بغداد / أحمد رحيم نعمة
بألم كبير ودع الجمهور الرياضي النجم الكبير شرار حيدر لاعب منتخب العراق ونائب رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم ورئيس نادي الكرخ الرياضي، وبرغم عمره القصير إلا أنه كان مليئاً بالأحداث والمواقف على الصعيد الانساني والرجولي والرياضي.
وداعاً أيها الثائر
شرار حيدر، الثائر على الواقع الفاسد، ذلك المتمرد العنيد على الطغيان والظلم، الذي أسهم بشكل فعال في فضح جرائم النظام السابق ضد الرياضيين العراقيين، في وقت كان معظم الرياضيين الذين يقيمون بالخارج يرفضون حتى الإدلاء بتصريح بسيط في صحف المعارضة. بعد عودته إلى العراق 2003 عمل في نادي الكرخ رئيساً للهيئة الإدارية، ونائباً لرئيس الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم، إذ قام شرار حيدر بجهد كبير في نادي الكرخ للارتقاء بفرق النادي وبنيته التحتية، ولاسيما فريق كرة القدم الذي جعل منه منافساً شرساً للفرق الكبيرة، ونجح بالحصول على لقب بطولة كأس العراق بجدارة واستحقاق.
لكن المرض دفع شرار لتقديم استقالته من رئاسة نادي الكرخ، مرض لم يمهله طويلاً ليودع الحياة وسط حزن واستغراب جميع المحبين، وقد تلقت الأسرة الرياضية هذه الفاجعة بحزن كبير.
نبل وأخلاق
يقول الدكتور هادي عبد الله، المستشار في اللجنة الأولمبية العراقية بحق الراحل شرار حيدر: “غادرنا شرار حيدر إلى دار البقاء تاركاً خلفه ذكراً طيباً سائراً يتحدث عن بديع خصاله ونبل أخلاقه، وقد يكون المقام مقام رثاء ولكل مقام مقال، إلا أننا لن ندع الحزن يمسك بزمام القلم ليدون فقط ما تجيش به النفس من لوعة الفراق على أخ حبيب عرفته منذ سنين بعيدة في حينا الصغير الجميل بالوشاش قبل أن تتغير الأحوال وتتقاذفنا أمواج الحياة لترمي بنا خارج هذا الحي الذي تغير هو الآخر. لكن الثابت الذي لم ولن يتغير هو ما استقر في النفوس من ذكريات تلك الأيام، في مقال كتبته بعد استقالة الراحل شرار حيدر من رئاسة نادي الكرخ، الذي صار مقروناً بشخصه لكثرة ما وهبه من حبه وصحته ووقته، في آب العام الماضي تحدثت عن شرار وعائلته الرائعة، حيث الوالد الأستاذ حيدر المعروف علماً بين التلاميذ وأهاليهم في حينا الذي كان جميلاً وسيبقى في النفوس كما كان، وعلاقتي بأخيه لهيب الذي يكبره سناً، لن أعيد وإنما أستعيد بعضاً من الذكريات كي أسوغ لإطلاقي لقب الثائر على شرار حيدر، ففي هذه المقتطفات ما يثبت قربي من شرار، إنسانا قبل الشهرة وبعدها، شرار حيدر ثائر بكل ما تنطوي عليه هذه الصفة من معان كبيرة، ولا بأس من أن نستدعي كل صور الثوار على مدى التاريخ ممن قرأنا او تابعنا قصصهم وبطولاتهم.
التمسك بالحلم
فالثائر لا يشبه غيره، فهو يحلم مثل غيره لكنه لا يفرط بحلمه مهما كانت الظروف، ومهما اشتدت الأزمات، وحلم الثوار على الرغم من عمقه وسعته أيضاً فإن سقفه يظل طفولياً، أي بريئاً ممتداً إلى ما لانهاية، كما أن الثائر يتمسك بحلمه لأنه حلم يتناسل أحلاما جديدة.
