“الساكسفون”.. الآلــة التـــــــي أحدثت انقلابـــاً في الموسيقى الأوربية!

الشبكة – خاص/
يقولون إن موسيقى الساكسفون أكثر وسيلة روحيّة للتعبير عما لا يمكن التعبير عنه لفظياً بعد الصمت الطويل، باعتبارها فضيلة نغميّة تسكن الأرواح العذبة، ومرتبة من مراتب التجلي ما بين الإنسان والوجود، بين الممكن والمستحيل، لا تُصبُّ فيها المعاني كيفما اتفق، وعلى أي وجه كان، بل هي تجري فيما يشاكلها من الطبائع وأحوال الإنسان، وتوضع على هيئة مخصوصة تميل لها النفس وتقبلها الروح بأريحية.
الساكسفون، تلك الآلة الموسيقية الثورية التي أحدثت انقلاباً في عالم الموسيقى، ولاسيما في مجالي الجاز والبلوز، بفضل مكتشفها الموسيقار البلجيكي (أدولف ساكس)، الذي وُلد في مدينة (ديانت) على ضفاف نهر (موز)، وخُلدت له فيها منحوتة مذهلة مع أبواق موسيقية عملاقة تقف شامخة في الشوارع لتُعرف المارّة والسيّاح بموطنها الأصلي.
عقدة الشعبية والرفض
“شخصياً، اعتبر الساكسفون من الآلات التي أحدثت انقلاباً ونقلة نوعية في الموسيقى الأوربية بعد سلسلة طويلة من حقب إثبات الذات”.. بحسب تعبير المُلحن المُغترب في بلجيكا حسين ناصر.. الذي قال:
“هي تحظى في أوربا والشرق باهتمام بالغ، وتعتبر عماد العمل الفني وروح النص، لكن الغريب هو أن تلك الآلة الموسيقية النحاسية التي أحدثت ثورة في الجمال النغمي وموطنها الأصلي مدينة ديانت التي تعد من أجمل مدن أوربا، كانت قد عانت من رفض الموسيقيين التقليديين في فرق الأوركسترا لها، تجنباً لعبء التعلم عليها وإتقانها، وأيضاً لارتباطها في الأذهان بالموسيقى الشعبية، علماً بأن أدولف الذي عشقها حدّ الجنون، كان قد وهبها اسمه، كما أن هذه الآلة والآلات النحاسية التي صممها لم تجد طريقها بسهولة إلى المؤلفات الكبرى للموسيقى الكلاسيكية، بل عانت كثيراً، إذ تطلب الأمر وقتاً قبل أن تدخل إلى الفرق الموسيقية، لتستقر بعد ذلك مع تقادم الزمن لتأخذ مكانتها الرصينة.”
خيال حيّ لا يقاوم
الرحالة والأديب العراقي المُغترب باسم فرات اعتبر أن علاقة الموسيقى بالغربة تُشبه علاقة العصافير بالأوطان.. أضاف قائلاً:
“الموسيقى عالم من الخيال الحيّ، أنا شخصياً حين لم يمض عام ونصف على وصولي لاجئاً، حتى حصلت على تذكرة مجانية لحضور أول حفل موسيقي عزفوا فيه روائع الموسيقى والسمفونيات العالمية، كنت مبهوراً وفرحاً، وكأن هذه التذكرة كانت دفعاً قويّاً لي للإيمان في داخلي بأني سأحقق ما أريد، بل شاءت الأقدار بعد أربع سنوات أن أقيم أمسية شعرية موسيقية في المكان نفسه، وهي الأكبر في حياتي، وفيها جنيتُ من قراءتي للشعر مبلغاً جيداً هو ثمن تذاكر الذين حضروا ليستمعوا لقصائدي.”
تراث يصارع الزمن
عازف الجاز العراقي المغترب هافال يوسف.. اعتبر الساكسفون من آلات التراث التي مرت بمراحل وعثرات تاريخية صعبة في أوربا ريثما أخذت مكانها، يكمل:
“باعتباري عاشقاً للتنوع الموسيقي وتراثه المعتق، كلما زرت مدينة ديانت ذهبت باتجاه منطقة الآلات الموسيقية العملاقة المنتشرة على طرفي الشارع، حيث يجلس مخترعها ساكس بكل هدوء وجمال، وبالمناسبة فإن الساكسفون، تلك الآلة النغمية المتطورة والحديثة، هي في الحقيقة بدأت بمشقة كآلة نفخ أسطوانية تصويرية تنتمي الى عائلة آلات النفخ الخشبية، وكان جسمها يحتوي على عشرين ثقباً يكون التحكم بها عن طريق مفاتيح، ويختلف استعمالها من عازف الى آخر بحسبِ الطبقات الصوتية.”