حيدر النعيمي/
تجاوزت شهرته حدود السليمانية، ليس لانه اقدم مقهى اذ يعود تأسيسه الى منتصف القرن الماضي، انما لكون رواده من المثقفين والمشاهير في مدينة انجبت ابرز نجوم الادب والفن الكردي..
“مقهى الشعب” كان شاهداً على احداث شكلت منعطفا في تاريخ السليمانية.
مجلة “الشبكة” توجهت لهذا المكان الذي يقع عند شارع “كاوه الحداد”، بالقرب من ساحة السراي في وسط المدينة تقريباً، دخلنا المقهى عبر ممرّ صغير ليؤدي بنا الى شبه باحة تتناثر فيها الطاولات هنا وهناك؛ وحول كل منها مجموعة من كبار السن يلعبون الطاولة والدومينو، وآخرون مشغولون بأحاديث السياسية والشعر والثقافة.
وبعد السؤال عمّن يتكلم العربية بطلاقة تم إرشادنا للشاعر والصحفي محمد أمين سعيد المعروف بلقب “أمير حلبجة”، وهو المتحدث الرسميّ باسم المقهى ليحدثنا قائلاً: “مقهى الشعب بالنسبة لمحافظة السليمانية يرمز لشيء مهم وله خصوصية مثل خصوصية مقهى الشاهبندر في شارع المتنبيّ ومقهى الزهاوي في شارع الرشيد ببغداد ومقهى الفيشاوي في العاصمة المصرية القاهرة”.
تأسس المقهى عام 1950 على يد صاحبه محمد شريف المولود عام 1910 والمتوفى عام 1981، ومنذ تأسيسها سميت بهذا الاسم باختيار مجموعة من الفنانين والأدباء.
المقهى في الأصل كان عبارة عن خان بعدها تحول إلى مكاتب عدة لمختاري المحلات والمناطق، ومن ثم تحولت البناية التي هي فوق المقهى إلى فندق قبل أن تتحول البناية بأكملها الى المقهى الحاليّ .
يضيف سعيد: طرأت على المكان تغييرات عدة مع مرور الزمن، هذا المقهى يعتبر مكان أجتماع وملتقى مهماً لكلّ من الأدباء والصحفيين والكتاب والفنانين والسياسيين والمهتمين بشؤون الثقافة، فأنا من روّاده لأني مستمر على حضوري الى هذا المكان منذ 29 عاماً.
أشار سعيد إلى أن المقهى يحتضن الكثير من الندوات والأمسيات الشعرية والفكرية، وهذه لها طقوس؛ فمثلاً يتم رفع لعبتي الطاولة والدومينو ليصغي جميع الحاضرين إلى ما يدور في النشاط الثقافيّ، فضلا عن ذلك فإنّ المقهى يحتوي على مكتبة تضمّ كتباً سياسة وثقافية وتأريخية تم أهداؤها للمقهى من قبل مثقفين.
يفتح المقهى أبوابه منذ السادسة صباحاً ولغاية الثامنة مساء، وتم تخصيص يوم الخميس حصراً للحضور النسائيّ فيه.
يواصل “أمير حلبجة” حديثه: تم إعمار المكان وترميمه عام 2003 بأمر من قبل رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني، وقت كان عمر فتاح رئيس وزراء في الإقليم، كما تجدد إعماره للمرة الثانية عن طريق درباس كوسرت رسول، فتمت إعادة ترتيب صور الشخصيات الكردية وغيرها على جدران المقهى من جديد.
قبل عامين تقريباً أراد أصحاب المكان بيعه ولكن السيدة زوجة رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني هيرو خان أوصت بشرائه وإبقائه على ما هو عليه في حال بيعه، فتراجع أصحاب الملك عن القرار إكراماً لها.
تعرض المقهى للإغلاق لأسباب سياسية في عهد النظام السابق لمنع أعضاء تشكيلات الأحزاب المعارضة والسريّة من الاجتماع والالتقاء في مكان واحد، إذ كان يلتقي فيه أعضاء حزب الاتحاد الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي.
ختم سعيد حديثه بالقول: إنّ العديد من الشخصيات المعارضة السياسية والفكرية كانت تلوذ بالمقهى في أيام النضال ضدّ النظام السابق، من أهمهم الشاعر سعدي يوسف والفنان فؤاد سالم والشاعر مظفر النواب وغيرهم الكثير ممن نقشوا أسماءهم على جدران ذاكرته.