كان شرار يخطط على غير ما يشتهون، ويعمل بما لا يحبون، من أجل أن يطرق باب حلمه، وحين يفتح الباب فإنه يتأخر عن الدخول حتى يسبقه كل من كان يحلم من أجلهم. ذاك هو شرار، وبهذا التوصيف جرت كل معاركه التي خاضها لتحقيق أحلامه من أجل رياضة العراق، بل أهل العراق. وكأي ثائر قد يكبو فرسه في تقدير موقف هنا أو سلك طريق مهجور هناك، ألا أن صدق النية ونقاء الطوية وسمو الهدف كلها تشفع للثائر وهو يشق الطريق نحو امتلاك منصات القلوب، وقد امتلكها الثائر شرار حيدر، بل تربع عليها، وسيبقى اسمه منقوشاً بل محفوراً فيها.”
فراق مؤلم
وقال عضو اتحاد الصحافة الرياضية جعفر العلوجي: “يتبجح أصحاب مقولة (الزمن الجميل) علناً بأن عصا سيدهم الديكتاتور ما زالت تفعل فعلها، وأن تلك التزكية والأولوية التي كنا نظن بأنها من الزمن الغابر ما زالت تصول وتجول عبر عشرات المتنفذين في الأوساط الحكومية وفي الوسط الرياضي على وجه التحديد، حيث لم يتأثر أي منهم، بل العكس هو الصحيح، إذ اتسعت مساحة سطوته لما يفوق سابق عصره. وجميعنا نعرف، لكيلا نتشعب الى أمور كثيرة تبعدنا عن صلب الموضوع، أننا ما زلنا نعيش صدمة فقدان أحد أهم القامات الرياضية أيام كان لاعباً ومعارضاً للديكتاتورية السابقة. رحم الله شرار حيدر الإنسان الذي كانت حياته سلسلة من الإيثار ونكران الذات والتفاني في سبيل مصلحة البلد والرياضة فيه، حتى فرضت الظروف نفسها بأن يكون في حالة صدام ومواجهة أخرى مع أزلام النظام المباد، إنه درس عظيم أوصله لنا الكابتن شرار حياً وميتاً عبر ثوريته وتمسكه بثوابته الوطنية والإصلاحات التي كانت هدفه والانتصار للرياضيين وإيصال صوتهم.”
تعرض لظلم أبناء جلدته
ويقول الصحفي الرائد جواد الخرساني: “بعد سنوات من الكفاح لشرار حيدر في بلاد الغربة وفي زمن أخرست فيه الأفواه عن قول كلمة لا للطغيان، عاد منتصراً مكللاً بالزهو والغار، يمني النفس بأن يحظى بأقل من استحقاقه في بلده الذي ضحى من أجله بأمن واطمئنان عائلته، وعرض حياته للخطر ليجد الإهمال والتهميش بانتظاره فعاد ليصبر ويكافح ويعمل بجد لينال رئاسة نادي الكرخ عن جدارة واستحقاق، الكرخ الذي أفنى أجمل أيام حياته من أجل إعلاء شأنه فصنع منه نموذجاً يحتذى به على مستوى البنى التحتية والنتائج، وبعد أن اطمأن على ناديه الذي يعشقه حد الثمالة، أعلن تركه رئاسة النادي في سابقة ستظل نقطة مضيئة في عالم الرياضة العراقية المضطرب.”
وداع المحب
فيما قال الصحفي مصطفى شناوة: “وداعأ أبا تراب، لن أنسى عندما استقبلت جثمان الشهيد منذر علي شناوة النجم السلوي بعد أن شيع من وزراه الشباب في الزوراء إلى نادي الكرخ الرياضي حين كان مدرباً لسلة الكرخ، وقد ذرفت دموعك بكل صدق وأسميت القاعة الرياضية باسم الشهيد منذر، وبعدها أقمت أربعينيته في نفس القاعة، ولم تقصر بأي شيء، وكلماتي بعد رحيلك لن تفي بكل ما أكتب بحقك.. نم قرير العين أبا تراب.”