محمود خوام/
قبل سنوات.. هل كان لك أن تتخيل أن كأس العرب للأندية الأبطال سترى فيه كريستيانو رونالدو؟ سافيتش وفوفانا ونيفيز وبروزفيتش؟ تيليس وسانتي مينا وبانيغا؟ بنزيما وكانتي وكوليبالي وميندي؟ ساديو ماني وديلغادو وزيزو وبغداد بو نجاح.
نعم، هذا ماحصل في النسخة الحالية، النسخة الأكثر إثارة في تاريخ البطولة، النسخة التي جعلت من نفسها حديث العالم والإعلام، لماذا؟ بسبب وجود الأندية السعودية بنجومها وقوتها الإعلامية، بسبب وجود نادي الشرطة الذي أثبت نفسه واستطاع تحدي الدعم المالي للأندية السعودية والقطرية، واستطاع التأهل من مجموعة صعبة وخسر بصعوبة في مجموعته ضد الاتحاد وبنزيما، ثم يقدم مباراة كبيرة ضد السد القطري حين فاز برباعية، وليخسر بصعوبة ضد النصر بنصف نهائي البطولة بهدف سجله كريستيانو رونالدو من ركلة جزاء.
كأس الملك سلمان للأندية الأبطال، الفائز فيه سيحصل على ستة ملايين دولار، والوصيف على 2.5 مليون دولار، بينما من يحل في النصف سيحصل على 200 ألف دولار، والفرق التي ستلعب في الربع 150 ألف دولار، بينما الذي يلعب في المجموعات سيحصل على مئة ألف دولار.
في الأدوار التمهيدية شارك القوة الجوية ضد نادي الشباب السعودي، وبعد مباراة كبيرة له بالذهاب مُزينة بملعب جذع النخلة في البصرة، لكنه في الإياب خسر القوة بنتيجة ثقيلة (برباعية) بسبب أخطاء عدة، كمثال إقالة المدرب قحطان جثير في التوقيت غير المناسب، إذ كان يجب الحديث حول مستقبله بعد مباراة الشباب، قرار أثر كثيراً على نتائج الفريق في الفترة التالية.
في دور المجموعات كان هناك كلام كثير، بالمجموعة الأولى استطاع نادي الشرطة تقديم أداء كبير رغم عنف لاعبي الصفاقسي، وافتتح المجموعات بالفوز على حساب الصفاقسي بهدف سجله عبد الزهرة في ملعب الطائف، واستطاع في المباراة الثانية التعادل ضد الترجي في مباراة صعبة أيضاً، لكن الشرطة استطاع إثبات نفسه رغم وضعه في التصنيف الثالث، إذ استطاع ضمان تأهله. ولعب المباراة الثالثة ضد الاتحاد، وبعد تقدم الاتحاد استطاع موموني تعديل النتيجة، لكن بنزيما سجل من ركلة جزاء قبل النهاية بخمس دقائق، المدرب أحمد صلاح الذي قدم دور مجموعات سوبر رفقة مشجعي الشرطة استطاع الحصول على احترام وتحية الجميع واستحق النادي التأهل.
في المجموعة الثانية تأهل السد كمتصدر، وبالمركز الثاني جاء الهلال الذي خسر مباراته ضد السد، وعانى الهلال كثيراً للتأهل، بينما استطاع الشباب والنصر التأهل من المجموعة الثالثة، لكن النصر كان أيضاً قريباً من الخروج لولا هدف رونالدو في الدقائق الأخيرة من المباراة ضد الزمالك، حيث كان الزمالك هو الأقرب للتأهل، وفي المجموعة الأخيرة تأهل الرجاء الرياضي والوحدة الإماراتي بسهولة.
في ربع النهائي استطاع الهلال الفوز بثلاثية على الاتحاد في مباراة جميلة بشوطيها، بينما استطاع النصر حسم مباراته من الشوط الأول ضد الرجاء بتسجيله ثلاثية، بينما عانى الشباب ضد الوحدة الإماراتي، لكن المباراة انتهت بفوز الشباب بركلات الترجيح، حين سجل الشباب كل ركلاته، بعكس الوحدة الذي أضاع ركلة الجزاء التي نفذها فارس جمعة.
