حوار / هناء العبودي
مركز المتنبي الصغير هو مشروع ثقافي تعليمي ترفيهي بامتياز، الهدف منه إعداد وتأهيل طفل متعلم قادر على مواجهة الحياة بأسلوب ثقافي حضاري بأحدث الطرق العلمية. يقع في شارع المتنبي ضمن المركز الثقافي البغدادي، يعد هذا المركز طفرة نوعية بجهود ذاتية من قبل القائمين عليه، متحدّين الظروف لبناء غدِ مشرق.
للتعرف على هذا المشروع واهم نشاطاته وأهدافه حاورت مجلة “الشبكة العراقية” السيدة آمال إبراهيم، أحد مؤسسي المركز:
*بداية هل لك أن تعطينا نبذة عن المركز؟
– مركز المتنبي الصغير هو مشروع مركز (بيتا للخدمات الثقافية). و(بيتا) منظمة مسجلة ضمن المنظمات غير الحكومية. أسس هذا المركز من قبلي أنا والدكتور ميثم الحربي، ويجمع المشروع بين الشعر والترجمة والتدريس، ممزوج بالخلاصات الحياتية ونابع من مشوار طويل من المعرفة والتفكير والتمكن. تلك التجربة التي آتت ثمارها منذ البذور الأولى للنشأة (عالم الطفل) على هيئة قصيدة متناغمة الصدر مع العجز، لأن الطفل قصيدة بحد ذاته، يجب تعلم قراءتها، نتج عنها هذا المشروع الإنساني بامتياز.
* معروف أنك شاعرة، ما الصلة بينك وبين الرسم، ولماذا اخترت التعليم للأطفال وليس الكبار؟
-بالنسبة للشعر هو تجربة شخصية خاصة للتعبير، ومشاركة الآخرين التجارب الحياتية، والخلاصات الفكرية. وهذه الأمور تتأتى عن تجربة شخصية حياتية طويلة، ومشوار من المعرفة والتفكير والتمكن. عن تجربتي في المركز (مركز المتنبي الصغير)، بالنسبة للطفل هو عالم النشأة، والبذرة الأولى. عندما أنشئ قصيدة، كأنما أنشئ طفلاً، أنشئ غداً، إذ إن الطفل مسؤوليته أكبر من القصيدة، ولأن الطفل قصيدة بحد ذاته، يجب علينا تعلم قراءتها من غير تغيير.
تجربة إنسانية
*متى أسس المتنبي الصغير؟
– أسس المشروع في عام 2016، وتفتح أبوابه كل يوم جمعة بشكل مجاني، نستقبل الأطفال المشردين، وأطفال التوحد والنازحين، والمتسولين، إضافة إلى الأطفال الملتحقين بالمدارس.
*ما الغاية من تأسيس مركز (المتنبي الصغير)؟
-غايتنا من إقامة المشروع هي سد الفجوة التعليمية في المدارس، من ناحية ضعف بعض المناهج التعليمية، التي تعتمد المادة النظرية من جهة، إذ ليس كل المدارس تحظى بمدرسين مختصين، هذا فضلا عن كثرة أعداد الطلاب من جهة أخرى. والنقطة الأهم بالنسبة لنا تكمن بتوفيرنا مختبرات للغتين العربية والإنكليزية ومختبر العلوم (الفيزياء والكيمياء والأحياء والميكاترون)، فضلا عن مختبر الحاسبات وهذا تحقق نتيجة عملنا المتواصل مع المنظمات الأخرى والجهات المانحة، إضافة الى تعليم طلبتنا معنى الصداقة واحترام الاخر وأدبيات الاختلاط الصحيح بالمجتمع.
تنمية المواهب
*ما مدى الإقبال على المركز؟
– الإقبال على المركز ينقسم على مرحلتين، المرحلة التي سبقت جائحة (كورونا)، التي كان فيها المركز يستقبل من 20 – 30 طفلاً أسبوعياً كل يوم جمعة، حتى أن قسماً كبيراً من الأطفال كان يجري تعليمهم خارج المركز تحت المظلات الشمسية لكثرة أعدادهم. أما بعد كورونا، صار الاقبال ضعيفاً بسبب الأوضاع الصعبة، وخوف الأهالي على أبنائهم، ومع ذلك ظل المركز يستقبل من 5 – 6 أطفال أسبوعياً.
*ما المهارات التي يتعلمها الطفل داخل مركزكم؟
-هناك مهارات كثيرة نحاول تعليمها للأطفال، لكننا ننظر أولا الى ما يتمتع به الأطفال من هوايات او مواهب غير مكتشفة فنقوم بتنميتها وتطويرها وصقلها بالشكل الأمثل، وبشكل عام نعلم الأطفال الرسم والحياكة والخياطة والموسيقى والمنمنمات التي تصنع يدوياً وغيرها كثير، كل هذه الأمور تؤتي ثمارها أستنادا الى مدى قوة تفاعل الطفل مع استاذه، وهذا ما لاحظناه خصوصاً في أطفال (الشوارع)، فكلما كانوا متعلقين ومحبين للأستاذ كانوا اكثر حرصا واستعدادا للتعلم.
*هل يمنح المركز شهادات تقديرية للأطفال؟
– يمنح مركزنا شهادات تقديرية وجوائز وهدايا عديدة للاطفال، فضلا عن إقامة المسابقات الترفيهية والرياضية والفنية، ويقيم المركز كذلك دورات للكتابة الإبداعية، اذ تجري قراءة بعض الأعمال الأدبية العالمية المترجمة إلى اللغة العربية للأطفال، التي تسهم بدروها في تنمية ذهن وفكر الطالب وتشجعه على القراءة والكتابة وحتى التأليف.
*ما خططكم المستقبلية؟
– لدينا الكثير من الأفكار والخطط المستقبلية في مقدمتها ان نفتح مكاناً آخر للأطفال، لكي نتوسع في استقبالهم في غير أيام الجمع، وإقامة برامج استمرارية ذات تأثير أكبر على مدار الأسبوع توفر للطفل الدعم التربوي والنفسي والتحفيزي، ولاسيما تعلم الموسيقى، فالمركز بحاجة إلى متطوعين من أساتذة الموسيقى، إضافة إلى سعي المركز لإيجاد مؤهلين للحالات المستعصية من الأطفال (المهمَلين، المتسولين) لإنقاذهم من هذه الآفة الخطيرة.
جهود ساندة
*ما الجهات الخارجية الساندة للمشروع؟
– قدمنا شراكة عمل مع المجلس الثقافي البريطاني للعمل ببرنامجهم المواطنة الفاعلة 2018 -2019، الهدف منه بناء القدرات في التعليم الابتدائي والثانوي، والتعليم الدامج، وجرى تنفيذه في (14) مشروعاً مجتمعياً، وكذلك برنامج (التعليم المسرع)، ومن الجهات الداعمة للنشاطات التي يقيمها المركز، ولاسيما ما يتعلق بتوفير الكتب وادامة المركز وتجديد اثاثه، السفارتان الأسترالية والألمانية والمركز الثقافي البريطاني و(معهد كوتا). ويبقى الدعم الأهم هو مساعدة الناس الذين كانوا خير سند للمركز من اهالي الطلاب وتبرعاتهم او جهود المعلمين الشخصية في تعليم الأطفال القراءة والكاتبة تطوعا دون مقابل.