أحمد الساعدي /
تواجه البرامج الرياضية، التي تقدمها الفضائيات العراقية، انتقادات واسعة من الجمهور الرياضي والمعنيين بالشأن الرياضي، لخروجها السافر عن أخلاقيات العمل الإعلامي ورسالته العظيمة، بسبب اصطفافها مع جهة ضد أخرى وشخصية ضد أخرى، لأسباب مختلفة، لكن الجانب المظلم في انحياز الإعلام هو لجوؤه الى التسقيط والتشهير بطرف لمصلحة آخر.
فقد ذهب بعض مقدمي تلك البرامج الى التهجم الفاضح الذي يشوه دور الإعلام ومكانته ضد من يختلف بالرأي مع توجهات القناة التي يعملون فيها، بل إنهم لجأوا الى استخدام ألفاظ لا تليق بالإعلامي ومكانته الاجتماعية، ومع هذا فثمة برامج ما زالت تؤدي رسالتها الإعلامية بمهنية وإتقان.
مجلة “الشبكة العراقية” سلطت الضوء على البرامج الرياضية عبر استطلاعها آراء عدد من الصحفيين الرياضين.
طبق الأصل
يقول الصحفي الرياضي كاظم الطائي إن “بعض البرامج أصبحت للأسف نسخة طبق الأصل، وتحمل سيفاً مسلطاً على رقاب من تخاصمه، لذا غابت المهنية عنها وابتعدت عن دورها المهني مع كثرتها، إذ كانت برامج رأي فقط، لا تخدم المسار المعتاد، لقد افتقدنا (الرياضة في أسبوع) ودوره في التثقيف الرياضي دون أن نغفل برامج مهنية أدت رسالتها بإتقان، وعرفها المتابع ووجد فيها المصداقية، لكنها تواجه تنوعاً كبيراً للشارع الرياضي، وسطوة مواقع التواصل عليه، وضغط الآراء المختلفة التي تغلب عليها العاطفة والانحياز الى معادلة الغلبة بأعمار المراهقين، وانحسار صوت الخبرة إزاء شيوع الرغبات الآنية، ولاسيما في الوقت الحالي، نتيجة الحرية المنفلتة بالتعبير وغياب معايير الرقابة المهنية التي لابد منها وفق ضوابط العمل الإعلامي الخالي من العقد والتنابز والصراع وإيجاد عدو مفترض لإنجاح المهمة، لذلك نرفع القبعة لبرامج حافظت على تميزها ومهنيتها، ونحتاج الى تبصير أكثر وإعادة نظر ببرامج رياضية غابت عن دورها المعتاد.”
هفوات كبيرة
فيما يرى الصحفي الرياضي جاسم العزاوي أن “القطاع الرياضي يعاني -أسوة ببقية القطاعات المختلفة- وتكمن معاناته في التدخل العشوائي للبعض، الذي يرى نفسه القادر على اتخاذ القرار الصحيح والمنصف، ومحاولاته تلميع صورته، رغم تواضع إمكانياته، معتقداً أن هواجسه هي الكفيلة بوضع الأطر الصحيحة لرياضة معافاة، ويحاول أن يفرضها وكأنها الداء للعلل العديدة التي تعاني منها الرياضة العراقية، ولاسيما من خلال البرامج الرياضية التي، رغم أهميتها، إلا أن بعضها يعاني من هفوات كبيرة، لاسيما في كيفية التعامل مع المشاكل والأحداث الرياضية المختلفة، مع أن هناك من يتعامل بمهنية عالية مع الأحداث، في حين تخضع بعض البرامج للمصالح والعلاقات الشخصية وقوة العلاقة مع الأشخاص المعنيين، كما أن البعض الآخر يخضع لتوجهات المؤسسة التي يعمل فيها.”
