علي غني /
صنفت وزارة التربية المدارس إلى صنفين: الأولى يطلق عليها المدارس غير منتظمة الدوام لمشاركة طلبتها في التظاهرات المستمرة لحد الآن، والصنف الآخر هي المدارس المنتظمة التي استمر طلبتها بالدوام .
في الوقت نفسه ينتظر أولياء الأمور في جميع العراق أن ينصف المدرسون طلبتهم بالامتحانات والمادة الدراسية، ولاسيما في المدارس التي لم ينتظم فيها الدوام، وأن هناك إشكالات عديدة ستواجه الطلبة، منها الأسئلة والمعدل، وتعويض المحاضرات. فماذا فعلت الوزارة والمديريات العامة للتربية وأولياء الامور؟ وهل وجدت الحلول حقاً؟!
أولياء الأمور غاضبون
السيدة شيماء محمود، على الرغم من كونها مدرسة رياضيات قديرة، إلا أنها لم تستطع السيطرة على أمور ولدها الطالب في السادس الإعدادي، وبحسب قولها: إن المدرسة التي يدرس بها، اختار بعض طلبتها الالتحاق بالمظاهرات، وتسيّب الدوام فيها، وبدلاً من أن يحفز المدرسون طلبتهم على الدراسة، ركنوا للراحة، وهم يتركون مصير طلبتهم العلمي في مهب الريح، وعذراً لصاحبة الرواية التي لا أتذكر اسمها.
ثم انتفضت: هل وصل الأمر إلى عدد محدود من الطلبة يقفون في باب المدرسة كي يمنعوا الأغلبية من دخول المدرسة ليدرسوا وسط صمت الإدارات!
وتساءلت السيدة محمود: وهل حقاً أن شعار (ماكو وطن، ما كو مدرسة) يطلب من الطلبة ترك الدوام؟
وتواصل الحديث: ومن سيعوض الوقت الذي ضاع بين جدل المدرسين والطلبة، والاكتفاء بامتحانات هزيلة، وأين أجهزة الإشراف التي تركت الطلبة؟ ولاسيما أن الذين اختاروا طريق التظاهرات يفرضون آراءهم على الأغلبية الصامتة التي تخاف منهم، الكل انزووا، واكتفوا بمعالجات لاترتقي للظرف الراهن.
يقول محمد محسن، مهندس متقاعد لديه ثلاثة أبناء : إن أغلب المدرسين في المدارس المنتظمة الدوام يكلفون الطلبة بواجبات أكبر من طاقتهم الذهنية، إلى جانب الامتحانات المتلاحقة، والإسراع بالمنهج، على النقيض من المدارس غير المنتظمة بالدوام، إن أبنائي كرهوا الدوام، لأنهم اعتادوا على طريقة من التعليم جامدة، تجعل من التلميذ متلقياً للمعلومات فقط، على الرغم من أن مدرستهم منتظمة الدوام.
يسترسل محمد في حديثه: أن المدرسين يتحججون بأنهم يقضون أغلب الوقت في ضبط الصف لوجود أعداد كبيرة فيه، وتلك من مآسي المدرسة العراقية في السنوات الأخيرة، فيعيش أبنائي في الصف شاردي الذهن، وحال وصولهم للبيت يبدأون بالقراءة بمساعدتنا، وأنا أقول للوزارة: إن التدريس الحقيقي للمنهج يبدأ في البيت، فكيف بالأبوين غير المتعلمين، المدرسة تصبح جحيماً لايطاق، فيضطران إلى الضغط على أبنائهما بترك المدرسة، والشوارع تدلي بشهادتها يومياً، ومن يكذبني يمكنه الحضورعند (أي ترفك لايت، وفي اي وقت)، والدعوة عامة.
تغيير وضع الطالب
المدرس إحسان قاسم ألقى باللوم على الطلبة، ووصفهم بأنهم اختاروا التمرد على التعليم بحجج واهية، فبعضهم يقول إن المدارس غير جاذبة، لابشكلها، ولابطريقة المدرس وإدارته للدرس، وكل شيء فيها يثير الاشمئزاز، فأنا اقول: أين كانت الأفكار قبل حدوث التظاهرات المطلبية، التي سرعان ماتجاوزت هذا السقف وتحولت إلى إسقاط الحكومة، كما أن شغور منصب الوزير لأشهر طوال كان أحد الأسباب التى أدت إلى غياب القرار الحقيقي للعملية التربوية التي ولدت ضعيفة أصلاً بعد 2003، لأنها انحازت إلى الفئوية، والحزبية، وحتى الطائفية.
