‎الأزمة المالية.. سببُها الفاسدون وضحيتُها المواطنون

#خليك_بالبيت

اياد عطية الخالدي – تصوير: صباح الامارة /

يواجه العراق الذي يعد تاسع أغنى دولة في العالم من حيث الثروات الطبيعية أزمة مالية بالغة التعقيد، بعد انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا، ومع أنَّ الأزمة مؤقتة بحسب اقتصاديين الا أنّها وضعت الحكومة في نفق يصعب الخروج منه، من دون عمليات جراحية سياسية واقتصادية، حيث الخيارات المحدودة وتفرض عليها مواجهة الفساد أو الشارع الغاضب من أداء الحكومات العراقية المتعاقبة وعجزها عن وضع حدّ للنهب المستمر لموارد البلاد وسوء الإدارة.
تقول الحكومة على لسان وزير ماليتها علي علاوي، إنّ حاجة البلاد لتصريف أعمالها وتلبية المتطلبات التشغيلية تبلغ نحو سبعة ترليونات ونصف الترليون دينار، بينما لم تعد إيرادات النفط التي تعتمد عليها الحكومة بنسبة 90 بالمئة كافية لتوفير نصف المبلغ.
‎وضع سيّئ
‎ووصفت النائبة في البرلمان العراقي ماجدة التميمي الوضع المالي العراقي بأنّه سيّئ وعدّته نتاج سياسات الحكومات ما بعد 2003، وقدرت العجز في موازنة الدولة بحدود 70 مليار دولار سنوياً، لكنّها أعربت عن أملها بقدرة البلاد على تجاوز الأزمة اذا اتخذت قرارات “مسؤولة ومبدعة”.
‎وشدّدت التميمي في أحاديثها لوسائل إعلام عراقية على أهمية التفكير بلجنة مصغرة تشارك فيها الحكومة والبرلمان بهدف إيجاد استراتيجية تعمل بمسارين عاجل وطويل الأمد.
‎وتحدّثت النائبة عن ضرورة إعادة النظر في جملة من القوانين التي أرهقت موازنة الدولة، وإلى ضرورة وقف تعدُّد الرواتب، داعية إلى سياسة تغليب العقل على العاطفة.
‎وأشارت إلى أنّ رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي اتخذ جملة من القرارات الجيدة لمعالجة المرتبات العالية والمزدوجة، لكنّه لم يحولها إلى قوانين ولهذا سرعان ما جرى تجاوزها بعد خروجه من السلطة.
‎وانتقدت النائبة التميمي سياسة التعيينات العشوائية، وكشفت عن أنّ الحكومة ليست لديها بيانات كافية عن أعداد المتقاعدين أثناء اتخاذها قرار إحالة من تبلع أعمارهم ستين عاماً إلى التقاعد، ما خلق أزمة مالية واجتماعية لا بدّ من معالجتها.
‎إرادة وقناعات
‎يقول الخبير الاقتصادي خالد العضاض: في مثل هذه الأزمات فإنّ الحكومات العراقية اعتادت أن تفكّر بالحلول التقليدية، كاستقطاعات الرواتب أو الاقتراض الخارجي، وفي أكثر الحالات فرض ضرائب جديدة لكنّ هذه الضرائب لن يعود حتى نصفها إلى ميزانية الدولة، والمشكلة واضحة ومواجهتها تتطلب إرادة وقناعة سياسية، وهي ليست متوفرة في هذه الظروف والا لعمدت الحكومة إلى استعادة أموالها وهي أموال كبيرة تشكّل وحدها موازنات دول.
‎ويحذر العضاض من ذهاب الدولة إلى تعويم الدينار لأنّ ذلك أمر خطير ويزعزع الثقة بالاقتصاد العراقي ويؤثر في متطلبات الحياة الأساسية للفقراء ومحدودي الدخل بشكل بالغ.
