محسن حسن /
لعب القدر دوره الكبير والمفاجئ في دخولها عالم الفن والتمثيل، فخلال قيام المخرج المصري الكبير(علي بدرخان) بتجهيز شخصيات فيلمه(الراعي والنساء)، المأخوذ عن قصة(جريمة في جزيرة الماعز) للكاتب الإيطالي(أغو بيتي)، احتاج إلى فتاة صغيرة تقوم بالتمثيل أمام الفنانتين سعاد حسني ويسرا، والفنانين أحمد زكي وأشرف فارس، فقد وقع الاختيار عليها لتقوم بدور(سلمى)، الابنة المراهقة الوحيدة لأمها.
وبتحقيق النجاح في أداء هذا الدور، رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها، استطاعت أن تشق طريقها الفني ببراعة كبيرة، بعد اقتناع كبار المخرجين، أمثال مجدي أبو عميرة وإنعام محمد علي وإسماعيل عبد الحافظ، ومخرجين آخرين، بموهبتها الفنية، فقدمت العديد من الأدوار المتنوعة في مسلسلات مثل: دور(عزيزة) في مسلسل (قصة مدينة1995)، ودور(رانيا) في مسلسل (جمهورية زفتى 1998)، ودور(روحية) في مسلسل (أم كلثوم1999)، وأدوار أخرى عديدة في مسلسلات: قاسم أمين، قصة الأمس، العيش والملح، ذئاب الجبل، وأخيراً دور(ماجدة فضل الخولي) المختلف في مسلسل (قيد عائلي2019)، إنها الفنانة ميرنا وليد، الممثلة المصرية من جذور لبنانية، التي خصت مجلة “الشبكة العراقية” بهذا الحوار :
* بين لبنان ومصر، كيف بدأت رحلتك الفنية في القاهرة؟
ــ والدتي كانت السبب وراء حضوري إلى القاهرة، واستقراري في مصر؛ ففي الفترة التي تلت فقدان أبي، بعد إصابته ووفاته في الحرب الأهلية اللبنانية، كان يتردد على بيتنا العديد من المشاهير والنجوم باعتبارهم أصدقاء لوالدتي الفنانة والمطربة (افتخار)، وكان من بينهم المخرج المصري (علي بدرخان)، الذي اختارني كبديلة للفنانة شريهان، للمشاركة في فيلم (الراعي والنساء) بناء على رغبة الفنانة الكبيرة الراحلة (سعاد حسني)، بعد ذلك كان الاستقرار في مصر والدراسة في المدارس المصرية، ثم في المعهد العالي للسينما، ومن ثم انطلاقتي نحو الشهرة الفنية في الدراما التليفزيونية على وجه الخصوص.
* ما حقيقة قيامك بالتجهيز لاستعراض فني وغنائي مع أحد فناني الهند؟ وما الجديد في هذا الإطار؟
ــ بالفعل كنّا قد بدأنا التحضير للمشاركة في افتتاح أحد المهرجانات الهندية أنا والفنان الهندي زين إمام، وهو عبارة عن فيديو كليب مشترك يعكس الثقافتين المصرية والهندية، ويرصد بعض الملامح الأثرية والسياحية للبلدين، لكن للأسف الأعمال متوقفة في الوقت الحالي نتيجة سوء الأوضاع الصحية في الهند، التي أدت إلى تأجيل المهرجان.
* وماذا بخصوص الأعمال السينمائية.. هل هناك جديد تستعدين لتقديمه خلال الفترة القريبة المقبلة؟
ــ هناك أحد الأفلام الكوميدية التي أستعد لتسجيل ظهور فني جديد من خلالها، واسم الفيلم حتى هذه اللحظة هو (لَوي دراع) من إخراج الأستاذ (تامر حمزة) وحوار الأستاذ (يوسف القاسم)، وبالنسبة للأبطال فنحن حالياً نعمل على ضبط النص لنبدأ في التصوير خلال أيام بعد تحديد الشخصيات والممثلين والممثلات.