تابع قاسم: الكل يريد من المدرس أن يحقق النسب الممتازة في الامتحانات الوزارية، أو حتى الصفوف غير المنتهية، دون أن توفر له الوزارة حتى الكرسي الذي يجلس عليه عندما يتعب، انظر(وهو يقول: الدوالي ملأت ساقيَّ جرّاء الوقوف الطويل في الصف).
إعلان جداول الامتحانات
يقول المدرس جاسم علي: إن أغلب المدارس غير المنتظمة بالدوام لم تكمل المواد الدراسية، أو أنها أخذت على استعجال، فيكون الضحية هو الطالب، لأن المادة، ولاسيما العلمية، تتطلب وقتاً كافياً لفهمها، فلا الوزارة وجهت المدرسين بأن يقلصوا المادة أو الاقتصار على المواضيع المهمة فيها والتي لها علاقة بالمرحلة التي تليها، لذا بقيت الأمور غامضة بالنسبة للمدارس التي لم تنتظم بالدوام .
وأضاف: وللحقيقة أقول إن امتحانات نصف السنة هي امتحانات غير مجدية، وأتذكر أن الوزارة استغنت عنها في بعض السنوات، لكنها يجب أن تجرى للصفوف غير المنتهية التي تتبع نظام الكورسات، الذي أقرته الوزارة دون دراسة معمقة، وتلك كارثة لايشعر بعدم جدواها إلا نحن المدرسين.
يرى المدرس خليل إبراهيم حسن من متوسطة الطف للبنين: أن على المدارس غير المنتظمة بالدوام أن تراعي الطلبة عند وضع الأسئلة، والابتعاد عن الاسئلة المعقدة، والاكتفاء بالواضحة من المنهج المقرر، فضلاً عن إلغاء فصول عدة، ولاسيما الفصول التي ليست لها علاقة بالمرحلة المقبلة، إلى جانب مساعدة الطلبة في الامتحانات اليومية.
زيارات ميدانية
مدير الإشراف الاختصاص في تربية الكرخ الثانية الأستاذ عبود الكعبي أوضح لنا: أنه من خلال الزيارات الميدانية للمشرفين الاختصاص للمدارس تم تحديد المدارس المشمولة بنظام المعالجات بحسب تعليمات وزارة التربية، فهناك مدارس مشمولة بجميع المراحل بعدم انتظام الدوام، وأخرى بجزء من المراحل، على سبيل المثال مدرسة مشمولة بعدم انتظام الدوام، مرحلة السادس أو مرحلة الخامس.
وتابع الكعبي: أنه تم تبليغ مديري المدارس المشمولين بنظام المدارس غير المنتظمة بالدوام عن طريق مشرفي الاختصاص والإداريين استناداً إلى واقع المدرسة، ليتم إخبارهم بالتعليمات الامتحانية التي أقرت من الوزارة. وإذا لم تخبر الإدارة المدرسة التربية بنوع النظام المشمولة به سوف تتعرض إلى المساءلة القانونية.
ونوّه إلى: أن جهاز الإشراف عقد ندوات لأولياء الأمور في المدارس كافة، وإخبرهم بنوع النظام الذي تخضع له المدرسة في امتحانات نصف السنة بالنسبة للصفوف المنتهية، كذلك تعليمات الصفوف غير المنتهية.
واشار إلى: أننا وجهنا المدرسين كافة بمراعاة ظروف الطالب وأن تكون الأسئلة من المنهج المقرر، وتكثيف المحاضرات التي لم يدرسها، ووجهنا كتب شكر لكل المدارس المنتظمة بالدوام من أجل انجاح العملية التعليمية.
أما مدير الإشراف التربوي فاضل خلف عزيز، فأكد لنا أن التعليم الإبتدائي في جميع مناطق الكرخ الثانية كان في غاية الانتظام سواء للمعلمين أم للتلاميذ.
وأضاف: أنه تم تثمين دور الإدارات والملاكات التعليمية والمشرفين التربويين بتوجيه كتب شكر لهم لمتابعتهم انتظام الدوام وحضورهم في المدارس باستمرار.
