أحمد رحيم نعمة/
منذ الفوز بكاس آسيا عام 2007 والكرة العراقية تعاني من فقدان هويتها، بسبب تعدد المدربين الذين توالوا على قيادة المنتخب واختلاف أساليبهم ومدارسهم الكروية. لم ينجح العديد من المدربين الأجانب في انتشال الكرة من واقعها المتردي، لذا ظلت الانتكاسات المستمرة ترافق المنتحب في جميع البطولات، بل إن المدرب الأجنبي فاقم واقع الكرة وتراجعها بعد أن كانت تتسيد البطولات العربية والآسيوية.
لقد كان المدربون الأجانب الذين يتعاقد معهم الاتحاد سابقاً يخضعون الى شروط عديدة، أولها البحث عن المواهب الكروية في داخل العراق، أي بمتابعة الدوري العام، وبالتالي استدعاء اللاعبين لغرض الدخول في معسكر تدريبي خارجي، أو داخلي، يقيمه الاتحاد في بغداد وبإشراف المدرب الأجنبي.
وقد تعاقب على تدريب المنتخب العراقي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي العديد من المدربين الأجانب الذين اكتشفوا المواهب الكروية من داخل الملاعب العراقية، لكن بعد إنجاز آسيا تغير الحال، بحيث أصبح المدرب الأجنبي هو من يضع شروطه في التعاقد، وليس الاتحاد، وأولها التدريب من خارج الحدود، بالرغم من استقرار الوضع الأمني في العراق. والشيء اللافت للنظر هو أن اتحاد الكرة العراقي يصر على استقدام المدرب الأجنبي رغم معرفته بأن النتيجة ستؤدي الى الاخفاق، فكيف يقود المدرب منتخباً من خارج الحدود؟
عن هذا الموضوع، استطلعنا آراء بعض المهتمين بشؤون كرتنا:
شروط تعجيزية
يقول النجم الدولي السابق حسن فرحان: “بدون لف أو دوران، فإن وجود المدرب الأجنبي في العاصمة بغداد ليس هو المعضلة، الحقيقة أن معظم المدربين الأجانب لا يرغوبون بالعمل مع الاتحاد العراقي السابق، وحتى الحالي، بسبب عدم وجود خطة عمل واضحة، وغياب المصداقية، لذلك نجد أن المدرب الأجنبي يضع شروطاً تعجيزية، منها عدم الحضور الى بغداد لتدريب المنتخب. في السابق كان المدرب الأجنبي يصنع اللاعب من خلال اختياراته الصحيحة للاعبين من داخل الملاعب العراقية، والأسماء الأجنبية التي اشتهرت وعملت بكل جد وإخلاص في العراق كثيرة، منهم المدرب الرائع داني ماكلنن، والمدرب آبا، اللذين اكتشفا لاعبين من طراز خاص، بل استطاعت الكرة العراقية وقتها أن تتربع على عرش البطولات العربية والآسيوية، نتيجة التخطيط ووجود المدربين الأجانب الناجحين، واطلاعهم عن كثب على قدرات اللاعبين. لكن في السنوات القليلة الماضية أخفق المدرب الأجنبي في مشواره مع المنتخب لأسباب كثيرة، لا تعود لضعف قدراته، إنما هي أسباب إدارية ومالية.”
ماضينا أفضل..
أما الدولي السابق حسين لعيبي فقال: “أي مدرب في العالم، إذا لم يتابع الدوري المحلي فإنه بدون شك يفشل في مهمته، وقد شاهدنا إخفاق أكثر المدربين الأجانب الذين جرى التعاقد معهم من قبل اتحاد الكرة لتدريب المنتخب الوطني، إذ أنهم لم يقدموا شيئاً يذكر، وانما زادوا في انتكاسات كرتنا، بحيث أصبح منتخبنا طريق عبور سهلاً أمام المنتخبات التي كانت تحسب لنا ألف حساب، فالمدرب الذي يجري التعاقد معه لابد من وجوده في البلد الذي يدرب منتخبه، من اجل متابعة الدوري ومشاهدة اللاعبين وإمكانياتهم الكروية لغرض استدعائهم الى صفوف الفريق، لقد كان الاتحاد السابق هو من يضع أسماء اللاعبين ويعطيها للمدرب من أجل التدريب، وحتى إن حضر المدرب الى بغداد لتدريب الفريق فلن يتغير شيء، لأن الأسماء التي تستدعى للتدريب لم يشاهدها المدرب أثناء المباريات، هذه الأمور كانت ومازالت تؤثر سلباً على نتائج المنتخب العراقي في البطولات الخارجية.”
