أحمد رحيم نعمة/
أسدل الستار على التصفيات الآسيوية المؤهلة الى نهائيات كأس العالم 2022 في قطر، بتأهل منتخبات اليابان، والسعودية، وكوريا الجنوبية، وإيران، فيما سيلعب على الملحق منتخبا أستراليا والإمارات، والفائز منهما يلاقي منتخب بيرو من القارة الأمريكية الجنوبية.
هكذا خرج منتخب العراق خالي الوفاض من هذه التصفيات المهمة، بالرغم من سهولة مجموعته، إذ كان باستطاعته التأهل إلى النهائيات العالمية لولا التخبط الذي أحاق بالمنظومة الكروية العراقية.
أربعة مدربين وأكثر من مئة لاعب..!
المتابع لمسيرة المنتخب العراقي في التصفيات المؤهلة الى قطر 2022 يجد أن أربعة مدربين تعاقبوا على تدريبه خلال التصفيات، ثلاثة منهم أجانب هم على التوالي كاتانيتش، وادفوكات، وبتروفيتش، والرابع هو المدرب غني شهد الذي قاد الفريق في مباراتين فقط فاز في واحدة وتعادل في الثانية.
وخلال التصفيات لم يستقر المنتخب العراقي على تشكيلة معروفة من اللاعبين ، فكل مدرب كان يضع تشكيلة مغايرة، بحيث انضم إلى المنتخب، خلال مسيرة التصفيات، أكثر من مئة لاعب، بين محلي ومغترب.
ويؤكد المراقبون أن التخطيط غير السليم هو الذي أوصل الكرة العراقية الى هذا المنحدر الخطير، الذي انتهى بضياع حلم التأهل الى نهائيات كأس العالم، ما خلّف حزناً عميقاً في قلوب جماهير الكرة.
غياب الاستقرار
يقول المدرب حسن أحمد، الذي قاد منتخب الشباب وعدداً من الأندية المعروفة: “في عام 1986 تألقت الكرة العراقية في البطولات بشكل مثير، ولعب منتخبنا الوطني في نهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخه، وبتشكيلة معروفة من اللاعبين، بحيث لم يطرأ تغيير ملحوظ إلا لبعض اللاعبين الذين يصابون في المباريات، الأسماء كانت (محفوظة) بالنسبة للعراقين، ومازالت الجماهير الرياضية تعرف من الذي لعب عام 1986 في نهائيات كأس العالم، بل حتى الأندية كانت تشكيلة لاعبيها ثابته لا تتغير لمواسم عدة، وكان ذلك يولد انسجاماً للفريق، بينما وجدنا في السنوات القليلة الماضية أن الأندية لم تستقر، وأن المنتخبات الوطنية العراقية تقف على تشكيلة ثابته من اللاعبين. فعلى سبيل المثال، لاحظنا أن المنتخب العراقي كان حقل تجارب لاختيار اللاعبين، وحتى المدربين، في التصفيات الآسيوية، إذ كان المنتخب يلعب في كل مباراة بتشكيلة مختلفة، وهذا –طبعاً- خطأ كبير، لأن الانسجام هو الأساس في نجاح الفريق، لكن هذا لم يحصل لمنتخبنا خلال رحلته في التصفيات، لذلك كانت نتائج الفريق مخيبة، فقد خرجنا من التصفيات بخفّي حنين، بعد عروض ونتائج بائسة، بالرغم من تواضع مستويات المنتخبات التي كانت في مجموعتنا.”
لانعرف التخطيط
فيما يقول الصحفي رائد محمد: “إن تبديل المدرب قبل التصفيات الثانية كان خطأ كبيراً اقترفه اتحاد الكرة،” مبيناً أن التخطيط غير الناجح من قبل اتحاد الكرة كان السبب الرئيس في الخروج من تصفيات المونديال، يمكننا أن نقول، بالقلم العريض: نحن لانعرف التخطيط!”
انتكاسات
أما المدرب حيدر كاظم فقال: “إن المدربين الذين أشرفوا على المنتخب، طيلة المشوار الآسيوي الطويل، هم السبب في هذه الانتكاسات التي حصلت للكرة العراقية، لأنهم استعانوا بلاعبين مستهلكين من الذين تم استبعادهم بسبب سوء أدائهم، وضعف لياقتهم البدنية، فالمدربون الأجانب استعانوا بالمغتربين، لكنهم لم يحققوا نتيجة جيدة، أما المدرب شهد فقد اعتمد على اللاعب المحلي، وكذلك لم يفعل شيئاً هو الآخر، بحيث أصبحت كرتنا تتقاذفها الأمواج، كل يوم في مرسى، حتى أصبحت عبارة عن سفينه تائهة لاتعرف أين تتجه، بسبب كثرة القيادات التي أشرفت على مسيرتها، لقد ضاعت كرتنا العراقية نتيجة عمل غير صحيح لاتحاد الكرة.”
