أحمد الساعدي
ممارسات غريبة شهدتها الملاعب العراقية مؤخراً، لم تكن -حتى وقت غريب- إلا أمراً يثير سخريتنا، عندما كنا نشاهدها في الملاعب الإفريقية، من بينها السحر. وهناك العديد من القصص في هذا الشأن أثارت المتابعين والجمهور.
فقد أشيع أن حارس مرمى أحد الأندية وضع سحراً داخل مرماه من أجل منع دخول الكرة في الشباك! الأمر الذي دفع إدارة النادي المنافس إلى تقديم شكوى ضده. وفي هذا الموسم تكررت الحالة أكثر من مرة عندما شوهد حارس مرمى أحد الأندية وهو (يرش) المرمى بقنينة ماء يقال إن فيها سحراً.
ثمة ممارسات غريبة، لا يمكن تجاهلها، حدثت من بعض إداريي ومدربي بعض الفرق المتبارية في الدوري العراقي يحدثنا عنها بعض المدربين واللاعبين.
السحر.. السحر
يقول مدرب الكرخ السابق كريم حسين: “في كرة القدم كل شيء وارد، لكن عملية السحر الذي تلجأ إليه بعض الفرق لم أسمع بها من قبل، لكني فوجئت في إحدى مبارياتنا، عندما كنت أقود نادي الكرخ، أي قبل مواسم، بأن أحد فرق المحافظات كان قد وضع نوعاً من السحر داخل مرمانا، وقد وصلني خبر وضع السحر قبل خوض المباراة بوقت قصير، وبالفعل اتجهت، قبل انطلاق المباراة الى موقع وضع السحر خلف المرمى، ومعي المساعدون فوجدنا قصاصات من الورق مكتوبة عليها طلاسم وتعويذات بطريقة غريبة عجيبة مع تراب، يومها تيقنت من أن هناك لاعبين ومدربين يؤمنون بالسحر. ولابد من أن أشير (وأنا أتذكر هذه الحادثة التي تطرقت إليها في أكثر من مناسبة)، إلى أننا خسرنا المباراة وقتها مع أننا كنا الفريق الأفضل !
شائعات
أما مدرب الجيش السابق علي صابر فيقول: “الجميع يعلم أن عمل السحر يكثر في الملاعب الإفريقية، التي اشتهرت به، أما في قارة آسيا فأعتقد أنه لا يوجد، حتى إذا سمعنا عن ذلك في دول ربما تكون بعدد أصابع اليد، أما في ملاعبنا العراقية فلا أعتقد أن هذا الأمر موجود، ولاسيما في المواسم السابقة عندما كنا نلعب في الأندية والمنتخبات، لكننا، في الموسمين الكرويين الماضي والحالي، بدأنا نسمع أن بعض الفرق تمارس السحر، وما شابه ذلك، من أجل الفوز، لقد أصبحنا نسمع -للأسف الشديد- أن هناك مدرباً يلبس خاتماً يتفاءل به ليصافح به الخصم، وهناك أيضاً أمور غريبة لا يقرها المنطق ولا الثقافة ولا العلم”.
يضيف صابر أن “كرة القدم خسارة وفوز، ولاسيما أن العالم تطور بشكل مثير في السنوات الأخيرة، فالمنتخبات التي كنا نجتازها بسهولة أصبحت الآن قوية جداً بفضل التخطيط الناجح فيها، على سبيل المثال المنتخب الياباني، والكوري، والتايلندي، وحتى القطري والإماراتي والبحريني والسعودي، وأغلب هذه المنتخبات الآسيوية كان المنتخب العراقي يجتازها بكل سهولة، لكنها اليوم أصبح لها شأن كبير في مجال الكرة، فهل أنها لجأت إلى السحر لكي تتقدم في مستواها؟ طبعاً لا، فالتطور والعمل الصحيحان هما من أوصلاها الى هذه المرحلة المتقدمة. حتى الأندية المعروفة، وغير المعروفة، التي تقدم المستويات الرائعة على أديم الملاعب الخضراء، هل مارست السحر؟” وأشار صابر الى أن موضوع استعمال السحر من قبل بعض الفرق أو اللاعبين في ملاعبنا ما هو إلا تقليعة جديدة ظهرت في الآونة الأخيرة، تحديداً على المدرجات التي يتناقل فيها المشجعون مثل هذه الشائعات.
كل المنتخبات تتطور.. ونحن نتراجع!
فيما يشير المدرب صبيح رحيم إلى أن “حكم المباراة هو كبش الفداء في مثل هذه الحالات، فقد توفرت تقنيات التصوير الحديثة في نقل المباريات بأكثر من كاميرا، ومن زوايا عديدة لتدحض افتراءات البعض على الحكام، أما نحن فتحولنا إلى مرحلة استخدام السحر الذي يلبي رغبات البعض من جمهورنا ممن لا يقفون على أرضية صلبة من الثقافة والتعليم، فأي منطق هذا الذي يقول بالسحر؟! لقد تطورت غالبية الفرق في العالم، ولا مجال لما يقال عن السحر، فعلى سبيل المثال لو لعب منتخبنا أمام الأرجنتين ووضع أحدنا السحر داخل المرمى، فهل سنفوز في المباراة بهذا المنتخب (المتردي)؟ الذي خسر أمام أضعف المنتخبات العربية، ولماذا لم نضع السحر مسبقاً من أجل تأهلنا إلى كأس العالم؟ لقد وضعتنا القرعة في التصفيات الآسيوية المؤهلة الى نهائيات كأس العالم في أضعف المجاميع، لكننا لم نحقق شيئاً يذكر، وخرجنا دون أن نحرز شيئاً، السبب يعود الى تطور المنتخبات فيما بقي منتخبنا الوطني على حاله، بل إنه تراجع بشكل خطير بسبب التخطيط غير السليم من قبل القائمين على الكرة العراقية.”
حالات كثيرة لكنها غير معلنة
من جانبه، أشار المدرب جاسم محمد إلى وجود ممارسات كثيرة، ومنها السحر، يستخدمها العديد من المدربين والإداريين. وأضاف: “نعم هناك مدرب لأحد الفرق الكبيرة يتعامل مع هذه الأمور كي يفوز فريقه، كما أكد لي أحد إداريي الفريق أن المدرب كان يرفض أن يشرب الماء بالكأس التي تحمل لون الفريق الخصم الذي يلاعبه! وهناك مدرب آخر يرفض أن يخلع القميص الذي يلبسه إلا إذا خسر، فتجده يلبس القميص نفسه في المباريات التي يفوز فيها ولأسابيع عدة، كونه يرى فيه فألاً حسنًا على فريقه، وهناك من يضع خاتماً في إصبعه يحركه يميناً وشمالاً، كما أن هناك من يرش الماء خلف مرمى الخصم. الحقيقة أن بعض التصرفات في ملاعب كرة القدم هي أقرب الى الشعوذة من السحر، ودائماً ما كانت هناك حوادث كثيرة في هذا الموضوع، لكن ربما تكون غير معلنة بسبب عدم تطرق الصحافة إليها، غير أن الشواهد تؤكد وجود مثل هذه الحالات، فقد حدثني عن هذه الأمور أحد اللاعبين السابقين عندما قال لي إن احد إداريي النادي -الذي كان يمثله- يقوم بصبغ أعمدة المرمى بالدم قبل موعد المباراة بيوم واحد، وذلك كان يحصل بعلم إدارة النادي والمدرب، اعتقاداً منهم بأن هذا الفعل يجلب الحظ للفريق”!