ودعا لعيبي الى التعاقد مع مدرب أجنبي “شريطة أن يتضمن العقد حضوره الى بغداد لتدريب الفريق، وليس كما يجري الآن حين يقود المنتخب من خارج الحدود، لا نريد أن نعيد ماحصل مع المدربين الذين تعاقبوا على قيادة المنتخب العراقي وأوصلوه الى طريق مسدود، أتمنى أن تعود كرتنا الى سابق عهدها من خلال الانتصارات التي لطالما سطرت في سوح الملاعب الخارجية، الحقيقة نحن البلد الوحيد الذي ماضيه الرياضي أفضل بكثير من حاضره، بسبب القيادات غير الكفوءة التي تعاقبت على قيادته.”
التخطيط غير الصحيح
الى ذلك، يعتقد الصحفي الرياضي مهدي العكيلي أن “المشكلة ليست في المدرب فحسب، وإنما الخلل مركّب، فهناك دوري سيئ، فضلاً عن ترهل إمكانيات لاعبينا، إذ لايوجد في دورينا لاعب سوبر كما في السابق. بملخص العبارة فإن المدرب الأجنبي حتى وإن حضر لتدريب المنتخب العراقي فلا أعتقد أنه سينجح لأن الدوري الكروي العراقي يفتقد نوعية اللاعبين الجيدين، فإذا كان الدوري ضعيفاً فكيف يشكل المدرب الأجنبي الفريق؟
ويوضح العكيلي: أنا على يقين إنه لو تعاقد اتحاد الكرة مع المدرب مورينهو فلن يستطيع تحقيق نتيجة جيدة للمنتخب، لأن إمكانية اللاعب العراقي محدودة، لذا شاهدنا الدوري الكروي العراقي باهتاً ولم نلحظ تطوراً في مستوى الأندية.”
وتابع : “في السابق كان لدينا منتخبان لكل فئة، على سبيل المثال المنتخبان الوطنيان ألف وباء وللأولمبي أيضاً فريقان وكذلك الشباب والناشئين، أي أن المواهب كانت متوفرة وتتنافس بقوة فيما بينها، وهذا ما نفتقده الآن.”
اختيارات خاطئة..
فيما كان للصحفي الرياضي محمد جمعة رأي قال فيه: “بالنسبة للمدرب الأجنبي، فسواء إن حضر الى بغداد او لم يحضر، فأن الحال المزري للكرة العراقية سيبقى على ما هو عليه من حيث الانتكاسات المستمرة، بسبب الاختيارات الخاطئة للاعبين، إذ باتت المحسوبية والإخوانيات حاضرتين في استدعاء اللاعبين الى المنتتخبات العراقية، فالمدرب الأجنبي يجد أمامه قائمة جاهزة من اللاعبين، يجبر على الاعتماد عليها، وهو لا يعرف إمكانية هذا اللاعب او ذاك، وهذا الأمر ليس بغريب علينا، فلطالما فرضت قوائم اللاعبين على المدربين الأجانب الذين يجري التعاقد معهم، لذلك لم ينجحوا مع المنتخب.”
وأوضح جمعة أن “الاتحاد مصر على استقدام مدرب أجنبي، وهنا لابد من وضع شرط حضور هذا المدرب الى بغداد أولاً. والشيء الآخر أنه إذا حضر فلابد من ترك عملية اختيار اللاعبين له، وليس كما كان يحصل سابقاً حين كان مساعدو المدرب -وهم من مدربينا- هم من يختارون اللاعبين وفق أمزجة وتوصيات وعلاقات، لكي لا نكرر الإخفاقات السابقة، وإذا رفض المدرب الأجنبي شرط الحضور، يجب البحث عن مدرب عراقي معروف يقود المنتخب، والساحة الكروية العراقية
فيها العديد من المدربين العراقيين الجيدين.”