تخطيط عشوائي
من ناحيته، عبّر اللاعب الدولي السابق مهند محمد علي عن حزنه للحالة الصعبة التي تمر بها كرتنا العراقية، وقال: “إن أسباب الفشل في رحلة منتخبنا في تصفيات كأس العالم تكمن في نقاط عدة: أولها التخطيط العشوائي في محاولة بلوغ النهائيات، إذ تعاقب أربعة مدربين على المنتخب خلال التصفيات. ثانياً: عدم الاستقرار على مجموعة ثابتة من اللاعبين الذين نعتمد عليهم في التصفيات. ثالثاً: الاختيار غير الموفق للمدربين، من أسماء لا تستطيع تحقيق الصعود إلى النهائيات. رابعاً: أن معاقبة العراق باللعب خارج أرضه، كانت عاملاً كبيراً في عدم الصعود. خامساً: التسقيط الإعلامي -مع الأسف- للاعبين والمدربين الذين يمثلون البلد، فيما كان الأجدر بالجميع الوقوف مع المنتخب، مدربين ولاعبين، حتى وإن كان الإعلاميون والجماهير غير مقتنعين بهم. سادساً: التعامل الخاطئ و(الضبابي) مع المحترفين والمغتربين وعدم الإنصاف بأحقية من يمثل المنتخب. سابعاً وأخيراً: بعد كل تصفيات كأس العالم لا نجد معالجة حقيقية للأخطاء، ولما مر به المنتخب، وهي نفس الأخطاء في كل التصفيات، الحالية والسابقة، والخاسر الوحيد هي الكرة العراقية والجماهير المحبة.”
القاعدة هي الأساس
المدرب صفاء عدنان قال: “كثر الحديث عن المدرب، وهو الحلقه الأضعف دائماً، لكن الحق يقال -في هذه المرحلة الصعبة- إن أي مدرب، وإن كان كلوب أو غوارديولا أو غيرهما، مدربين لمنتخب العراق، فلن يستطيعوا عمل شيء، قلتها، وسأقولها، إن امكانية لاعبينا محدودة وخيارات المدرب قليلة، كما أن التخطيط والبناء يجب أن يبدآ من الصفر، إذ أن القاعدة هي الأساس، لذا يجب أن نرتكز عليها، وإلا سنبقى على هذا الواقع المؤلم.”
مشكلات عديدة
يشاركنا الصحفي محمد إبراهيم قائلاً: ودعنا حلم التأهل إلى المونديال، بإرادتنا وطيب خاطرنا، بسبب (استهتار) المعنيين بالكرة العراقية، واستخفاف بعض اللاعبين بواجباتهم، ناهيك عن مشكلات لا تعد ولا تحصى، أدخلتنا في نفق محاربة المحترفين من أبناء العراق، الذين غادروا الوطن مرغمين، كذلك فإن دكتاتورية المسؤول هي التي أوصلتنا إلى هذا الحال.”
منتخب بلا هوية
يؤكد الصحفي الرياضي مزهر كاظم أن “منتخبات الإمارات ، وسوريا، ولبنان، وحتى العراق، لا تستحق أن تلعب في نهائيات كأس العالم.. الحقيقة تقول إن الصدفة تحدث مرة بالألف أو أقل، وما خسارة كوريا أمام الإمارات -المنتخب المتواضع جداً- إلا صدفة، أو أنها جاءت بتهاون المنتخب الكوري! وإلا كيف تخفق كوريا أمام الإمارات وهي التي لم تخسر مباراة واحدة منذ التصفيات، وهي التي فازت على أفضل منتخب آسيوي (إيران) بهدفين دون رد.”
وأشار الى أن المنتخب العراقي في التصفيات لعب بلا هوية، وتولى إدارته مدربون غير أكفاء، مع لاعبين لا يستحقون ارتداء فانيلة المنتخب، واتحاد لا يعرف كيف يخطط، عوامل كثيرة اجتمعت كانت نتيجتها الخروج المذل من التصفيات وضياع الحلم العالمي.