* هل الدور بالنسبة لك مختلف هذه المرة عن الأدوار السابقة؟
ــ صحيح، دوري في هذا الفيلم مختلف كثيراً عن الأدوار السابقة؛ فهنا أنا لست ميرنا الدلوعة الرومانسية التي ظهرت في (ذئاب الجبل) و(قصة الأمس)، ولا ميرنا الشريرة التي ظهرت مؤخراً في مسلسل (قيد عائلي)، وإنما هناك شخصية ثالثة بين هذين النمطين من الشخصيات، ولهذا أحببت الدور لأنه يقدم جديداً بالنسبة لي وبالنسبة للجمهور أيضاً.
* بين البدايات الأولى لك في فيلم (الراعي والنساء) عام 1991، وحتى الآن، ما الذي تغير في قناعاتك وأفكارك بخصوص الفن وعالم الفن؟
ــ دعني أكون صريحة معك ومع القراء الأعزاء، هناك أشياء أراها تغيرت نحو الأحسن، وهناك أشياء أخرى تغيرت نحو الأسوأ؛ فالذي تغير نحو الأحسن هو تكنولوجيا الدراما والسينما وتقنيات الإخراج والإنتاج، كما أن أفكار الناس أصبحت أكثر انفتاحاً بفعل الجرعة الكبيرة والمكثفة من النقد الجماهيري والمتخصص، وهو ما ينعكس بدوره على الإخراج، وأيضاً على التصوير الذي أصبح يملك روحاً متجددة وجودة أعلى في منطوق الصورة الدرامية والسينمائية، فبعد أن كنّا نقوم بالتصوير عبر الأفلام الخام، أصبحت التقنيات الآن أكثر مرونة وانسيابية وابتكاراً، كما أن الديكورات أصبحت الآن تمثل بعداً أساسياً من أبعاد العمل الفني بخلاف الزمن الماضي، لكن للأسف الشديد أصبحت الموضوعات التي يجري تناولها في الدراما أو في السينما حالياً أقل جودة من أن تناسب هذا التقدم الهائل في التقنيات الفنية والأدوات، فقديماً كنّا نمتلك عمقاً في الطرحين الدرامي والسينمائي، إلى جانب العمق والتأني في اختيار وانتقاء الموضوعات التي نعمل عليها.
لكن رغم ذلك، فأنا على ثقة كاملة، بأن الفرصة لا تزال أمامنا للتعديل وتقديم أعمال عملاقة وخالدة في الدراما التلفزيونية وفي السينما.
* لكن برأيك ما الذي أدى إلى تراجع المحتوى الموضوعي للأعمال الدرامية في التليفزيون والسينما؟
ــ الذي أدى إلى ذلك هو الانسياق وراء الرغبة في إنجاز أكبر كم من الأعمال دون الاهتمام بالنوع، فعلى مستوى كتابة النص كان المؤلف الأصيل يظل على مدار العام والعامين يكتب عملاً واحداً حتى ينتهي منه، بينما الآن يكفيهم عمل ورشة من عشرة مؤلفين أو أكثر للانتهاء من كتابة العمل في وقت قصير جداً، وبالتالي يخرج العمل مسخاً وبلا روح واحدة.
* على ذكر الراعي والنساء، قيل إن بداياتك الأولى في هذا الفيلم كانت صعبة وشاقة في مواجهة نجوم العمل وقتها: سعاد حسني، أحمد زكي، يسرا وغيرهم.. ما تعليقك؟
ــ هي في الحقيقة ليست صعوبة بالمعنى المتعارف عليه، إنما كانت بداية مغلفة بالاندهاش والانبهار بهؤلاء النجوم، ولاسيما الفنانة الكبيرة سعاد حسني، التي لم أكن أحلم مطلقاً أن أقابلها وأتحدث إليها قبل هذا العمل، حتى أنني في أول يوم للتصوير وقبل أول مشهد، دخلت عليها حجرتها وسلمت عليها، وكانت تكلمني وأنا من شدة انبهاري بها لم أكن أرد عليها نتيجة الذهول والشرود.
