أن الراحل ولد في الشنافية، إحدى نواحي محافظة الديوانية، عام 1943، فيما نشر عام 1966 أولى قصصه القصيرة بعنوان (وثيقة صمت)، وانتمى إلى الجيل القصصي الستيني الذي عرف بالتفرد الريادي والتأثر بما بعد الحداثة، التي ألقت بظلال نجاحاتها على الأجيال التي تلتها من خلال التأسيس لمنظومة جمالية وإبداعية في عوالم السرد.
أصدر خلف كتابه القصصي (نزهة في شوارع مهجورة) عام 1974. تلته مجاميع قصصية عدة، من بينها: (القادم البعيد)، (منزل العرائس)، (صراخ في علبة)، (خريف البلدة) (في ظلال المشكينو)، (تيمور الحزين)، و(مطر في آخر الليل).
وفي عام 1980 أصدر روايته (الخراب الجميل)، تبعتها الروايات التالية: (موت الأب)، (حامل الهوى)، (الحلم العظيم)، (الذئاب على الأبواب)، (محنة فينوس)، (عصا الجنون)، (عن الأولين والآخرين)، (الرواق الطويل)، (في الطريق إليك)، كما طبعت له دار الشؤون الثقافية العامة أعماله القصصية الكاملة.