أفكار سلبية
من جانبه، يؤكد الصحفي الرياضي إكرام زين العابدين أن “الإعلام الرياضي شهد بعد 2003 انفتاحاً كبيراً بانطلاق العديد من الفضائيات، بعضها مختص بالرياضة،” وأضاف “في المقابل ظهرت من تلك الفضائيات برامج رياضية تدار من قبل شباب، البعض منهم يعمل بشكل مهني ويبحث عن تقديم صورة إيجابية عن الإعلام والرياضة العراقية، بإعطاء معلومات جديدة للمشاهدين ومتابعي الرياضة، حاول مقدموها عدم التركيز على قضية معينة، بل إنهم تابعوا الشأن الرياضي المحلي والعربي والعالمي، ونالوا من خلال ذلك الإعجاب والثناء والتقدير من قبل المشاهدين، فيما انجرف البعض الآخر الى أسلوب الخروج عن النص ومحاولة زرع أفكار سلبية عن الرياضة من خلال تشويه الحقائق وإعطاء معلومة غير صحيحة للجمهور ومحاولة اللعب بعواطف المتابعين.”
وأشار الى أن “هناك من يعمل على استغلال بعض المناسبات الرياضية والتأثير على قرارات الاتحادات الرياضية، ومحاولة إقالة الملاكات التدريبية للمنتخبات الوطنية، وكذلك عملية استدعاء اللاعبين، إذ وظفت بعض البرامج الرياضية للتغطية على ملفات الفساد، وأغلب هذه الاتحادات والأندية خصصت رواتب وأموالاً لبعض المقدمين من أجل عدم التطرق لها في البرامج التي تبث في تلك القنوات، علماً أن هؤلاء المقدمين أثروا ثراءً فاحشاً خلال فترة قصيرة من عملهم في مجال الإعلام المرئي.”
تشهير وتسقيط
ويعتقد الصحفي البصري فؤاد لطيف السوداني أن “العديد من البرامج الرياضية التي تبث عبر القنوات الفضائية لم ترتق بأسلوبها المهني الى تقديم برنامج يعيد الذاكرة الى برنامج (الرياضة في أسبوع) حين كان النقد البناء عنواناً لهذا البرنامج، اما اليوم فقد أصبح مقدمو البرامج مثل بورصة للأوراق المالية من خلال التشهير والتسقيط بعيداً عن الإطار الرياضي المثقف، على النقيض من البلدان المجاورة التي استغلت البرامج الرياضية للتسويق الإعلامي لبلدانها، مرة لنجومها وأخرى للمنشأة، مع التشويق والمتعة من حيث أسلوب الطرح لدى مقدمي البرامج.”
سمعة بلد
يقول الصحفي الرياضي نبيل الزبيدي إن “آراء الشارع، في مختلف وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، متفاوتة بين الجمهور والمتابع الرياضي، ومن هذا الجانب اتجهت بعض القنوات للاهتمام بالواقع الرياضي من خلال تخصيص أوقات محددة لتسليط الضوء على أهم النشاطات التي تقام هنا او هناك، وهي تعد محطة إيجابية، لكن في الوقت نفسه، فإن البعض الآخر يعمل بشكل سلبي، ويحاول الإساءة إلى الرياضة العراقية من خلال بث الأكاذيب والافتراءات لمصالح جهات باتت معروفة للقاصي والداني، وهي تؤثر بشكل كبير على سمعة البلد.”
أحداث ومشاكل
وعدّ نجم كرة الشرطة المدافع كريم نافع “أن غالبية البرامج الرياضية مسيسة وغير مهنية وهي سبب مهم في إحداث مشاكل ومعاناة للكوادر التدريبية التي تقود منتخباتنا الوطنية, فالعديد من مقدمي البرامج يتدخلون في أمور ليست من اختصاصهم وهذا أمر سلبي.”
وبين أن “الأمر الإيجابي، الذي ينبغي على هذه البرامج التركيز عليه، هو تشخيص حالات سلبية فنية وإدارية، وهذا بالتأكيد سوف يحسب لها، وهو شيء مهني بلا أدنى شك، لكن –للأسف- فإن العديد من البرامج تعمل بعيداً عن الحقيقة لمصالح لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم! والعاقل يفتهم!”