حسناء التنس الروسية عندما سقطت شاربوفا باختبار المنشطات

 اميرة محسن /

هي ليست مجرد حسناء أبهرت العالم بجمالها، ولا رياضية عابرة ظهرت فجأةً واختفت، بل هي بطلة ارتقت صدارة تصنيف محترفات اللعبة مدة 21 أسبوعًا خلال حوالي 7 سنوات، وحصدت عشرات الألقاب والبطولات في عالم الكرة الصفراء، ما جعلها تتبوأ مكانةً رفيعةً بين لاعبات عصرها.

إنها حسناء التنس الروسية ماريا شارابوفا، أو (ماشا) كما يحلو لمحبيها مناداتها، والتي ألهمت الملايين بقصة نجاحها المبهرة، التي كتبتها على مدى 12 عامًا، لتحصد من الشهرة والمال ما لم تصل إليه رياضية عبر التاريخ.

طفولة مقلقة

في نيسان من العام 1986، وبالقرب من مدينة غوميل السوفيتية، وقعت مأساة مفاعل تشيرنوبل النووي، التي أدت لوفاة وتشويه آلاف السكان من حولها، فيما اضطر مئات الآلاف إلى النزوح هربًا من تأثيراتها طويلة الأمد، وكان من بين الهاربين رجل يُدعى يوري شارابوف، هاجر مع زوجته إيلينا إلى بلدة تدعى نياغان في أقاصي سيبيريا، حيث وضعت زوجته مولودتها الأولى ماريا في 19 نيسان 1987.

لم يطل مكوث العائلة في المدينة السيبيرية، حيث انتقلوا بعد عامين إلى منتجع سوشي الواقع على ساحل البحر الأسود، بحثًا عن حياة أفضل، وهناك أمسكت الطفلة ماريا ذات الأعوام الـ 4 بمضرب التنس للمرة الأولى في حياتها، وذلك في أحد منتزهات المنتجع، حيث كان والدها يلعب التنس مع صديقه ألكسندر كافيلنيكوف، والد نجم التنس الصاعد يفغيني كافلنيكوف.

واظبت الطفلة على الحضور مع والدها إلى الملعب لتعلم التنس، حيث لاحظ الوالد موهبة طفلته الفطرية العجيبة، فقام باصطحابها إلى موسكو لزيارة مدرسة التنس التي تديرها الأسطورة السابقة مارتينا نافراتيلوفا، والتي أكدت صحة نظرة الأب في موهبة ابنته، وأوصته بصقلها عبر أكاديمية (نيك بولتيري) للتنس في فلوريدا.

لم يكن يوري والد ماريا من أصحاب الأموال، لذا لم تكن فكرة السفر إلى الولايات المتحدة بتكاليفها الباهظة تطرق رأسه، ولكن ما رآه من طموح ورغبة في عيني طفلته الشقراء جعلاه يضحي لتحقيق حلمها، فاستدان مبلغ 7000 دولار، وانتقل مع ابنته عام 1994 إلى مدينة برادنتون بولاية فلوريدا الأمريكية، دون أن تتمكن زوجته من مرافقتهما بسبب تعذر حصولها على تأشيرة السفر، وهناك اضطر الأب للعمل في غسل الصحون لإعالة ابنته وتمويل دراستها في الأكاديمية، التي امتدت زهاء 7 سنوات، انتقلت بعدها إلى عالم الاحتراف.

بطولات وبطولات

في نيسان 2001، شاركت ماشا في إحدى بطولات الناشئات، وفي العام التالي استطاعت الوصول إلى نهائي بطولتيّ أستراليا وويمبلدون لفئة الناشئات، ما شجعها على الانخراط ضمن بطولات الكبار اعتبارًا من أواخر عام 2002، حيث شاركت في بطولة إنديانا ويلز وهي ابنة 15 عامًا، قبل أن تبدأ بخوض تحدي البطولات الكبرى، بمشاركتها في بطولتي أستراليا المفتوحة ثم رولان غاروس، حيث بلغت الدور الرابع من البطولة الفرنسية بعد أن هزمت الأسترالية يلينا دوكيتش المصنفة 11 عالميًا.
ولم يطل انتظار الناشئة الصاعدة لتحقيق لقبها الأول، حيث فازت بلقب بطولة طوكيو أواخر عام 2003، وأتبعته بلقب بطولة كيوبيك، لتنهي العام وهي في التصنيف الـ 32 عالميًا، وتدخل عام 2004 بقوة، حيث بلغت ربع نهائي رولان غاروس، قبل أن تنجح بتحقيق إنجازها الإعجازي على عشب ويمبلدون، عندما أزاحت اثنتين من عمالقة اللعبة، هما ليندساي دافنبوت وسيرينا ويليامس، عن طريقها للظفر بلقب أعرق بطولات الغراند سلام الكبرى، ما رفع من تصنيفها إلى المركز الرابع عالميًا، لتضمن المشاركة إلى جانب نخبة نجمات التنس في نهائيات الجولة العالمية، حيث حققت اللقب بفوزها على سيرينا ويليامس مجددًا.
وفي العام التالي تابعت شارابوفا تألقها، حيث أحرزت لقب بطولة الدوحة بقطر، قبل أن تتمكن من بلوغ نصف نهائي ثلاث من البطولات الـ 4 الكبرى، لتنجح في تحقيق حلمها وحلم شعب روسيا، بكونها أول روسية في التاريخ تعتلي صدارة تصنيف محترفات التنس، وذلك في 22 آب 2005.

الفضيحة

افتتحت شارابوفا عام 2016 بشكل معقول، إذ بلغت ربع نهائي بطولة أستراليا المفتوحة، حيث خسرت أمام الأسطورة سيرينا ويليامس، لتغيب بعدها عن ملاعب التنس مدة شهرين، ما حدا بمحبيها للتساؤل عن سبب غيابها، فإذا بها تظهر في مؤتمر صحفي، لتعلن – والحزن يمسح وجهها، عن سقوطها في اختبار للمنشطات عقب مشاركتها في بطولة أستراليا، وبررت ذلك بجهلها قرار الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بحظر عقار (ميلدونيوم) منذ بداية العام الحالي، علمًا بأنها تتعاطاه منذ أكثر من 10 سنوات لدواع صحية حسبما ذكرت!

ونزل الخبر كوقع الصاعقة على محبي النجمة الحسناء وجمهورها، وحتى على زملائها وزميلاتها في عالم الكرة الصفراء، حيث رأى بعضهم أنها قامت بذلك عن جهل ودون تعمد، كنوفاك دجوكوفيتش وإنجلينا كيربر اللذين طالبا الاتحاد العالمي للتنس بمنحها فرصةً أخرى، فيما استبعد البعض الآخر كأندي موراي وجينيفر كابرياتي أن تكون جاهلةً بجريرة ما فعلت!