مجلة الشبكة /
المنتخبات العربية التي شاركت في نهائيات كاس العالم في روسيا 2018، ودعت المونديال مُبكراً، إنها (نكسة) غير مُتوقعة، هذا هو واقع الكرة العربية، مع تباين بسيط باتجاه إعطاء أفضلية حاضرة لمنتخبات عرب أفريقيا، لكن المحصلة النهائية هي أن المنتخبات العربية لم تستطع ان تأتي بمستويات فنية افضل مما اظهرته في رحلة الدور الاول من المسابقة العالمية.
الغريب ان نجد بعض العرب، والذين يضعون التواجد في نهائيات كأس العالم في خانة الإنجاز، لكنهم عندما يخفقون في الدور الأول (يُفرطون) في الحزن وكأنهم لم يضعوا في حساباتهم التعثر، مع ان واقع المنتخبات العربية لم يصل، كمنظومة كروية متكاملة، الى مرحلة اكتساب الثقافة الاحترافية سواء على صعيد الادارة او على صعيد التخطيط.
الوقت القاتل
أغلب المنتخبات العربية أخفقت في الوقت القاتل للمباريات، وهي علامة تؤشر بلا شك ضعفاً في احترافية هذه المنتخبات التي ما زالت لا تدرك ان المباراة لا تنتهي إلا بصفارة الحكم، والأوربيون يجيدون اللعب، ومعهم بعض المنتخبات غير العربية، كإيران مثلاً، في الزمن الأخير من المباراة، بل يسجلون فيه بمواقف دراماتيكية مثيرة! كما حصل لمنتخبات اورغواي والمانيا والبرتغال والبرازيل وكرواتيا عندما حسموا مبارياتهم في الأوقات القاتلة.
كرة القدم ليست للعرب
صاحب الهدف الوحيد لأسود الرافدين في مونديال العالم (1986) الدولي احمد راضي يقول: انها خيبة أمل كبيرة لنتائج المنتخبات العربية في مونديال روسيا، والوداع المبكرللبطولة، فقد ودعت منتخباتنا العربية المونديال بيسر، أولهم المنتخب التونسي تبعه المنتخب المصري فالسعودية والمغرب. واضاف: إن ما حدث للعرب في مونديال روسيا أمر مؤسف، الأمنيات كانت إيجابية قبل المونديال، ولكن التوقعات تحولت الى سراب في اول جولتين في المجموعات بعد وداع جميع المنتخبات العربية ، فأسباب خيبة العرب في المونديال هي أن مشكلة أغلب اللاعبين العرب انهم يعيشون كأس العالم والمستوى الفني كل أربع سنوات، فيما الأندية العالمية تعيش المستوى الفني كل اسبوع في دورياتهم، وهذا الفرق بيننا وبينهم، كرة القدم بكل تفاصيلها لهم وليس لنا! فأغلب مهاجمي العرب افتقدوا الثقة في مباريات المونديال، لم نر اي مهاجم برز ضمن المنتخبات العربية الأربعة، والتنظيم الهجومي لا يعتمد على الهداف فقط، بل يعتمد على المنظومة الهجومية المتكاملة، وللأسف لم نر اي منتخب يمتلك هذه المنظومة.
دروس المونديال
فيما قال المدرب محمد رشيد: حقيقة أن المستوى التنظيمي المميز الذي ظهرت عليه جميع مباريات البطولة أضاف متعة كبيرة للمشاهد ومكنه من المتابعة الدائمة للفرق المشاركة، حيث ظهر معظمها بمستويات فنية عالية قللت الفوارق بين الفرق من خلال الانضباط التكتيكي العالي الذي تميزت به كفرق كرواتيا وآيسلندا وسويسرا والمكسيك التي كانت نداً قويا لأخرى مرشحة للظفر بالكأس الذهبية كالأرجنتين والبرازيل وألمانيا، بل وتفوقت عليها، ما اجبر الكثير من النقاد والمتابعين على إعادة حساباتهم من جديد في ضوء ماتمخضت عنه نتائج تلك المباريات، واضاف ان هناك الكثير من المفاجآت حصلت لاسيما في الادوار الاولى لم تكن بالحسبان أبدا، وهذا يدل على المستويات المتطورة التي وصلت الفرق إليها نتيجة التخطيط السليم والذي لم يكن وليد اليوم أبدا، بل يمتد لسنوات طوال تخللها عمل شاق وكبير من قبل اتحاداتها الكروية التي جنت ثمار مازرعته سابقا، اتمنى ان نستفيد من دروس المونديال وعدم الاكتفاء بمشاهدة متعة المباريات فقط، بل العمل على استنهاض الهمم وترجمتها إلى واقع عملي ملموس لتستطيع كرتنا التأهل للبطولة المقبلة، وهذا لن يتحقق بالأمنيات فقط، بل يتطلب عملاً جاداً ومتواصلاً تتوفر فيه كل مقومات النجاح.
منافسة شرسة .. لكن!!
بينما يقول المدرب علي حسين: إن مباريات البطولة شهدت استعداداً ذهنياً عالياً ولياقة بدنية قللا الفوارق الفنية والتكتيكية بين الفرق المشاركة، وهذا هو احد أسرار نجاحها لأن كرة القدم لاتعترف بالصغير والكبير، لكنها تعطي لمن يعطيها فوق المستطيل الأخضر، ، لقد كان توقع النتائج صعبا لمعظم المباريات نتيجة للمنافسة الشرسة التي ظهرت عليها الفرق المشاركة التي حاولت جميعها الظفر بنقاط الفوز وإسعاد جماهيرها التي حضرت للمتابعة والاستمتاع بفنون الكرة العالمية، اما نتائج المنتخبات العربية فهي طبيعية في ظل التراجع الذي شهدته الكرة العربية في السنوات الأخيرة مع وجود أفضلية نسبية للفريقين المغربي والتونسي اللذين قدما مستويات فنية مشجعة أثبتا فيها علو كعبيهما في هذا المحفل العالمي، ولم يكونا يستحقان الخسارة في بداية مشوارهما فيه، وكان بإمكان الفريق المغربي ان يحقق نتيجة أفضل لولا فقدان التركيز في اللحظات الأخيرة من مباراتيه أمام إيران والبرتغال.
سقوط نظرية الهيمنة
وتحدث الحكم الدولي حسين الدراجي قائلا: إنها متعة كبيرة ان تشاهد جميع الفرق تلعب بمستويات فنية متقاربة، حيث لايوجد فريق ضعيف وآخر قوي، بل الكل يقدم مستويات رائعة بما فيها الفرق الآسيوية والأفريقية التي قدمت مستويات مفرحة كانت مقاربة لحد كبير لمستويات بعض فرق أوروبا وأميركا، وهذا ما أعطى انطباعا واضحا بأن الفوارق الفنية في هذا المونديال قد تلاشت وسقط الكثير من الفرق التي كانت تعد نفسها كبيرة والجميع يخشى مواجهتها، وهذا يؤكد سقوط نظرية الهيمنة التي اعتاد البعض التعكز عليها، بعد ان شاهد الجميع ترنح أبطال المونديال في البطولات السابقة على يد فرق لم تعتد الفوز عليها، ولم يخطر على بالها أبدا.