‎لكنّ العضاض يعتقد أن أسعار النفط ستتحسن وموضوع تحسنها يرتبط بموقف الدول مجتمعة من التعامل مع جائحة كورونا التي ألقت بتأثيرها على كل الاقتصاد العالمي، لكنّ المشكلة أنّ الحكومات العراقية لا تشعر بخطورة الفساد وسوء الإدارة وغياب التخطيط الا في المطبات الخطيرة، وعندما تتجاوزها بصعوبات بالغة تعود إلى الأساليب والسياسات السابقة ذاتها.
‎قصص أغرب من الخيال
‎ويطالب الموظفون والمتقاعدون الحكومة بأن تلتزم بتعهداتها بعدم المساس برواتبهم، فليس ذنبهم أن يتحمّلوا هذا الوضع الذي وصلت إليه البلاد بسبب تفشي الفساد وسوء الادارة والنهب المنظم لأموال الدولة.
‎وتداول المواطنون قصصاً أغرب من الخيال لعمليات فساد ونهب جرت على أموال الدولة لعل آخرها قصة الحنطة التي أكلتها الطيور في أحد سايلوات محافظة النجف، وما كشف على مسامع البرلمانيين عن ضيافة الوزراء التي تكلّف عشرات الملايين من الدنانير شهريا، وتأثيث مكاتب المسؤولين بحيث بلغ تأثيث أحدها نحو 23 مليار دينار، وتضمن الموازنات ترليونات الدنانير لمشاريع لا وجود لها ولا أثر سوى صور لحفل قص أشرطتها، “فأين ذهبت تلك الأموال” هذا هو السؤال الذي لا يكفّ الناس عن مطالبة الحكومة بالإجابة عنه”.
‎وقدّم المواطنون بدائل للحكومة تُمكّنها من استعادة جزء من إيرادات الدولة المنهوبة، إذ تتسرّب أموال البلاد دون رقيب إلى جيوب الفاسدين.
‎الأموال المنهوبة
‎وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي رسالة موجّهة إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي نسبت إلى مسؤول مصرفي عرض فيها قائمة طويلة لموارد الدولة الضائعة التي تذهب إلى جيوب الفاسدين والتفكير باستردادها كفيل بمعالجة الأزمة المالية وإنعاش الاقتصاد.
‎وقال المصرفي مخاطباً رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي: نحن كشعب آثرنا مساعدتكم وكنّا للفاسدين بالمرصاد لكشف مواطن الفساد وهدر المال العام”.
وأضاف “بدلا من الاستدانة والبحث عن حلول مرتبكة ومستعجلة وغير مدروسة لحل مشكلة الأزمة الاقتصادية والمالية في العراق يمكن تصحيح مسار السياسات المالية للحكومات السابقة وتلاعب مسؤوليها بمقدرات الوطن وعائدات الدولة، بدءاً من تصحيح العلاقة المالية مع إقليم كردستان وانتهاءً بإنهاء سيطرة الأحزاب على الموارد المالية”..
‎ ولفت المسؤول إلى “أن وزارة النفط العراقية تُزوّد المصافي بمليون برميل نفط خام يوميا، وهذا النفط يُكرّر داخل المصافي، ويُحوّل برميل النفط إلى مشتقات نفطية تبلغ إيراداتها ترليوناً ومئتي مليار دينار سنويا من البنزين والكاز فقط، فأين يذهب هذا المبلغ المهول المخفي؟
‎وتساءلت أين تذهب إيرادات الهيئة العامة للضرائب وهيئة الاتصالات وشبكات الهاتف النقال وشبكات الانترنت والمنافذ الحدودية والكمارك وإيرادات المطارات والخطوط الجوية العراقية؟
‎وأين إيرادات أمانة بغداد، والمرور ووزارة الكهرباء ودائرة الماء والمجاري، والبلديات في المحافظات ووزارة الزراعة وأموال عقارات الدولة وبواخر نقل النفط؟ وعن الأموال المهدورة لشراء مواد البطاقة التموينية في وزارة التجارة وعن نفقات الوقفين السني والشيعي اللذين لديهما إيرادات تغنيهما عن أي أموال حكومية؟
‎ وقالت فكتوريا جرجيس: إنّ هذه الإيرادات لو وصلت بصورة صحيحة لخزينة الدولة لكان النفط مورداً ثانوياً للشعب العراقي.
