الشبكة العراقية/
اختتمت مؤخراً فعاليات معرض بغداد الدولي للكتاب بدورته الـ 25 تحت شعار (العراق يقرأ)، التي انطلقت في 12 أيلول واستمرت لعشرة أيام، برعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وإشراف وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور أحمد فكاك البدراني وعدد من الوزراء والمسؤولين.
شاركت في هذه الدورة المميزة أكثر من 600 دار عراقية وعربية وأجنبية من 21 دولة، وبحضور أدباء ومفكرين عراقيين وعرب وأجانب، طيلة أيام المعرض من العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساءً.
رئيس اتحاد الناشرين واللجنة التحضيرية العليا لمعرض الكتاب، عبد الوهاب الراضي، قال: “خططنا لهذه الدورة لكي تكون رسالة إلى العالم.” مؤكداً أن اتحاد الناشرين يقيم هذه الفعالية، التي دأبت عليها التقاليد الثقافية العالمية بشكل منتظم، في بلدان متقدمة، سبقها العراق منذ 24 دورة، أقيمت أولاها في العام 1978 وهي متواصلة رغم الأحداث التي شهدتها البلاد.
شكلت هذه الدورة منافسة كبيرة مع المعارض التي تقام على مستوى العالم العربي، إذ إنها أوصلت رسالة الى العالم، تفصح عن وطن يحنو على أبنائه بسلام داخلي وتعايش حضاري، ويفتح ذراعيه للضيوف القادمين من بقاع الأرض حباً وكرماً وأماناً.
إصدارات حديثة
كل من زار معرض الكتاب، أنتابه شعور حقيقي بأن العراقيين أثبتوا حبهم للقراءة. وبالمقابل أمن لهم المعرض أحدث الإصدارات الواردة من حيث انتهى الفكر العالمي الحديث، تضافراً مع ما أسفرت عنه المعارض السابقة من قيم ومعانٍ، فضلاً عن المنافع المالية التي عاد بها بعض الناشرين بنفاد كميات العناوين التي شاركوا بها.
لم يقتصر معرض الكتاب على الكتب وعرضها فحسب، بل رافقت ذلك أحداث ثقافية مهمة استمتع بها الحاضرون، منها إقامة حفل توقيع الكتب لأسماء لامعة في عالم الثقافة والإبداع، كما أقيمت ندوات بشكل يومي لبعض ضيوف المعرض، سواء أكانوا عراقيين أو عرباً، بعضها ثقافي وآخر ذو طابع سياسي، كما كانت هناك ندوات متنوعة بين الرياضة والطب والاختصاصات الأخرى،منها الندوة التي حضرها الشاعر والكاتب تميم البرغوثي الذي اشاد بحفاوة الحضور وبداعة الاستقبال. كما كان هناك حفل توقيع للروائي والشاعر الأردني أيمن العتوم، وسط جمعٍ من المحبين لأعماله الأدبية.
توقيع كتب
كذلك استضاف المعرض الفنان المصري أكرم حسني في لقاء مباشر مع الجمهور، وجرى تبادل الاسئلة حول أعماله وتفاصيل حياته. كما أقيم حفل توقيع كتاب (لابد من نقص ليكتمل الوجود) للشاعر عماد جبار، وأقيمت ندوة بعنوان (إحياء الأثر، إعادة الحياة للبيوتات الثقافية كمنارات للإلهام)، تحدث فيها جيل الأحفاد، كل من د. ذوالفقار البغدادي، ود. وائل الطائي، وأسماء الجمالي، وبان فرات الجواهري. أدارت الندوة سارة الصواف، التي تحدثت عن أهمية إعادة إحياء أثر الأجداد أصحاب الإنجازات المهمة في مجالات المعرفة المختلفة، وضرورة تعريف الجيل الجديد بدور هؤلاء المؤثرين، والسير على خطاهم في الإبداع، كما يجب أن ترعى الدولة تلك البيوت الثقافية، وتهتم بتجديد مؤلفات أصحابها الثرية.
