أحمد رحيم نعمة/
رسالة واضحة وضوح الشمس أرسلت من ملعب البصرة الدولي الى العالم، عنوانها إن العراق قادر على تضييف المناسبات الرياضية الكبرى، وليس مجرد تنظيم مباراة دولية فحسب، كما حصل في مباراة الأسود والنشامى التي أقيمت في أجواء رائعة ونجاح تنظيمي على مختلف الصّعد وفي كل الاتجاهات، حيث صفق الجميع لهذا النجاح الذي لم يتوقعه البعض، لتكون رسالة مدوية الى (الفيفا) الدولي من أجل الرفع الكلي للحظر الذي فرض على رياضتنا منذ أكثر من ربع قرن.
لوحة العشق
إذن، وفي سابقة تدعو الى الإعجاب والتفاؤل، جسد الجمهور الرياضي العراقي لوحة العشق الأخضر للوطن في كرنفال كروي كان الحب فيه هو سيد العناوين، كرنفال رسخت دقائقه جذوراً من العشق في شغاف قلب كل عراقي نبيل عاشق لهذه الأرض المعطاء وهذا الوطن المبارك. وبرغم أن بعضهم يرى في تلك الليلة البصرية التاريخية حدثاً كروياً مجرداً ومباراة ودية بين أسود الرافدين ونشامى الأردن، أو أنها إحتفالية رمزية في تدشين رفع الحظر الجزئي عن ملاعبنا، إلا أن واقع الحال وحقيقة الأمر يحكيان ما هو أعمق وأكبر من الطابع الكرنفالي والثيمة الرمزية التي أكتسى بها هذا الحدث الجميل، لأنه باختصار شديد يحكي قصة كفاح وطن ومعاناة شعب هما برغم كل المحن والخطوب والشدائد يعشقان كرة القدم كجزء من منظومة حب راسخة ومتجددة للحياة ولكل شيء جميل، فالجمهور العراقي كان النجم الأول وصاحب البطولة المطلقة في تأكيد الجدارة العراقية وحيازة استحقاق خوض كل المباريات الدولية منها والودية في ملاعب العراق كله وليس في البصرة وأربيل وكربلاء فقط، مع أننا، وبغض النظر عن كل شيء، نطمح لأن تكون عافية ونعمة هذا الحق المشروع بطريقة تدريجية كما أرادها الاتحاد الدولي للعبة…
(60) ألف متفرج شكّلوا بانوراما ناطقة
يقول الصحافي الرياضي جعفر العلوجي رئيس تحرير جريدة رياضة وشباب: برغم الجراح الكبيرة والمعاناة الأكبر والألم الذي لا يطاق وانشغال البلد برمّته بأكبر عملية تصدٍّ لأعتى قوى الظلام في العالم من خلال محاربة داعش وأعوانه، ها هو العراقي يؤكد أنّه يحارب بيد ويصنع الفرح والأمل باليد الأخرى.. هذه هي الرسالة التي بعثها أبناء العراق لمن أرادوا وأضمروا السوء لبلدٍ راح يتعافى من جراحه التي أخذت تندمل ليعود المارد إلى مكانه الطبيعي.. لوحة جميلة ومعبّرة جمعت كل ألوان الطيف العراقي في مباراة رفع الحظر الأولى التي احتضنها ملعب جذع النخلة بين الأسود والنشامى، لقد نجحنا في الاختبار الأول وثبّتنا الحجر الأساس ليكون خير منطلقٍ للقادم من المباريات والتجمعات، بدون شك كانت أجواء جميلة عشناها وعاشها من تابع لقاء الأشقاء في جذع النخلة وبصرتنا الفيحاء التي جنّدت كل طاقاتها لكي ينجح العراق،عندما زحف ما يقرب من (60) ألف متفرج ليشكلوا بانوراما ناطقة تحكي روعة شعب وعشقه لكرة القدم..
تنظيم رائع
فيما قال مدرب المنتخب الوطني السابق د. كاظم الربيعي: عودة اللعب على الملاعب العراقية أمر أكثر من رائع ونحن نشاهد احتفالات الجماهير وهي ترفع العلمين العراقي والأردني، فضلاً عن التنظيم الرائع على المدرجات وداخل الملعب وحول مقترباته ما جعلنا نشعر بالفخر، لقد أفرحنا النجاح التنظيمي الذي سيوصلنا الى رفع الحظر الكلي عن ملاعبنا ويعد مطلباً جماهيرياً، لذلك أتمنى الاستفادة من النتائج الايجابية من الناحية التنظيمية وكذلك المنفعة الاقتصادية من وارد المباراة ومصاريف الفريق للذهاب خارج العراق للعب المباريات الرسمية القوية، اضافة الى اكتساب خبرة إضافية لإدارة المباريات وإزالة الأخطاء، وتطوير الجانب اللوجستي، خصوصاً توفير وسيلة النقل الى الملعب، ووضع محطة قطار او ترام لنقل الجماهير من والى الملعب.
حضور متميز
بينما دعا مدرب منتخبنا الوطني لفئة الناشئين بكرة القدم، قحطان جثير، إلى استغلال ثورة تشييد الملاعب الحديثة وتعزيز التواصل بين جميع الجهات الرياضية والحكومية من أجل تأكيد مقدرة العراق على تضييف البطولات والمباريات الدولية سواء على صعيد المنتخبات الوطنية او الأندية، وقال جثير أن رسالة العراق البيضاء وصلت إلى جميع أنحاء العالم عبر بوابة لقاء أسود الرافدين أمام الأشقاء في المنتخب الأردني، حقيقة هنالك نجاح كبير يحسب للجميع، فالتفوق الذي شهدته المدينة الرياضية والمتابعة الجماهيرية الكبيرة والحضور المتميز للمتابعين والنقاد والإعلام يؤكدان جدارة العراق في التواصل مع التألق والوصول الى تحقيق الهدف المنشود وهو الكسر الكلي للحظر المفروض على الملاعب العراقية.
درجة عالية من المثالية
أما المدرب علي صابر فقال: إذا أردنا التكلم من الناحية التنظيمية فجميع الأمور كانت على درجة عالية من المثالية، ومن كل الجوانب باستثناء حقوق النقل التلفزيوني الذي كنت أتمنى أن يعطى للقنوات العربية والإقليمية لكي يتسنى لأكبر عدد من بلدان العالم مشاهدة هذا البلد الصامد صاحب التأريخ المشرف في كرة القدم عربياً وآسيوياً، ومدى حب الشعب العراقي وولعه، وماذا تعني له كرة القدم، وإيصال رسالتنا، والدليل الحضور الكبير الذي شهدناه أثناء المباراة، وهذا وحده رسالة للعالم بأحقية العراق باللعب على أرضه وبين جماهيره، المباراة كانت جميلة بجمهورها الذي قدم لوحات رائعة معبرة تؤكد مدى عشقه للكرة، فبالنسبة لموقف الأردن فهو موقف مشرّف للكرة الأردنية تجاه الكرة العراقية، والتاريخ سوف يخلّد هذا الموقف الأخوي الذي يعزز الترابط الاخوي بين البلدين الشقيقين الجارين.