‎وتقول مسؤولة في ديوان الرقابة المالية فضلت عدم ذكر اسمها: إنَّ الديوان يمارس رقابته على المال العام وأداء الإدارات العامة وفقاً لقانونه النافذ رقم (31) لسنة 2011 (المعدل) وهو جهة مستقلة ترتبط بالسلطة التشريعية وشخّص كل الامور التي يجري الحديث عنها بشأن موارد الدولة وأكثر من ذلك، وجميع نقاط الخلل والضعف مشخّصة في التقارير الرقابية الصادرة عنه، ولكن ما ينقصها الاستجابة الفعالة من السلطتين التشريعية والتنفيذية باتخاذ الإجراءات اللازمة في معالجتها وضمان عدم تكرارها مستقبلاً، إذ إنّ عملية الرقابة بدون متابعة لنتائجها والتصحيح تفقد قيمتها.
‎ محنة
‎وبينما تحاول الحكومة وضع حدّ للفساد المستشري الذي يلتهم وارادت العراق غير النفطية “في وقت ستحدده” فإنّها تلجأ إلى خفض رواتب الموظفين كلما وجدت نفسها أمام ضائقة مالية.
‎فتحت ضغط التظاهرات اتخذت الحكومة سلسلة من القرارات السيئة كانت تتوهم أنّها ستوقف غضب الشارع الذي ضاق ذرعاً بالفساد والفشل السياسي، وقد دفعت بقانون تقاعد عام مثير للجدل صوّت عليه البرلمان نهاية العام الفائت، إذ أحال القانون من تبلغ أعمارهم ستين عاما إلى التقاعد القسري، بهدف توفير ربع مليون فرصة عمل للشباب، لكن الذي حدث أنّ الدولة أفرغت مؤسساتها من الخبرات وتركت المتقاعدين ممن أفنوا أعمارهم في الخدمة تحت ضغط الظروف، فمنذ تنفيذ القرار توقفت رواتب المحالين إلى التقاعد وغالبيتهم لم يستلموا أي راتب منذ ستة أشهر، وأقرّ البرلمان العراقي بخطئه في تمرير هذا القانون المثير للجدل الذي ألحق ظلماً بشريحة من العراقيين يستحقون التقدير والتكريم من الدولة.
‎وقد دفعت أوضاع المحالين مؤخراً إلى التقاعد رئاسة البرلمان إلى البحث عن حلول لمعالجتها، فأعلن نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي في بيان الاتفاق مع هيئة التقاعد الوطنية على إيجاد آلية عاجلة لصرف منحة مالية شهرية لهم، وصرف مكافأة نهاية الخدمة للمستحقين بدءاً من الشهر المقبل لحين تعديل قانون التقاعد أو إنجاز معاملاتهم وصرف كامل مستحقاتهم المالية، كما اتُفق على الإسراع بإتمام معاملات الإحالة على التقاعد لأعضاء مجالس المحافظات والاقضية وفقاً للقوانين النافذة.
‎وعمل عدد من النواب العراقيين مع تجمعات نظّمها المتقاعدون على إجراء تعديلات على قانون التقاعد قبل ان يُفاجأوا بأن الحكومة التي أكدت أنّ رواتب الموظفين والمتقاعدين خطٌ أحمر قد اقتطعت نسبة من رواتبهم بما فيهم أولئك الذين يتقاضون مرتبات تقاعدية متواضعة.