لكن المباراة الأهم كانت بين السد والشرطة، مباراة حملت الكثير من الأهمية، لماذا؟ لأن ماجد الخليفي خرج وسخر من الدوري العراقي، وقال إنه ضعيف جداً، واعتبر المباراة سهلة على السد، تصريحات جعلت لاعبي الشرطة يشعرون بالغيرة العراقية، الجمهور العراقي الذي كان صوته مسموعاً في كل أرجاء الملعب وعلى شاشات التلفاز، أحمد صلاح الذي أثبت أن المدربين الشبان في العراق بحاجة إلى فرصة لإثبات أنفسهم، الذي استطاع تغيير الكثير من نظرة المتابعين حول المدربين الشبان، كتفاصيل مباراة دخل السد بقوة وسجل فعلاً من ركلة جزاء، لكن ردة فعل لاعبي الشرطة ظهرت مباشرة فسجل خضير، ودخل رستم في الشوط الثاني واستطاع قلب المباراة تماماً وسجل هدفين، وسجل فرحان هدفاً، الذي يبدو أنه موهبة ستكون لها كلمتها كثيراً في المستقبل، وسيكون هدفاً للاحتراف لما يقدمه من أداء كبير دفاعياً وهجومياً، وفعلاً فإن اللاعب قريب للرحيل نحو الهلال، لاعب لا يتوقف عن الركض أبداً، بينما استطاع فهد اليوسف تقديم مباراة تكتيكية كبيرة، هذه هي جمالية فهد اليوسف، رجل تكتيكي لا يخذلك أبداً. رباعية لا يمكن أن ننساها أبداً، رباعية جعلت خالد جاسم يخرج بعد المباراة وهو ينتقد فريقه السد ويبارك للشرطة، الشرطة قدم مباراة للذكرى.
في نصف النهائي فاز الهلال على الشباب، بينما دخل الشرطة مباراته ضد النصر، ضد واحد من أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، كريستيانو رونالدو، ضد لاعبين بقيمة بروزفيتش وفوفانا، لاعبين بقيمة ماني وتاليسكا! هؤلاء لو واجهوا ريال مدريد ستكون المباراة صعبة على الريال، وفعلاً قدم الشرطة مباراة تاريخية في 75 دقيقة، تاريخية ضد هؤلاء النجوم، ليقرر الحكم عادل النقبي منح ركلة جزاء مجانية للنصر، ركلة جزاء ظالمة ضد الشرطة وفعلاً يسجل رونالدو الهدف.
أدرك أن المشجعين العراقيين حزانى، ومازالت مرارة الهزيمة في القلوب، لكن يجب علينا تحية الشرطة العراقي، علينا تحية نجومهم، علينا تحية أحمد صلاح وجمهور العراق في المدرجات، علينا تحية هذه الروح، ويجب أن تكون هذه البطولة هي أساس بناء مشروع نادي الشرطة، وتكون هذه التجربة مثالاً لباقي الفرق العراقية من أجل تكرار تجربة الشرطة في البطولة، نعم، ركلة الجزاء كانت ظالمة، لكن يجب علينا تجاوزها والتركيز على الإيجابيات التي قدمها الفريق، لأن وصول الفريق إلى النصف هو انجاز للعراق وللشرطة.
النهائي كان بين النصر والهلال، ديربي الرياض في ملعب الملك فهد بالطائف، سجل ديلغادو هدفاً واحتفل على طريقة كريستيانو، وهو ما استفز رونالدو ليتحول تماما ويسجل هدف التعادل قبل النهاية بربع ساعة برغم طرد عبد الإله العمري، وأشار لديلغادو بعد تسجيله الهدف، الذي استفز رونالدو كثيراً، وفعلاً دخل النصر الشوط الإضافي الأول وكأنه هو الكامل، وكأن الهلال هو من يلعب بنقص لاعب، وحاول رونالدو بكرة كانت ستدخل المرمى لولا تدخل علي البليهي الذي أبعد الكرة من على خط المرمى، ثم سجل رونالدو الهدف الثاني ليقود النصر إلى الفوز بالبطولة، وليثبت أنه مازال يمتلك تأثيره القوي، وأنه مازال هدافاً ومازال حاسماً ومازال مزعجاً مهما كان الخصم، رونالدو ذو الـ 38 عاماً يقود فريقه النصر نحو اللقب.
بكل تأكيد هذه البطولة كانت مؤشراً مهماً للغرب بأن الكرة العربية في طريقها إلى التطور، وبأن بطولة العرب بإمكانها أن تحصل على ضجة إعلامية، بطولة لن ننسى فيها نادي الشرطة العراقي الذي قدم تضحية كبيرة ورفع اسم العراق عالياً، لن ننسى فيها رونالدو وتأثيره، لن ننسى فيها قيمة خط الوسط والصراع الذي حصل بين الثنائي بروزفيتش وفوفانا ضد نيفيس وسافيتش، الذي حصل على لقب أفضل لاعب في البطولة، بطولة كانت درساً للبعض بأنه لا يجب أن تستهين بأي فريق.
والمقبل سيكون أجمل ..