تعليمات الوزارة
المدير العام لتربية بغداد الكرخ الثانية الدكتور قيس الكلابي قال: نحن منذ بداية التظاهرات قمنا باستضافة ممثلي التنسيقيات، وكذلك الطلبة الذين حاولوا تعليق الدوام في المدارس، فضلاً عن استعانتنا بالقوات الأمنية لمعالجة المندسين، لذلك كانت نسبة الدوام عندنا 90 بالمئة.
وأضاف أن اللافت للنظر هو أن ملاكاتنا التعليمية لم تترك الدوام وكانت لهم بصمة في استمرار الدوام.
واشار: أما فيما يخص المعالجات، فهناك قرارات أصدرتها الوزارة بعد مناقشات مستفيضة في هيئة الرأي، شملت جميع المدارس غير المنتظمة بالدوام في جميع محافظات العراق لكي لاتضيع السنة الدراسية، إذ ستكون درجة امتحان نهاية الكورس الأول للصفوف غير المنتهية من 100 بالمائة، تكون درجة امتحان نصف السنة والفصل الثاني للصفوف المنتهية للدراسة الثانوية معدلاً للسعي السنوي،على أن تتم الاستفادة من حصص مادتي التربية الرياضية والتربية الفنية لإكمال المنهج الدراسي المقرر للمواد الدراسية الأخرى، إلى جانب قيام إدارات المدارس بتنظيم جدول دروس إضافية لإكمال المنهج الدراسي المقرر، بعد ذلك يتولى الإشراف الاختصاصي والتربوي متابعة ذلك.
وبيّن الكلابي: أن على المدرسين أن يلتزموا بأمرين، الأول الحفاظ على رصانة العملية التربوية، والثاني الظروف التي يمر بها الطلبة، كما شكلنا لجاناً من الإشرافين الاختصاصي والتربوي كل حسب رقعته الجغرافية لمتابعة الأمور في المدارس أولاً بأول، إلى جانب جهاز رقابي مرتبط بالمدير العام حصراً لزيارة المدارس على نحو مفاجئ للاطلاع على الواقع الحقيقي للدوام في المدارس.
قلوبنا مع الطلبة
الدكتور هيثم نعمة رحيم العزاوي، مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة التربية، أكد لنا أن وزيرة التربية تتابع التفاصيل الخاصة بالمدارس بدقة عن جميع القنوات في الوزارة، وهي تتخذ القرارت لمصلحة الطلبة، ووضعنا جميع المعالجات الممكنة ليستمر العام الدراسي دون أن تضيع سنة من حياة الطلبة في بلدنا.
أضاف العزاوي، الذي أسند اليه هذا المنصب حديثاً: أن الوزارة وجهت الهيئات التعليمية والتدريسية عن طريق المديرية العامة للإشراف التربوي بمراعاة ظروف الطلبة في المدارس غير المنظمة بالدوام، وكذلك المنتظمة بالدوام، بأن تكون الاسئلة واضحة ومن المنهج المقرر، وتحتوي على ترك عام، فضلاً عن الترك الضمني، والابتعاد عن الأسئلة غير الواضحة، وتوفير كل المستلزمات الخاصة بالامتحان لضمان نجاح العملية التربوية.
ونوّه إلى: أن الوزارة ألغت أوامر رسوب التلاميذ والطلبة في المحافظات التي شهدت التظاهرات، وهذا الأمر تم بموافقة وزيرة التربية الدكتورة سها خليل العلي بك، على إلغاء جميع الأوامر التي صدرت بحق التلاميذ والطلبة باعتبارهم راسبين للعام الدراسي 2019 – 2020، في المحافظات التي شهدت تظاهرات في الفترة الأخيرة .
وأشار العزاوي إلى أن “المديرية العامة للتعليم العام والأهلي والأجنبي / مديرية التعليم الثانوي، أبلغت المديريات العامة للتربية في محافظات (بغداد، البصرة، ذي قار، ميسان، واسط، المثنى، القادسية، بابل، النجف الأشرف، كربلاء المقدسة، ديالى) بحصول موافقة العلي بك على إلغاء الأوامر التي صدرت بحق التلاميذ والطلبة باعتبارهم راسبين لهذا العام، بسبب التظاهرات التي شهدتها تلك المحافظات طيلة الأشهر الماضية، بغية إعطاء طلبتنا الأعزاء فرصة كاملة لإتمام العام الدراسي بنجاح، وهذا دليل على أننا نذلل كل الصعوبات بغية تواصل الطلبة بالدوام في مدارسهم.