‎وكانت رواتب المتقاعدين تأخرت عن موعدها، قبل أن يكشف مسؤولون عراقيون من بينهم النائبة ماجدة التميمي ‎عن لجوء الحكومة إلى الاقتراض من صندوق التقاعد منذ عام 2014 وأثناء الأزمة المالية والحرب ضد تنظيم “داعش”، وعادت الحكومة مرة أخرى للاقتراض من صندوق المتقاعدين لتمويل نفقاتها التشغيلية، ووجّهت اتهامات لهيئة التقاعد بسوء التصرف بأموال المتقاعدين، إذ لم تستثمر الأموال بالشكل الذي يعزز وينمّي أموال الصندوق.
‎جدل قانوني
‎لكنَّ قرار الحكومة بفرض ضريبة على أموال المتقاعدين أشعل جدلاً قانونياً واسعاً بشأن قانونية القرار لا سيما أنّ أموال صندوق التقاعد ليست تحت سلطة الحكومة.
‎وتساءل الاستاذ في جامعة البصرة نبيل المرسومي كيف يمكن للدولة أن تخالف القوانين التي شرّعتها؟
‎وقال إنّ الاستقطاع الضريبي لرواتب المتقاعدين مخالف تماما لقانون ضريبة الدخل رقم ١١٣ لسنة ١٩٨٢ وتعديلاته في عام ٢٠٠٤، إذ إنّ المادة ٧ في الفقرة ٦ من الفصل الرابع الخاص بالاعفاءات تنص على إعفاء مدخولات المتقاعدين من ضريبة الدخل التي تشمل الرواتب التقاعدية والمكافأة التقاعدية ومكافأة نهاية الخدمة ورواتب الاجازات الاعتيادية.
‎وأوضح المرسومي أنّ عدد المتقاعدين الذين يستلمون أقل من 500 الف دينار وغير المشمولين بالاستقطاعات الضريبية قد بلغ مليوناً وستة وثمانين ألف متقاعد الذي ذكره مدير عام هيئة التقاعد وهو رقم صحيح ودقيق ولكنّه رقم مضلل ومخادع ولا يعطي صورة واضحة عن المجزرة الحكومية غير القانونية لرواتب المتقاعدين لأنّ العدد الكلي للمتقاعدين يبلغ 4,610 متقاعد لغاية عام 2017 وإذا ما أضفنا اليهم المتقاعدين في عامي 2018و 2019 ولا سيما بعد إحالة أكثر من 260 ألف موظف إلى التقاعد في نهاية عام 2019 عقب إحالة أربعة مواليد دفعة واحدة على التقاعد فإنّ العدد الكلي يزيد على 5 ملايين متقاعد عدا إقليم كردستان وهذا يعني أنّ نحو 4 ملايين متقاعد قد شملوا بالاستقطاعات الضريبية وهم يشكّلون نسبة 80% من العدد الكلي للمتقاعدين في حين أنّ نسبة غير المشمولين بالاستقطاعات تصل إلى 20%.
‎نقص بالتمويل
‎وتقول مسؤولة في ديوان الرقابة المالية فضلت عدم ذكر اسمها إنّ إيرادات صندوق التقاعد تستحصل من الموظفين ووزارة المالية وهذه الاموال لا يجري استثمارها وبالتالي تعظيمها، ومع تزايد أعداد المتقاعدين، فإنّها لم تعد تسدّ رواتب المتقاعدين، والسبب الآخر في عجز الصندوق عن تسديد رواتب المتقاعدين هو أنّ نسبة التقاعد البالغة (10%) من راتب الموظف و (15%) من وزارة المالية التي قد تتأخر في تسديدها إلى الصندوق تفرض على الراتب الاسمي للموظف وليس الراتب الإجمالي وبالتالي فإنّ الأموال المستحصلة للصندوق لا تغطي حجم الرواتب التقاعدية.
