محمد خوام
بكل تأكيد بعد نهاية البطولة الآسيوية كان حديث الشارع الرياضي العربي هو: هل فعلاً أن بطولة كأس أمم آسيا كانت فاسدة؟
لقد انتشرت النظريات، ولا يمكن لوم الشارع العربي، لأن ماحدث خلال البطولة كان غير منطقي في معظم المباريات.
كانت مباراة العراق والأردن هي نقطة اشتعال هذا الجدال، ولا يُمكن لوم الشارع العراقي ببساطة، لأن طرد أيمن حسين لم يكن منطقياً بل ظالماً جداً، لأنه ببساطة احتفل بذات الطريقة التي احتفل بها لاعبو الأردن، كما أن هناك حوادث عالمية كثيرة قام بها لاعبون تاريخيون بتقليد احتفالية الخصم بدون أن يمنحوا إنذاراً، كمثال لقطة كريستيانو رونالدو مع سيميوني، ولكي لا أكون بعيداً جداً، لماذا لم ينذر دوغلاس لويز لاعب أستون فيلا الذي رقص أمام أونانا حارس اليونايتد بعد أن سجل هدفاً عليه قبل أيام قليلة؟
الأخطاء جزء من اللعبة
المشكلة ليست في الطرد، هل تصدقون أن المشكلة الأكبر هي عدم منطقية الإنذار الأول لأيمن حسين، كذلك في عدد الدقائق التي جرى منحها كوقت بديل، لا أقلل من قيمة ما فعله المنتخب الأردني الذي قدم بطولة عظيمة، وببساطة لا ذنب لهم في ما حدث للعراق، برغم بعض التصريحات المستفزة.
الأخطاء في كرة القدم بشكل عام جزء من اللعبة، وهناك أحداث تاريخية لولا الأخطاء التحكيمية فيها لتغير الكثير من التاريخ، يد مارادونا، ويد تيري هنري، وهدف إنكلترا المشكوك به في نهائي 1966، والهدف الشبح لليفربول ضد تشيلسي، وفضيحة كوريا الجنوبية ضد إسبانيا وإيطاليا، ولمسة يد تورستين فرينغز ضد أميريكا حين أبعد هدفاً محققاً بلمسة يد كان يستحق الطرد عليها.. ومئات الأحداث التي لا يمكن نسيانها.
أخطاء الحكام
لكن ماحدث في البطولة الآسيوية الأخيرة شكل صدمة للجميع، ولاسيما بسبب وجود الفار، التقنية التي وجدت من أجل تقليل أخطاء الحكام، لكن ماشاهدناه جعلنا نشعر للحظة بأن الفار لا قيمة لها، ونحن هنا لن ندخل في جدال أحقية قطر بالكأس، وهل كانت البطولة مجهزة لقطر، لأن قطر قدمت بطولة عظيمة، وفي حال أنها استفادت من أخطاء تحكيمية، فإن خصمها المباشر الأردن استفاد أيضاً من أخطاء تحكيمية ضد منتخبنا العراقي، وقطر ذاتها كانت مهددة بالخروج أمام أوزبكستان بركلات الترجيح، لذلك فإن الموضوع مثير للشك أكثر.
ما المشكلة؟
أنا مع فكرة أن المشكلة هي مشكلة التحكيم في المقام الأول، مشكلة في الاتحاد الآسيوي ذاته، بأنه حين كلف الحكم الإيراني علي رضا فغاني كان الموضوع غير منطقي أبداً ، هل يجب أن نتذكر أن هذا الحكم ظلم العراق أكثر من مرة؟ فلماذا تقرر وضعه كحكم في مثل هذه المباراة المصيرية للعراق؟ وفعلاً قرر اللتحاد الآسيوي استبعاده؟ لكن بعد ماذا؟ من سيعوضنا؟ نحن من كان يجب أن يلعب النهائي ببساطة.
متهم بالرشوة
من جانب آخر، لماذا جرى تعيين الحكم الصيني ما نينغ لمباراة بمثل هذه القيمة، وهي مباراة نهائي كأس أمم آسيا، وهو حكم من الأساس كان يلاحقه جدل لكونه متهماً بالرشوة سابقاً، هل تتذكرون ماذا فعل لنادي النصر خلال مباراة بيرسبوليس الإيراني، في دوري أبطال آسيا موسم 2015-2016 ضمن منافسات دور المجموعات، المباراة التي رفع فيها نادي النصر رسمياً شكوى للاتحاد الآسيوي، وجرى إيقافه أربعة أشهر؟!
هل تتذكرون حين أدار مباراة الأهلي السعودي أمام بيرسبوليس أيضاً، واحتسب ركلتي جزاء ضد الأهلي وطرد معتز هوساوي مدافع الأهلي، ليزيد من نقمة الجماهير السعودية عليه؟
الهلال كذلك لم يسلم من قراراته، ففي دوري أبطال آسيا أيضاً 2018-2019 ضد العين الإماراتي احتسب 3 ركلات جزاء لنادي العين خلال 30 دقيقة فقط! نجح العين في تسجيل اثنتين منها، وأهدر عمر عبد الرحمن عموري الركلة الثالثة.
هل من المنطقي وضعه حكماً للنهائي؟
ماهي المباريات المميزة له؟ حتى في كأس العالم الأخيرة لم يكن سوى مجرد حكم رابع، فكيف تعطي حكماً رابعاً مهمة تحكيم مباراة بهذه الأهمية؟
لماذا يثار الجدل دائماً حول التحكيم في آسيا ؟ لماذا نجد أن التحكيم في أوربا وإفريقيا أصبح أفضل بمراحل؟ حتى جوزيه مورينيو صرح عن الفار قبل أيام وقال: “لقد شاهدت كأس الأمم الأفريقية أكثر من متابعة مباريات كرة القدم الأوربية، إنهم يعلموننا فقط أن نكون صادقين في استخدام الفيديو طوال البطولة، إنه يستخدم بالضبط بالطريقة التي ينبغي أن يستخدم بها، إنهم لا يستخدمونه لمساعدة الفرق التي تمتلك الأموال، أو التي لها جماهير كبيرة، لهذا السبب رأيت الأفضل في كل فريق، لأنهم يعلمون أنه لا يجري توظيف الفار خلف الكواليس، حتى أنهم يستمعون إلى لاعبيهم إذا ما أخطأ الحكم في شيء ما ويذهبون للتحقق. في أوروبا، كمدرب أو لاعب، إذا طلبت من الحكم الذهاب والتحقق من شيء ما، فهذه بطاقة حمراء.”
وحتى المدرب أفشين قطبي، الذي كانت لديه تجارب في كل بقاع العالم، قال إن هناك فارقاً كبيراً بين التحكيم في آسيا وبقيية القارات!
إذن، فإن المشكلة أكبر بكثير من موضوع مباراة، إذ إن هناك مشكلة في التحكيم في آسيا، مشكلة غير منطقية وجدلية منذ سنوات عديدة، لكن لا يجري حلها.