أميرة محسن /
أصبح تشجيع ناديي برشلونة وريال مدريد ظاهرة عالمية، لكنها في العراق اتخذت منحىً آخر. فبرغم أنها لا تخلو أحياناً من جوانب ظريفة بين المشجعين، إلا أنها كثيراً ما تدفع بهم إلى المشاجرة والصراع حين يجلس الجميع أمام شاشة التلفاز، بمشاعر مضطربة وحماس كبير. بعضهم يشعر بالخوف والآخر تتملكه الفرحة، يقفز نصفهم عند لحظة معينة فرحاً بما حدث، أما الباقون فيخيّم عليهم الحزن،
بعد هذا الترقب الحذر تخرج الجماهير إلى الشوارع للاحتفال والرقص والمشاجرات، وأحيانا تسيل الدماء.
وبالمناسبة، فإن هذا ليس لفوز فريقين محليين كالزوراء والجوية، أو فوز العراق بكأس آسيا أو الخليج، بل هي مباراة بين قطبي الدوري الإسباني برشلونة وريال مدريد.
مجلة “الشبكة العراقية” ارتأت أن تستطلع آراء رياضيين ومهتمين بهذه الظاهرة التي أصبحت لافتة ومثيرة، لمعرفة السبب وراء هذا الهوَس الذي خرج عن المألوف والسيطرة لدى الجمهور العراقي الرياضي بأمر البرشا أو الملكي، كما يسميهما أنصارهما فكانت هذه الآراء:
مدرب الزوراء باسم قاسم تحدث عن هذه الظاهرة قائلاً :
– تشجيع ريال مدريد وبرشلونة ليس ظاهرة رياضية عراقية فقط، بل هي عالمية، لأن ريال مدريد وبرشلونة يمثلان قمة الكرة العالمية، ولهما مشجعون في كل دول العالم. وأضاف: الجمهور العراقي مثقف رياضياً وقد بدأ يفهم جوانب عديدة في كرة القدم، كما تطورت لديه الرغبة بمشاهدة مستوى أعلى للكرة. وبدأ يطالب بمدربين ذوي مستوى عالمي، يطورون الأندية العراقية والمنتخب الوطني لكرة القدم بالإضافة إلى تعلم أساليب جديدة للنهوض بالكرة العراقية.
متعة كبيرة
علي صابر، مدرب منتخبنا الوطني بخماسي الكرة، يقول: إن متابعة الدوريات العالمية خصوصاً الدوريَّين الإسباني والإنكليزي متعة كبيرة نظراً لنوعية اللاعبين والملاعب المتطورة والأداء العالي لجميع الفرق المتبارية، حيث يمتعنا فريق نادي برشلونة بأدائه الراقي المميز وسيطرته على الأندية العالمية، بل أنه أصبح النادي الأكثر شهرة في العالم لما يضم من مجموعة كبيرة من نجوم الكرة في العالم.
لا ناقة ولا جمل!
الفنان كاظم القريشي، والمعروف عنه أنه من أنصار الملكي الريال، قال: أعتبر التعصب في أي مجال هو نوع من أنواع التخلف، وللأسف وصل التعصب الرياضي عند البعض الى حد غير معقول. وأضاف: إننا نرى اللاعبين والمدربين والإداريين بعد المباراة يسلمون ويقبل ويهنئ بعضهم البعض ونحن الذين لاناقة لنا فيهم ولاجمل نتقاتل كلامياً بيننا، بل وصلت الأمور في بعض الأحيان الى أسوأ من ذلك، فهي ظاهرة عالمية وليست محلية والسبب وجود هذا الكم الكبير من النجوم العالميين، وفي المباراة الأخيرة تقبلت الخسارة بروح رياضية لأنها كرة القدم ولابد من وجود فائز وخاسر، في داخلي تألمت كثيراً لكن لم أؤثر على الآخرين.