‎ومع الأعداد الهائلة التي أضافتها الدولة إلى المتقاعدين بات من الضروري الاهتمام بأموال الصندوق ووضع نظام خاص لاستثمارها لتحقيق موارد تغطي احتياجات المتقاعدين وتكون أحد أعمدة الدعم المالي للحكومة يمكن أن تقترض منها دون التأثير على استحقاق المستفيدين (ما يشبه احتياطي طوارئ من فوائض الاستثمار) أسوة بباقي الدول التي منعت فيها الحكومات عن الاقتراض الخارجي وفوتت فرص التدخل والهيمنة الخارجية على المقتنصين والمتصيدين.
‎في غضون ذلك أعرب النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي، حسن الكعبي عن رفضه لاستقطاع رواتب الموظفين والمتقاعدين، ‎وقال الكعبي في بيان إنّه يرفض “محاولة الحكومة المساس برواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والشهداء والسجناء السياسيين”.
‎لكنّ الخبير في الشؤون القانونية، طارق حرب عدّ قرار الرفض من البرلمان لا يرتب أي التزامات على الحكومة وكان على البرلمان تشريع قانون يتعلّق باستثناء المتقاعدين والموظفين، وليس إصدار قرار لا قيمة دستورية أو قانونية له.
‎وأضاف، في إيضاح له: كان الأولى بمجلس النواب كتابة قانون يتضمن كلمتين فقط ويُقرأ قراءة أولى كمقترح قانون لإيقاف إجراءات الحكومة في استقطاع رواتب المتقاعدين والموظفين، لأنّ قرار مجلس النواب اليوم حول الاستقطاع الضريبي لا قيمة له، لأنّه قرار تشريعي.
‎وتابع حرب: هذا هو المطلوب قراءته لمقترح القانون اليوم، وبعد يومين قراءة أخرى وبعد أربعة أيام تصويت، فالعملية لا تستغرق أسبوعاً واحداً، ثم بعدها يصدر قانون ينهي الموضوع وليس قراراً أصدره البرلمان لا قيمة دستورية او قانونية له وإن كانت له قيمة اعتبارية، وكان عليهم الشروع بتشريع القانون التالي:
‎أولاً: يستثنى من ضريبة الدخل راتب ومخصصات الموظف والمتقاعد
‎ثانياً: ينفذ هذا القانون من تاريخ صدوره.
‎استغلال سياسي
‎وقال رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي لواع: إنّ “عملية الاصلاح بدأت وليس تقليل الرواتب”، مبيناً أن “بعض الكتل تحاول استغلال الاصلاح لأغراض سياسية”.
‎أشار الكاظمي إلى “عدم وجود تخفيض للرواتب وإنما عملية إعادة ترتيب أولويات الميزانية”، مؤكداً أنّه لم يتم المساس براتب أي شهيد.
‎وتابع الكاظمي أنّ مليوناً و800 متقاعد لم تمس رواتبهم، لافتاً إلى أنّه لا يوجد استقطاع في رواتب المتقاعدين وإنما 90 الف دينار ضريبة فرضت على من يتقاضى راتباً تقاعدياً بمقدار مليون ونصف المليون دينار.
‎وكان الكاظمي قد أكد مراراً أنّ “الحكومة ورثت تركة ثقيلة، واستلمت ميزانية خاوية، نتيجة سوء التخطيط والاعتماد الكلي على النفط، وشدّد على أن فرص النجاح متوفرة لبناء دولة المواطنة”.
‎ الهاجس الأوّل
‎لكنّ قانون التقاعد الموحّد يظل الهاجس الأول والأكبر بالنسبة إلى المتقاعدين ويقول المتقاعد عدنان الجابري الذي ينشط مع آخرين لتعديل هذا القانون: “إنهم يتواصلون مع مجموعة من النواب، وقد نجحوا في التوصل إلى معالجة وحلول للفقرات التي ألحقت حيفاً وأذى بالمتقاعدين”.
