إهمال الفئات العمرية.. أي مستقبل ينتظر الكرة العراقية؟

أميرة الزبيدي /

تتجه غالبية اللاعبين الكرويين، عند اعتزالهم اللعب، صوب التدريب من أجل تكملة مسيرتهم الرياضية، لكن القليل منهم يحصل على فرصته في تدريب الفئات العمرية في هذا النادي أو ذاك، غير أن هؤلاء المدربين يعانون الأمرين بسبب التهميش وقلة الدعم المالي المقدم لهم من الأندية التي يعملون فيها، بل إن بعض المدربين ينفق من جيبه على الفريق من أجل الظهور بالمستوى اللائق في المباريات.
الحديث عن فرق الفئات العمرية الكروية محزن للغاية، إذ لا دعم ولا اهتمام بصانعي البذرة الأولى لأية لعبة. مجلة “الشبكة العراقية” التقت العديد من المدربين الشباب الذين تحدثوا (بحزن عميق) عن واقعهم ومعاناتهم:
مصاعب كبيرة
يقول مدرب فريق شباب نادي المشاهدة، حسين الجبوري: “الحقيقة أن هناك إهمالاً واضحاً لمدربي الفئات العمرية، التي هي أساس كل رياضة، ومنها كرة القدم، فلولا الفئات العمرية لما كان هناك لاعبون جيدون. بالنسبة لي عملت مع العديد من الأندية، وحالياً أعمل مع شباب نادي المشاهدة الرياضي، نحن، مدربي تلك الشريحة المهة من الفئات، نواجه مصاعب كثيرة جداً في العمل بسبب قلة الدعم المقدم من وزارة الشباب والرياضة والهيئات الإدارية للأندية.”
أضاف الجبوري أن “جميع مدربي الفئات العمرية يعانون من تلك المشكلة، باختصار فإن المدرب هو الذي يصرف على النادي، إذ أن هنالك تجاهلاً كبيراً للمدربين الشباب، وهذا أمر مؤسف، ولاسيما أن غالبية المدربين الشباب يمتلكون شهادات تدريبية آسيوية، والبعض يمتلك شهادات تدريبية من الاتحادات العربية والأوروبية عن طريق الـ (أون لاين) أو من معايشات تدريبية، كما أنهم يمتلكون فكراً تدريبياً حديثاً في كرة القدم.”
وأشار إلى أن المشكلة الأخرى التي يعاني منها المدربون الشباب هي “ترحيل بعض من الفئات العمرية في الفترة السابقة، وهم بالأصل لم يشتركوا في أية منافسة حقيقية، بل فقط في بطولات تنشيطية، إذ أننا، قبل موسم، أعددنا الفريق الشبابي بشكل مميز، ووضعنا المنهاج وصرفنا على الفريق أموالاً ومستلزمات وشاركنا في الدوري، لكن بعد ذلك جرى إلغاؤه، وذهب جهدنا وتعبنا أدراج الرياح، للأسف أساس كرة القدم في العراق باتجاه الهاوية نتيجة التخطيط غير المبرمج، وهذا يؤثر سلباً على الأندية والمنتخبات الوطنية، بدون شك.”
نمتلك المواهب.. ولكن!!
فيما يؤكد مدرب الفئات العمرية في نادي الطلبة أحمد جمعة أن “الجميع يعلمون أن سبب التدهور والتراجع الخطير لكرتنا هو بسبب إهمال فرق الفئات العمرية من قبل غالبية المسؤولين وإدارات الأندية، التي تعد الفئات العمرية تحصيلاً حاصلاً، بينما ينصب الدعم والاهتمام والتركيز على الخط الأول فقط، دون النظر إلى المواهب الكثيرة في فرق الفئات العمرية.”
وتساءل جمعة: “لا أدري إلى متى يستمر هذا الحال المؤلم! ولاسيما أن غالبية مدربي الفئات العمرية يعملون بالممكن ويتحملون ثقل الأعباء الكبيرة التي تقع على عاتقهم حباً بمهنتهم وأنديتهم ولاعبيهم.”
وأضاف: “البلدان المتقدمة كروياً تعمل على وضع خطط ستراتيجية من أجل تكوين منتخبات قوية يشار لها بالبنان، إذ تكون البداية مع فرق الفئات العمرية واختيار المواهب الكروية من قبل الكشافين، مع دعمهم مالياً، وإدخالهم في معسكرات تدريبية تحت إشراف مدربين متخصصين في هذا المجال، فقد شاهدنا كيف تقدمت الكثير من الدول في مجال كرة القدم، إلا نحن، مع أننا نمتلك المواهب، لكن لا يوجد من يدعم هذه الفئات. المدربون هم من يتحملون جانب الصرف، إذ في بعض الأحيان لايمتلك اللاعب أجرة (الكيا) فنقوم بإعطائه الأجرة، وهذه حالة مؤلمة للغاية، فكيف نريد أن نبني منتخبات؟!”
جيوب فارغة!
وأعرب مدرب الفئات العمرية في نادي الحسين، صبيح رحم، عن حزنه للحال المؤلم الذي تعيشه المواهب العراقية التي ركنت جانباً، إذ لم تدعم مالياً من أية جهة تذكر، وقال “إنه لأمر محزن عندما تشاهد اللاعب الموهوب وهو يأتي إلى التمرين مشياً على الأقدام (بجيوب فارغة)! لأن غالبية الأندية لا تصرف ولو (درهماً واحداً) للاعبين، وتكتفي الإدارات بصرف عقود اللاعبين الذين يلعبون في الخط الأول فقط! بل إن معظم الأندية تعتمد بالدرجة الأولى على اللاعب الجاهز والتعاقد معه (بسعر خيالي)! فلو كانت هذه المبالغ التي تصرف على اللاعبين الذين يتم التعاقد معهم قد صرفت على فرق الفئات العمرية في الأندية لكان الأمر مختلفاً تماماً من حيث صعود أبناء النادي إلى الخطوط الأولى، وهذا التصرف مطبق في قاموس كرتنا، لذلك انحدرت المستويات، وأصبح دورينا الكروي من أضعف الدوريات في المنطقة، كما أن منتخباتنا الوطنية أصبحت في حال يرثى له، والدليل هذا الانحدار الكبير للكرة العراقية.”