مهاترات وقتل
فيما كان للفنان أحمد الركابي رأي خاص عندما قال: بسبب الفراغ الذي يعاني منه أغلب الناس في المجتمع العراقي والعربي نجد التعصب لديهم بالضد من البعض، فالرياضة فن وأخلاق ولكن للأسف تصل المهاترات في بعض الأحيان إلى التجاوز على بعض أو حتى القتل كما حدث في أربيل بعد الكلاسيكو الأخير. أنا ريالي، وهذا شيء معروف عني، ولكني أميل للعب الجميل وأفرح حين أرى البرشا يقدم لعباً جميلاً وممتعاً، ولكن بعد المباراة أنسى ما حصل وأتفرغ لعملي وأفكر بالقادم .
الدكتورقاسم حسين صالح، مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية، يقول:
إن الحالة النفسية الصحية هي الاستمتاع بمشاهدة اللعبة والإعجاب بمهارة وذكاء هذا اللاعب أو ذاك، فإذا ما تعدتها من الإعجاب الى التماهي فإنها تعني شيئاً آخر في الصحة النفسية. إذ يمكن أن يكون التماهي هذا مؤشراً عن شيء ينقص هذا الشخص (قل عنه الشعور بالنقص) بغض النظر عن نوعه ما إذا كان نفسياً، عاطفياً، اجتماعياً، أو عضوياً.
لذلك فإن هوس العراقيين بإطلاق العيارت النارية عند فوز فريق برشلونه ناجم عن أن توالي الخيبات عليهم دفع حاجتهم الى الفرح الى أن يلتقطوا أية مناسبة أو حدث لإشباع ظمئهم، وربطه لاشعورياً بمناسبات فرح سابقة مستقرة في الذاكرة ليستعيدوا فيها الأجواء ذاتها.. حتى لو كانت تلك الحادثة في إسبانيا!.
ويختم الدكتور قاسم بالقول: ليت الأمر كان عند هذا الحد، فلقد حدثت في مباريات سابقة بين الريال وبرشلونة حالات قتل.. وهذه ناجمة سيكولوجياً عن أن الحروب الكارثية التي عشناها منذ 37 سنة أطاحت بقدسية الحياة وجعلت العراقي يستسهل قتل الآخر.
تدنّي مستوى الدوري العراقي
محمد الموسوي، يعمل في حماية الملاعب، يقول: بالتأكيد السبب الرئيس هو تدني مستوى الدوري العراقي والتوجه نحو الدوريات العالمية وخصوصاً الدوري الإسباني . أتألم كثيراً لهذا التعصب لكون الرياضة هي حب وطاعة واحترام ويجب أن يكون لدينا تقبل روح الخسارة وهذا هو دليل انعكاس ما موجود لدينا في العراق من التعصب في التشجيع، في حين نرى كيف يقوم الجمهور ،هناك في إسبانيا، بتحية فريقه عندما يخرج خاسراً المباراة وفي ملعبه، وأتمنى على جماهيرنا أن تكون لديهم نفس الروح. فيما كان للإعلامي مؤمل مجيد رأي آخر عندما قال: المنافسة بين الريال والبرشا تأتي تماماً على مقاس التعصب وازدواجية الشخصية العراقية.
لوحة فنية
من جانب آخر، قالت الطالبة سالي – كلية التربية الرياضية: الدوري العراقي لكرة القدم يختلف عن الدوريات العالمية بكثرة المشاكل التي ترافق المباريات سواء في جانب التحكيم او من ناحية الجماهير وافتعالها للمشاكل أثناء المباريات. بينما لو تابعنا الدوريات العالمية لوجدنا أن هناك فرقاً كبيراً من السماء الى الأرض من حيث الملاعب المنظمة والجميلة فضلاً عن الأداء الرائع للفرق التي تتبارى فيما بينها خاصة ناديي برشلونة والريال، فأنا من متابعي فريق برشلونة حيث أشاهد جميع مبارياته وأرى الفن الكروي بحق وحقيقة.