‎واطلعت “الشبكة العراقية” على نص التعديلات الجديدة لمقترح القانون الجديد التي تعالج جوانب من القانون الذي أقره البرلمان نهاية العام الفائت، ويتيح مقترح القانون للموظفين الذين أحيلوا إلى التقاعد بموجب المادة (1) من القانون رقم (26) لسنة 2019 المباشرة في وظائفهم وتحتسب المدة من تاريخ انقطاعهم إلى تاريخ مباشرتهم بموجب هذا القانون خدمة وظيفية بالراتب الكلي مع المخصصات والعلاوة والترفيع والتقاعد.
‎ويشتمل المقترح على صرف مكافأة نهاية الخدمة للموظف الذي يقدّم طلبا للإحالة إلى التقاعد في مدة لا تتجاوز (6) أشهر بعد إكماله سن (60) سنة ولديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (25) خمسة وعشرين سنة وتحتسب على أساس كامل الراتب الأخير والمخصصات مضروبا بـ (12) ويسري على الحالات من تاريخ (1/1/2020).
‎ويمنح المتقاعدون دون سن التقاعد امتيازات بينها إطفاء (25%) من المبلغ الكلي للسلفة والقرض المستلمة من قبلهم قبل نفاذ هذا القانون وكذلك إطفاء (50%) من المبلغ المتبقي من الفوائد المترتبة عليها، و‎تحويل استقطاعات السلف والقروض إلى الراتب التقاعدي مع تقليل نسبتها إلى ما لا يزيد على (15%) من الراتب التقاعدي.
‎يحصل المتقاعدون قبل ترويج معاملاتهم على منحة طوارئ لا تقل عن رواتب (4) أشهر من آخر راتب لهم في الوظيفة، على ان تُكرر لحين صرف الراتب التقاعدي، وتجري تسويتها لاحقاً باستقطاعها أقساطا من مكافأة نهاية الخدمة أو من الراتب التقاعدي في حالة عدم استحقاق الموظف للمكافأة، ‎وتحتسب مدة الفرق بين سن الموظف عند الاحالة إلى التقاعد بموجب المادة (4/ اولا من هذا القانون) والمادة (1) من قانون رقم “26” لسنة 2019 وسن (63) سنة خدمة وظيفية لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد، وتسري هذه المادة على الدرجات (1، 2 و 3) من جدول الرواتب الملحق بقانون رواتب موظفي الدولة رقم (22) لسنة 2008 وبما لا يتعارض مع القوانين والتعليمات النافذة.
‎ويقترح القانون المتوقع قراءته قريباً في مجلس النواب احتساب الحقوق التقاعدية استنادا إلى (آخر راتب) الذي يتحدّد بعد احتساب ما نصّت عليه هذه المادة وتكون معادلة احتساب الراتب التقاعدي للمدة المحددة بالبند (ثالثا) من هذه المادة استثناء من المادة (21 / خامسا) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 كما يأتي:
‎الراتب التقاعدي = (آخر راتبx 3.5xعدد أشهر الخدمة / 12) / 100
‎ويقول المتقاعدون: “هذا قانون جيد لكن ينبغي الاسراع بإقراره فلم تعد الناس تتحمّل أكثر”.
‎وبهذا الصدد يقول احمد الساعدي رئيس هيئة التقاعد في أحاديث لوسائل إعلام عدّة: إن (مقترح تعديل قانون التقاعد الموحّد يشتمل على مجموعة من النقاط، بضمنها تعديل السن القانونية للإحالة على التقاعد للرجال والنساء والخدمة، وكذلك السلف والقروض التي يقترضها المتقاعدون) بيد أنّ (كل القوانين التي تحتوي على أثر مالي يجب أن تأتي عن طريق الحكومة، ولكن مقترح مشروع تعديل قانون التقاعد سيرسل من البرلمان إلى الحكومة لدراسته وتوضيح الأثر المالي والجوانب الأخرى، التي تترتب عليه، ثم يصار إلى الخروج باتفاق على التعديلات لعرضها للتصويت.

النسخة الألكترونية من العدد 361

“أون لآين -4-”