ما هو الحاسوب الكمومي وكيف سيغير التكنولوجيا؟

ترجمة وإعداد: أحمد المولى
الحواسيب الكمومية هي أجهزة تستخدم خصائص فيزياء الكم لتخزين البيانات وإجراء العمليات الحسابية. وتتفوق هذه الحواسيب الكمومية حتى على أفضل أجهزة الكمبيوتر العملاقة لدينا. لكن ثمة بعض العراقيل مازالت قائمة أمام تصنيعها وإتاحتها للاستخدام.
في عام 2019، أعلنت شركة (جوجل) أن قسم الذكاء الاصطناعي فيها ابتكر معالجاً (كمومياً) اسمه (سيكامور Sycamore). وقالت في ورقة منشورة في مجلة (نيتشر) إن معالجها الكمومي أنجز مهمته في 200 ثانية، في حين أنها تستغرق عشرة آلاف سنة لإكمالها بواسطة حاسوب فائق من الطراز الأول!

لتقدير الوقت الذي يستغرقه حاسوب فائق تقليدي، قامت جوجل بتشغيل أجزاء من محاكاة الدائرة الكمومية على أحد أقوى الحواسيب التقليدية في العالم. لاحقاً، قدمت شركة IBM حجة مضادة، مدعية أن المهمة ستستغرق يومين ونصف اليوم فقط على حاسوبها.
في عام 2021، أعلنت الصين عن حاسوبها الكمومي (جيزونج 2). وهو يعمل أسرع بكثير من معالج جوجل. ووحدة القياس للسرعة هنا هي (السبتليون) التي تعادل رقم واحد وأمامه 24 صفراً!! لكن في عام 2023 أعلنت شركة IBM الأميركية عن أقوى حاسوب كمومي في العالم حينها. وفي أواخر عام 2023 تفاجئ الصين العالم مرة ثانية بالحاسوب الكمومي (جيزونج) من الجيل الثالث.
أميركا والصين هما أكبر منافسين في مجال الحواسيب الكمومية، إذ استثمرت أميركا نحو 1.2 مليار دولار في أبحاث هذا المجال، أمّا الصين فأعلنت أنّها ستستثمر نحو 15 مليار دولار في الأبحاث نفسها.
ثمة تطبيقات مهمة جداً لهذا الحاسوب في مجالات عدة، منها الذكاء الاصطناعي، وتطوير الأدوية، وتصميم المواد الجديدة، والاقتصاد. لكن أخطر المجالات هو الأمن القومي والتطبيقات العسكرية والأمن السيبراني. إذ إنّ الحاسوب الكمومي قادر على فك تشفير أقوى البيانات المشفرة. ويحاول العلماء حالياً تطوير خوارزميات مقاومة للكمبيوتر الكمومي. ولعل هاهنا يكمن سر التنافس على الصدارة.
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي كانت البداية للكمبيوتر الكمومي مع عالِم الفيزياء النظرية الأميركي (ريتشارد فاينمان)، الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء 1965. على الرغم من أن فاينمان لم يكن من أوائل الباحثين الذين عملوا مباشرةً على تطوير الحاسوب الكمومي، إلا أن أفكاره وأبحاثه كانت حجر الأساس لهذه الثورة التكنولوجية. كان فاينمان من أوائل العلماء الذين رأوا أن الحواسيب التقليدية لن تكون قادرة على محاكاة بعض الظواهر الكمومية بشكل فعال. ولفت إلى الحاجة لبناء حواسيب تعتمد على مبادئ ميكانيكا الكم نفسها. مع ذلك، لا يُستبعد أن تكون هناك أيضاً حالات ستتفوق فيها الحواسيب الكلاسيكية على الحواسيب الكمومية. لذلك قد تكون أجهزة الحاسوب في المستقبل مزيجاً من هذين النوعين.
في الوقت الحالي، مازالت الحواسيب الكمومية في مرحلة البدايات والمحاولات. كذلك ما زالت أمامها عراقيل عدة، فهي حساسة للغاية، إذ يمكن للحرارة والمجالات الكهرومغناطيسية وتصادمات جزيئات الهواء أن تتسبب في فقدان الحاسوب خصائصه الكمومية، إذ تحتاج الحواسيب الكمومية الى إبقائها باردة بدرجات حرارة منخفضة جداً ليس من السهل توفيرها، أي درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق، سالب 273 درجة مئوية، لذا تحتاج إلى غرف خاصة مجهزة لتحافظ على هذه الدرجة من البرودة.
إضافة الى ذلك، تحتاج وحدة التخزين في هذه الحواسيب (الكيوبت) الى إمدادها بنبضات طاقة متحكم بها بعناية، لأن أية زيادة أو نقصان طفيفة في الطاقة يمكن أن يؤديا إلى فقدان الكيوبت حالته الكمومية، وهي حالة تسمى (فقدان التماسك). كما تحتاج تلك الحواسيب إلى تصحيح الأخطاء التي تتسلل إلى النظام.