الدراما في المعرض
تضمنت أيام معرض بغداد الدولي للكتاب أيضاً لقاء بين الفنان المصري هاني رمزي والمخرج علي فاضل، تناول اللقاء مسيرة هاني رمزي في عالم الفن الكوميدي، الذي تحدث عن كيفية دخوله هذا المجال. كذلك طُرحت في اللقاء أسئلة حول ما إذا كان سيعيد تقديم شخصيات مشابهة في أعماله المستقبلية وما الصفات التي يجب أن يتحلى بها الفنان الكوميدي، كما نوقشت بعض أعماله مثل فيلمي (عاوز حقي) و(النظام المسرحي)، بالإضافة إلى الحديث عن موعد اعتزاله المحتمل.
استمرت الفعاليات متتالية، إذ أقيمت أمسية بعنوان (من شيخ العرب همام إلى الحشاشين.. الباحث في التاريخ يكتب التاريخ) تحدث فيها الكاتب المصري عبد الرحيم كمال، وحاوره الإعلامي كاروان كورة چي حول تجربته في التأليف، والصعوبات التي مر بها وكيف تجاوزها ونجح في مجال كتابة نصوص المسلسلات التلفزيونية المميزة والقصص القصيرة، وأهم ما يميز مؤلفاته، وكيف أنه مزج بعض أحداث حياته الشخصية مع عنصر الخيال، وتعدد الأمكنة في قصصه، وحيوية التجديد في سرد الأحداث.
أمسيات ثقافية
كمل كانت هناك أمسية بعنوان (بغداد مدينة الإبداع الأدبي.. اليونسكو، جوانب الإبداع في المدونة الشعرية للدكتورة سعاد الصباح)، تحدث فيها الدكتور حمد الدوخي والدكتورة زينب الخفاجي والدكتورة موج يوسف، وأدارها الدكتور حمزة عليوي.
وفي نشاط آخر جرى تكريم العشرة الأوائل على تربية الكرخ الثانية في تحدي القراءة العربية للموسم الثامن بكوبونات مجانية من مبادرة (اقرأ) تشجيعاً لهم وتنميةً لقدراتهم ومواهبهم الفتيّة.
وأقيمت ندوة بعنوان (دور وزارة الشباب والرياضة في استيعاب الشباب العراقي)، تحدث فيها وزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد المبرقع عن هذا الدور وتأثيراته الإيجابية على المجتمع.
وأقام جهاز مكافحة الإرهاب ندوة بعنوان (الكتاب ومكافحة الإرهاب)، تحدث فيها رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن كريم التميمي عن دور الجهاز الفعال في هذا الجانب المهم وحاوره الإعلامي رائد المالكي.
وضمن المنهاج الثقافي أيضاً أقيمت ندوة بعنوان (الأدب في مواجهة الطغيان)، تحدث فيها كل من سفير فلسطين في بغداد، الدكتور أحمد الرويضي، والكاتبة والروائية الفلسطينية رولا الغانم، اللذين تحدثا عن الأدب بوصفه مرآة عاكسة لمجتمعاته، وسلاحاً مناضلا ضد الظلم والاستبداد، ففي كل عصر نجد الأدباء يتصدون بأقلامهم الحادة للطغيان بجميع أشكاله، مستخدمين اللغة سلاحاً لتحرير العقول وتهدئة النفوس.
كذلك اقيمت ندوة بعنوان (سؤال الفلسفة وأسئلتها في الفكر المعاصر) تحدث فيها المفكر المغربي إدريس هاني عن دخول الفلسفة إلى الفكر العربي المعاصر من خلال الصراعات حول العقل، والحداثة، والتراث، كما أشار إلى الصدمات المعرفية التي واجهها الفيلسوف العربي وتأثيرها على الفكر، ذاكراً صراع الآيديولوجيا والحداثة.
ندوات منوعة
وأقيم أيضاً العديد من الندوات المتنوعة الممتعة التي أحبها الجمهور وسارع الى حجز مقاعد ليستمتع بتفاصيلها. منها ندوة بعنوان (مشروع مستقبل الثقافة في العراق – رسائل إلى المجتمع العراقي) أدارها الإعلامي أحمد الحلو في حديث مع كل من د. صائب عبد الحميد، و.علي الفواز، ود. مظهر محمد صالح، ود. محمد غازي الأخرس، وجمال الحلبوسي، و.علي الحداد، الذين أوضحوا أن مشروع مستقبل الثقافة في العراق هو مشروع وطني يهدف إلى بناء عراق مزدهر ثقافياً، قادر على الإبداع والابتكار، ومشارك فاعل في الحوار الحضاري العالمي، من خلال تضافر الجهود وتعاون جميع الأطراف.