* لكن كيف تعاملت مع نجومية سعاد حسني رغم انبهارك الشديد والمربك بها؟
ــ ما لا يعرفه الكثير من الناس، أن سعاد حسني هي عشقي الأول والأخير، وكان حبي لها ورغبتي في الاقتراب منها والتقرب إليها، هي الأسباب والدوافع وراء قبولي العمل في هذا الفيلم، ولم يكن السبب أبداً هو رغبتي في أن أصبح نجمة سينمائية أو تليفزيونية، كل ما كنت أبحث عنه وقتها هو أن أرى سعاد حسني وجهاً لوجه؛ وبمنتهى الصراحة، لقد كان فيلم الراعي والنساء من أكبر ضربات الحظ التي سعدت بها في حياتي!! وكانت فترة تصويره في محافظة الفيوم من أجمل الفترات التي عاصرتها بنفسي وروحي.
* وأنت تتحدثين إلى صحيفة عراقية، هل زرت العراق من قبل؟ وما طبيعة علاقاتك في الوسط الفني مع العراقيين ومع غيرهم؟
ــ للأسف الشديد لم تتح لي من قبل فرصة زيارة العراق، البلد العظيم الذي ما زلت أتمنى من كل قلبي أن تتاح لي فرصة زيارته في يوم من الأيام، لاسيما وأن العراق من أعظم وأقوى دول المنطقة على الإطلاق، ومنذ صغري وطفولتي في لبنان وكلمة العراق كانت تتردد كثيراً في أذني وعلى ألسنة من حولي.
* على ذكر العراق ولبنان، كيف ترين مستقبل هذين الوطنين في ظل تراكم الأحداث والتداعيات؟
ــ لا أرى إلا كل الخير لهذين الوطنين والبلدين العظيمين؛ فالعراق عَلَّمَنا تاريخياً أنه كان دوما يخرج عزيزاً قوياً منتصراً من كل كبوة أو أزمة يتعرض لها، وشعب العراق من الشعوب الأبية المثقفة التي تحمل دائماً مشاعل التنوير والآداب والعلوم إلى كل الدنيا، والعراق كبلد لا يقبل أبداً الاستسلام للضعف والتراجع، وما يحدث فيه من أزمات حدث في غيره، وحتماً سيعود لمكانته اللائقة في الصدارة كما كان من قبل. أما لبنان فإن الحديث عنه ذو شجون؛ وما يحدث في هذا البلد هو بكل صراحة يمثل(وجعاً في قلبي)، لأن الشعب اللبناني من الشعوب المحبة للحياة، ولا يستحق أن يتعرض وطنه إلى هذا الكم من المحن المتكررة؛ فقد تحول لبنان إلى ساحة صراع ضبابية، بحيث لا تعرف مَن يحارب مَن،
ومِن أجل ماذا؟، وللأسف الشديد، العدو عندما يكون واضحاً ومن خارج الوطن تستطيع مواجهته، لكن لبنان يعاني بسبب الصراع الداخلي بين الفرقاء وأصحاب المصالح، والذين تربطهم علاقات مشبوهة مع الخارج.
* في الختام، ما أهم أمنياتك للفن والفنانين العرب؟
ــ أتمنى من كل قلبي أولاً وقبل كل شيء، أن يعود الوئام والاستقرار والأمن والأمان للشعوب العربية كافة، وللعالم أجمع بصفة عامة، كما أرجو أن تعود رسالة الفن الخالد مجدداً إلى الواجهة والصدارة، ولاسيما نحن نحتاج إلى هذه الرسالة في استعادة روح الزمن الجميل لتقديم النماذج الراقية للأجيال القادمة.