السود يخترقون جدار الأوسكار

ترجمة: آلاء فائق/

بعد ردة الفعل العنيفة التي أبدتها حملة هاشتاك Oscars So White في العام 2016، أي بعد مرور عامين على اتهام الأوسكار بأنها متحيزة للممثلين من ذوي البشرة البيضاء، أعادت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة النظر بتوزيع جوائزها هذا العام، فبدأت بفطام الممثلين من ذوي البشرة البيضاء من حصد كل جوائز أكاديميتها، لتمنح قسماً منها لعدد قليل من الممثلين السود، بعدما كان البيض يظفرون بكل الجوائز.

نسب التصويت

وبالفعل وجهت الأكاديمية دعوة لعدد كبير من الأفراد من أقليات عرقية للانضمام لعملية التصويت، ما أثر على نسب التصويت لهذا العام فأصبح الفرق طفيفاً عما كان عليه في السنوات السابقة.

شهد مسرح دولبي حفل توزيع جوائز الأوسكار بنسخته الـ89، في شباط الماضي، والذي يعد أكبر مهرجان سينمائي في الولايات المتحدة الأميركية والعالم.

وقام جيمي كيميل المنتج الأمريكي ومقدم البرامج المشهور بتقديم مراسم حفل توزيع الجوائز، وكان من أبرز الفائزين فيلم «La La land» والذي حاز على 6 جوائز، وفيلم “ضوء القمر” الذي حصد 3 جوائز، فيما ذهبت جائزتان لكل من فيلم “مانشستر باي نايت” وفيلم “هاكسو ريدج”.

وبرغم تقارب نسبة التنافس بين «La La land» الفيلم الأكثر ترجيحاً للفوز بالأوسكار وفيلم “ ضوء القمر” ، إلا أن الأخير ظفر بالأوسكار هذا العام، وقد يكون لتنوع أعضاء الأكاديمية أثر في ذلك.

ضوء القمر

فبعد إعلان الممثل والمنتج الأمريكي «وارين بيتي» فوز الفيلم الموسيقي «La La land» بجائزة أفضل فيلم سينمائي، وبعد تسلّم صنّاعه الجائزة، اكتشفوا أن فيلم “ ضوء القمر” هو الفائز بالجائزة، الأمر الذي جعل فريق عمل «La La land» الذين حصلوا على ست جوائز من بين 14 ترشيحاً، يتركون الجائزة لصنّاع فيلم “ضوء القمر”، وينزلون من فوق المنصة.

وفي محاولة للسيطرة على الموقف، قال مُقدم الحفل الإعلامي الأمريكي جيمي كيميل مازحاً “لا أعلم ماذا حدث، ولكن كنت واثقاً من أني سأفسد هذه الليلة”.

يعتبر “ضوء القمر” واحداً من الأعمال السينمائية الاستثنائية، وقد تكون ثيمة الفيلم التي تدور حول نشأة صبي بحي ليبرتي ستي المعروف بتخبطه بالفقر والعنف ودوامة المخدرات ودخوله مرحلة الرجولة وجودة التصوير السينمائي وأداء الممثلين الرائع قد أثّر بشكل كبير على المصوتين .

كما يتميز الفيلم بواقعية معالجة مشكلتي التفرقة العنصرية وتعاطي المخدرات. ومن المواضيع التي يطرحها الفيلم أن الإنسان قادر على التغلب على خصومه وعلى تغيير واقعه. وقوبل هذا الفيلم بثناء إجماعي من نقاد السينما، وحصل على معدل 98 بالمائة في موقع “الطماطم الفاسدة” الذي يضم أكبر عدد من نقاد السينما الأميركيين، وهو من أعلى المعدلات التي سجلتها أفلام العام 2016. واقتصرت تكاليف إنتاج هذا الفيلم على خمسة ملايين دولار، فيما بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 12 مليون دولار.

وقد نال “ضوء القمر” أوسكار أفضل سيناريو مقتبس من مسرحية لتاريل ألفين ماكراني بعنوان “الأولاد السود يظهرون باللون الأزرق في ضوء القمر”. استلهم مؤلفها أحداثها من حياته كشاب مثلي في حي ليبرتي سيتي، ميامي، فلوريدا. وهذا الفيلم من الأفلام المستقلة، وهو فيلم دراما وكوميديا دراما  وهو الفيلم الروائي الطويل الثاني للمخرج باري جينكنز.

بيض وسود

قد يكون المناخ السياسي الغالب في الولايات المتحدة حالياً جعل بعض المصوتين يشعرون أنه قد آن الأوان لمنح الجائزة لعمل مهم، فبرغم جودة وتميز « La La Land “، فإن بعضهم قد التمسوا أنه براق أكثر من اللازم أو يحتفي بالسينما أكثر مما ينبغي. فيلم “مونلايت” تدور أحداثه حول تقبل المجتمع للاختلاف بين الأعراق، كان صاحب رسالة أكثر من فيلم يقدم المتعة والترفيه لعشاق السينما.

أول جائزة لمسلم

وفيما يخص توزيع الجوائز، فقد ذهبت جائزة أفضل ممثل مساعد لماهيرشالا علي عن دوره بفيلم «ضوء القمر” وأصبح بذلك أول مسلم يفوز بأوسكار فئة التمثيل، وجائزة أفضل ممثلة مساعدة لفيولا ديفيز، عن دورها بفيلم “فينسيس”، بينما حصد الممثلون البيض كالعادة جوائز أفضل ممثل وممثلة.

اعتبر عدد من كبار أعضاء الأكاديمية أن محاولة وضع الممثلين السود ضمن تصنيفات الممثلين الثانويين هي أفضل وسيلة لفطم الممثلين البيض، بدلاً من ذهاب كامل جوائز الأوسكار للبيض وكأن الجائزة “ديك رومي بارد”.

مع ذلك، لم يرحب جميع أعضاء الأكاديمية بالخطوة، فأحد أفرادها الساخطين حاول وبشكل واضح تخريب حفل التوزيع لدى محاولته دس ظرف يحتوي على جائزة أفضل صورة لفيلم La La Land في أيدي وارن بيتي بدلا من منحها للفائز الحقيقي في فيلم ضوء القمر.